ومع هذا الوضوح إلا أن بعض المفسرين سواء أكانوا يهوداً أو نصارى، يزعمون أن هذه البركات إنما تنصب انصباباً على المسيح عيسى ابن مريم في ذاته وفي رسالته، ويقف الإصحاح الثاني والأربعون من سفر أشعياء ليجلى الحقيقة في ايهما يكون المجد المضاعف في عيسى أم محمد فيقول:

"هو ذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سرت به نفسي، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم ... " إلى أن يقول: " ... لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته" (أشعياء 42: 1 - 4) فاشعياء يتبنأ عن نبي تشكل نبوته اشتمالاً للجنس البشري كافة، بعكس أنبياء بني إسرائيل ومنهم المسيح عيسى ابن مريم الذين تحددت رسالاتهم إلى بني قومهم من بني إسرائيل.

وأشعياء ينتبأ عن رسالة هذا النبي، بل عن ذاته قائلاً: "وض2عت روحي عليه فيخرج الحق للأمم" (أشعياء 42: 1) فسيقوده الروح الأمين لوضع رواسخ وأسس العدل الاجتماعي في الأرض، وعن ذاته وصفاته فيقول أشعياء: "لا يصيح ولا يسمع في الشارع صوته" (أشعياء 42: 2) بمقابلة هذا مع رسالة المسيح عيسى ابن مريم، فضلاً عن قصر مدتها إذ لا تعدو سنوات ثلاث ونصف السنة، مهد لها سايفة يوحنا المعمدان الذي لم يمهله قوى الشر فأنهت حياته في السجن، وجعلت رأسه ثمناً لنزوة طائشة لهيرودس ملك اليهودية قدمها لماجنة مبتذلة ابنة هيروديا زوجة أخيه فيلبس التي كانت على علاقة غير شرعية معه، كان قد قال له يوحنا: "لا يحل أن تكون لك، ولما أراد أن يقتله خاف من الشعب، لأنه كان عندهم مثل نبي" (إنجيل متى 14: 3 - 5)

هذا بينما نبوة هذا النبي من سلالة إسماعيل سيمتد بها الأجل لفترة كافية لاستتباب الحق على الأرض، ولتأسيس مجتمع مؤمن موحد حقاً وشعب على أسس العدل والحق والنقاء والطهارة الجوانية والظاهرية، ومن ثم قلإنه سيصبح كما تنبأ أشعياء قائلاً: "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم" (أشعياء 42: 6) .

وما هو أروع وأكثر انبهاراً حول عبوديته الخصوصية لله الواحد الأحد، فإنه محمد سليل إسماعيل هو وحده الذي تتطابق شخصيته مع شخصية الجد الأعلى قيدار، إذ يتنبأ اشعياء فيقول في وضوح وجلاء: "لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015