ابنه وأنا حر فيه يضربه يعذبه يعمل له عاهة إلى آخره، ليه لأنه لا يفهم أن هناك سلطة أعلى منه سلطة الشريعة تهذب سلوكه وتجعل العقوبة ليست انتقامًا من الطفل.
لكن الموضوع كله بيدور حول أين تكون مصلحة الطفل ففي حالة معينة قد يكون هناك طفل لا يصلحه إلا نوع من الشدة، طبعًا بشروط ليس الهدف الانتقام الطفل غير مكلف، فاحنا كل الموضوع ما الذي يحسب القرارات أن يصب في مصلحة الطفل، فكل القاعدة تدور حول مصلحته فالشريعة منحازة تمامًا إلى مصلحة الطفل، منحازة لمصلحة الطفل تمامًا لأنه لا يضمن التعبير عن نفسه، ولا يطالب بحق.
ولذلك جائت هذه الإجراءات، فالشريعة عطلت ما كان عليه الجاهلية من أن حق الحضانة يرجع للعصبة أو الأب والعصبة بتاعة الأب، فجاء الإسلام فعدل هذا الأمر وأصلحه وجعل الحضانة من حق الأم في غاية الواقعية، فينظر أين المصلحة.
فالأصل في فترة الصغر التي فيها الرضاع والعناية بنظافته وكذا وكذا بتكون الأم، فيبقى انتهاء سن الحضانة مع الأم، فإذا كبر واحتاج إلى عناية الأب به فتنتقل الحضانة إلى الأب شيء منطقي جدًا، يقول وجعلها من حق الأم لأنها منبع الحنان والعواطف فقرابتها والتصاقها بالإبن أكثر من الأب.
بل جعل الإسلام الأولية بالحضانة بعد الأم لمن له صلة أقرب للأم فمثلاً، جدته لأمه أولى بالحضانة من جدته لأبيه، وخالته أولى من عمته لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» (?) عبرت إحدى الصحابيات أجمل تعبير عن حقها في الحضانة بعدما طلقها زوجها وأراد أن ينزع وليدها منها فقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» (?) يعني ما لم تتزوجي، لأن الأم في هذه الحالة ستنشغل بواجبات الزوج فيكون على حساب الطفل.