كان يقول رحمه الله: أحب أن أكون في موضع لا أعرف ولا أستذل.
يعني هم لأنهم بسبب أنهم لا يعرفونه ممكن أن يعامل بما لا يليق بقدره.
وقال ابن مهدي: سمعت سفيان الثوري يقول: وددت أني أخذت نعلي هذه ثم جلست حيث شئت لا يعرفني أحد، ثم قال: بعد أن لا أستذل.
يعني بشرط: ألا أستذل
ولشدة حذره من الذلة كان يسكن بين معارفه من الناس الذين يعرفون قدره، قال رحمه الله: لولا أن أستذل لسكنت بين قوم لا يعرفونني.
ولما قدم المدينة الخليفة المهدي أقبل الناس عليه مسلمين، فلما أخذوا مجالسهم جاء مالك –بعدما جلس الناس في المقاعد أو في الأماكن- فقالوا: اليوم يجلس مالك آخر الناس-الإمام مالك جاء متأخرا عن باقي الناس- فلما دنا ورأى زحام الناس وقف.
فأبى الإمام مالك أن يجلس فيما لا يليق بقدره.
فهذا ليس غرورا معرفة قدر النفس.
فلما رأى ازدحام الناس وقف وقال: يا أمير المؤمنين، أين يجلس شيخك مالك؟
فناداه المهدي: عندي يا أبا عبد الله.
فتخطى الناس حتى وصل إليه، فرفع المهدي ركبته اليمنى وأجلسه بجانبه.
بهذه العزة أجاب العالم الضرير المحدث معاوية محمد بن هارون الرشيد لما صب الماء على يديه.
-يعني الخليفة هارون الرشيد صب الماء على يدي معاوية.
وبعدما فرغ أخبره بأنه هو الذي صب الماء على يديه، فبماذا رد هذا الإمام؟
قال: إنما أكرمت العلم يا أمير المؤمنين.