المحيطين به من خلال تقليد سلوكهم، وحركاتهم، فالطفل يبرمج سلوكه ويبني اتجاهاته بنسبة 70% عندما يصل إلى السنة السابعة من عمره، فهو يمتص من المحنكين المحيطين به.

وهذا ما أشار إليه حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» (?).

فإذا كان الطفل من خصائصه التقليد، لكن لازم نفهم أيضًا أن الإنسان لا يقلد إلا من يحبه ويحترمه، ويقدره، نحن نراه حتى في الكبار في الشباب يقلد لاعبي الكرة، أو كذا أو كذا من المشاهير من شدة الحب، والإعجاب به، فنفس الشيء الطفل لا يقلد ولا يقتدي إلا بمن يعجب به، أو يحبه، فلذلك ينبغي أن يهتم الآباء بتحسين سلوكهم أمام أعين الأبناء، حتى يكون الأب مصدر قدوة لابنه، خاصة في المراحل العمرية المتقدمة بعد سن الخامسة فما فوق.

فالإنسان جبل على تقليد من يحب ومن يكسب إعجابه، إن الأب القاسي المتسلط لا ينقل لأبنائه غير الاضطهاد، وإن قلده الأبناء لاحقًا فمن باب إفراز الاضطهاد الطفولي، ليس إلا ولذلك كان لزامًا على الآباء والأمهات أن يكتسبوا ثقة أبنائهم، ومحبتهم، لينالوا فيما بعد إعجاب أبنائهم، ولا شك أن كل مسلم يعد قدوته العظيمة وأسوته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتبعه ويقتدي به لأنه يحبه ويقدره ويجد حلاوة في اتباعه ومحبته كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» (?).

فالمحبة مرتبطة بالاتباع والاقتداء، أيضًا كلما كانت علاقة الطفل بوالديه طيبة كلما نزع للاقتداء بهما وتقليد سلوكهما وعد ذلك عين الصواب، كلما فسدت العلاقة بين الطفل والوالدين كلما نزع لمعاندة سلوكهما ومعارضته، وهو يرى أن ذلك عين الصواب، وبالتالي يبدأ يحصل عنده انحراف وحيرة، كذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015