هل خرج إنسانًا عنده الاستعداد لكن صار يصرخ كالحيوانات مجرد تقريب للفكرة؛ فهو لا يكون إنسانًا إلا إذا رباه إنسان.
وكما قلنا إن الخطوط العريضة في شخصية الطفل تُرسم في السنوات الست الأولى من عمره وهو يولد لكن أول ثلاث سنوات هذه مرحلة ولادة ثانية لهذا الإنسان الفترة التي نغفل عنها تمامًا ولا نعطيها أي قدر من الاهتمام، لا شك أن مهمة الأسرة التربوية في ظروفنا الراهنة تقابلها تحديات جسام بالذات الآن في عصر العولمة؛ لأن العولمة أصبحت تهمش سلطان كثير من المؤسسات التربوية، همشت الأسرة، المدرسة، المجتمع؛ لأن العولمة بتشجع على التمرد على الأعراف وتوسع جدًا دائرة الخيارات الشخصية ودائرة الحرية الفردية باعتبارها وليدة العالم الرأسمالي الذي يقوم على الفَرْدَانية المحور الفرد نفسه أن يستوفي احتياجاته واختياراته.
وإذا نظرنا للأمة الإسلامية فالثروة العظمى التي تملكها الأمة الإسلامية لا تتمثل للأسف طبعًا في التقدم العلمي التقني ولا في الثروات المادية في المقام الأول، بل هي أعظم ثروة تملكها الأمة الإسلامية هي في أمرين
أولاً: المنهج الرباني الذي كرمها الله - سبحانه وتعالى - به.
ثانيًا: العنصر البشري المتعاظم؛ فالمسلمون كموارد بشرية يملكون أو يمثلون تقريبًا خمس أو ربع سكان العالم كموارد بشرية هذه جناحًا آخر من الثروة الإسلامية التي يعمل لها أعدائها ألف حساب، ومع وجود هذه التحديات إلا أن الأسرة تعتبر أهم مؤسسة تربوية على الإطلاق رغم المزاحمة والمنافسة لكن لا تزال الأسرة المحضن الأول التي تحضن الطفل في المرحلة الأولى هي مرحلة الطفولة الباكرة التي هي أخطر سنوات عمره.
الأسرة هي الحصن الأخير الذي لا يزال لأهله نوع من السيطرة عليه وإذا كانت البشرية تتقدم في التقنية لكن تقدم الأخلاقيات والسلوكيات إما أنه بطيء وإما أنه معدوم.