مما ألفه المؤلف نفسه لأبي الجيش مجاهد.
فرد الدنانير وغيرها ..
رجع له كل الهدايا التي أرسلها، وقال: كتاب ألفته لينتفع به الناس وأخلد فيه همتي أجعل في صدره اسم غيري وأصرف الفخر له، والله لو بذل لي الدنيا على ذلك ما فعلت ولا استجزت الكذب.
لأني لم أجمعه له خاصة بل لكل طالب.
يقول ابن حزم: فاعجب لهمة هذا الرئيس وعلوها واعجب لنفس هذا العالم ونزاهتها.
الحقيقة النماذج كثيرة جدا، من هذه النماذج مثلا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى لما ترك البلد وكان سر ذلك أن خالد بن أحمد خليفة ابن طاهر سأله أن يحضر منزله فيقرأ التاريخ والجامع على أولاده، فامتنع الإمام البخاري من ذلك، وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم آخرين.
فاستعان خالد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل بخارى، حتى تكلموا في مذهبه فنفاه عن البلد فدعا عليه.
من ذلك أيضا ما جاء في ترجمة الخطيب البغدادي: أنه دخل علي بعض العلوية، وفي كمي الدنانير –في جيبه دنانير- وقال للخطيب: فلان يسلم عليك ويقول لك: اصرف هذا في بعض مهماتك، فقال الخطيب: لا حاجة لي فيه وقطب وجهه، فقال العلوي: كأنك تستقله؟
ونفض الجيب أو الكم.
ونفض كمه على سجادة الخطيب، وطرح وكأنه يقول له: أتحسب أن ما أعطيه لك قليل.
وأخرج له الدنانير الذهبية على الحصيرة التي يجلس عليها، وقال له: هذه ثلاثمائة دينار.
فقام الخطيب محمرا وجهه وأخذ السجادة وصب الدنانير على الأرض وخرج من المسجد.
فقال أحد تلامذة الخطيب: ما أنسى عز خروج الخطيب وذل ذلك العلوي.
وهو قاعد على الأرض يلتقط الدنانير من شقوق الحصير ويجمعها.