(أ) قصة الصليب وفلسفته:
هذه الشبهة لها ماض سحيق يعود إلى أيام سيدنا موسى بين بني إسرائيل في "برية سيناء إذا تمردوا على الله وتنكروا له، فعاقبهم الله بالحيات والعقارب. ولما صرخوا إلى موسى يطلبون الخلاص من هذه الضربات أمره الله - عز وجل - بأن يصنع حية نحاسية، ويعلقها على طرف خشبة، ويأمر التائب من بني إسرائيل بأن يرفع وجهه لينظر إليها، فيشفى".
لكن الأجيال توارثتها كعقيدة بقوة الرغبة في الخلاص من هذه الحية النحاسية، وضاع الحق بالباطل.
وظل بنو إسرائيل يقيمون لهذا الحية الأنصاب على المرتفعات حتى جاء حزقيا بن آحاز ملك يهوذا، وأراد أن يعمل ما هو مستقيم أمام الله، "فأزال المرتفعات، وكسر التماثيل، وقطع الصواري، وسحق حية النحاس التي عملها موسى، لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها، ودعوها بحشتان".
هذا هو التاريخ الكتابي لإقامة الصليب بمثابة الأله، من موسى سنة 1400 ق. م، إلى حزقيا سنة 538 ق. م. وظلت هذه العبادة قائمة برغم أن الوصية الإلهية الثانية من الوصايا العشر تنهى عن هذا: "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاًَ".
يحدثنا عنه السير آرثر فندلاي في كتابه (الكون المنشور) صحيفة 58: "إن اكتشاف النار كان من أهم الاكتشافات التي وصل إليها الإنسان الأول في سابق العصور. لقد وجد أنه يمكنه توليد هذه النار باحتكاك قطعتين من العصى، ولما شاهد هذا اللهب العجيب سحر به وبهت إلى درجة أنه عبده، ومن ثم كانت عبادة النار".
وإسرائيل الأمة الموحدة - وهي تعيش هؤلاء الأقوام - توارثت عنهم الكثير ...