ثبوت الحق للجنين في الوصية متى خرج حيًا، وقد تحقق وجوده حيًا في بطن أمه عند الوصية، حيث يحفظ له المال الموصى به إلى حين ولادته حيًا حيث يقول وليه بحفظه حتى بلوغ الطفل سن الرشد.
لقد قلبت الشريعة الإسلامية المفاهيم الجاهلية رأسًا على عقب فحلت الرحمة مكان القسوة، والعداله محل الظلم ونفضت الغبار الذي تراكم على فترة الجاهلي فجعلته يبصر طريقه بكل جلاء ووضوح فحلت الرابطة الروحية بين الآباء والأبناء محل الرابطة النفعية المادية التي كانت سائدة عند الأمم القديمة، والتي عبر عنها أحد الأعراب الجاهليين أبلغ تعبير عندما زفت إليه البشرى لميلاد بنت له فقال ما هي بنعمة الولد نصرها بكاء، وبرها سرقة.
وهذا من خصائص الجاهلية بغض ولادتة البنات، هذه من خصائص أهل الجاهلية فكان لما بشر بأنثى، قال ما هي بنعمى الولد نصرها بكاء يعني إذا أرادت أن تنصرني فإنها لا تستطيع حمل السلاح وإنما سلاحها أن تبكي، وتنتحب وبرها سرقة يعني إذا أرادت أن تبر أباها وتصله بالمال فإنها تسرق من مال زوجها يقول الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)} (?).
بل إن العربي في الجاهلية كان يرى من كمال رجولته إطالة العبوس تكشير، مع حدة في الطبع عند تعامله مع أولاده، حتى أنه كان يرى أن تقبيل الأولاد مؤشرٌ على ضعفه خاصة إذا كان يحتل مكانة قيادية بين قومه.
فهذا أحد زعماء قبيلة تميم الأقرع بن حابس الذي وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد فتح مكة وحنين والطائف وهو من المؤلفة قلوبهم لكن قد حسن إسلامه، فالأقرع بن حابس دخل على نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - فاستنكر عليه تقبيله حفيده الحسن بن علي - رضي الله عنهما - لأنه كان يرى أن هذا التصرف لا يليق بعظمة بقائد الدولة الإسلامية، فقال الأقرع مخاطبًا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال: أتقبلون صبيانكم إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهم، كأنه نوع من الكبرياء ولا يليق بقائد وزعيم أن يفعل هذا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ