لقد قاوم الأحبار والكهنة المسيح على اختلاف فرقهم، عدا فرقة الأسنيين، فقد هالهم أن يختلط بموظفي الإمبراطورية الرومانية المبغضين، وبالنساء ذوات السمعة السيئة: "وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه، ليسمعوه، فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين: هذا يقبل خطاة ويأكل معهم".
ولهذا كان كهنة الهيكل وأعضاء السنهدرين يرقبون نشاطه بعين الريبة، ويرون في هذا النشاط ما كان يراه هيرودس الملك في نشاط يوحنا المعمدان، وظنوا أنه ستار يخفي تحته ثورة سياسية ضد الإمبراطورية الرومانية، وكانوا في حرصهم على مراكزهم الاجتماعية والدينية يخسون أن يتهمهم الحاكم الروماني بأنهم يتحللون مما هو مفروض عليهم من تبعات، ليحافظوا على النظام الاجتماعي والسياسي، "وأرسلزا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يمسكوه بكلمة حتى يسلموه إلى حكم الوالي وسلطانه".
ومما زاد في ارتباهم في قوله: "أما تنظرون جميه هذه. الحق أقول لكم: إنه لا يترك حجر على حجر لا ينقض". على أن المسيح كان يقصد بقوله هذا انبثاق الإنسان إلى نور الإيمان الكامل وصدق الاستمساك بروح الشريعة عن يقين، لا بطقوسها.
موقف علماء القرن العشرين من المسيح:
كتب هرمان ريماس Herman Reimarus أستاذ اللغات الشرقية في جامعة كامبردج مخطوطات عن حياة المسيح تشتمل على 1400 صفحة حرص على ألا ينشرها في حياته، وتوفى سنة 1768 م.
وبعد ست سنين من وفاته نشر جتهولد لسنج Gotthold Lessing أجزاء من هذا المخطوط مع معارضة أصدقائه في هذا النشر، وسماه "هتامات ولفنبتل" Wolfenbuttal Fragments.