الغد لما مضى أخرج دينارين، وأعطاهما لصاحب الفندق، وقال له: اعتن به، ومهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك: فأي الثلاثة ترى صار قريباً للذي وقع بين اللصوص؟ يقال: الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع: اذهب أنت أيضاً واصنع هكذا".

هذا هو أسلوب المسيح!

أما أسلوب بولس المدعو رسولا فهكذا: "فإني إذ كنت حراً من الجميع استعبدت نفسي نفسي للجميع، لأربح الأكثرين، فصرت لليهودي كيهودي، لأربح اليهودي، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموسن مع أني لست بلا ناموس لله، بل تحت ناموس للمسيح، لأربح الذين بلا ناموس، صرت للضعفاء كضعيف، لأربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال".

لعلك أيها القارئ تلمس في هذا الأسلوب عمق بولس في المسائل الفلسفية والمباحث العلمية، مما لم يرو قط عن المسيح، ولعلك تتبين أيضاً الفلسفة التي تتخلل مباحث رسائله، وهي ضرب من فلسفة أرسطا طاليس التي كانت شائعة في أوائل القرن الوسطى في أوربا.

والحقيقة التي لا ريب فيها أن بولس كان على جانب كبير من معرفة الفلسفة اليونانية، وسمو المدارك، وقوة الحجة، وشدة العارضة، وجلاء البيان، وقد رأى بعضهم أن مباحثه الفلسفية عن الجسد والنس من الوجهة الدينية من أسمى ما كتب الباحثون الدينيون، فمن قوله: "ويحى أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟ ".

هذه الفلسفة في كتابات بولس، التي لم ترو قط عن المسيح، تجعلني أشك في أن الانجيل من وحي الله، وذلك لاختلاف أسلوب الكتابة ما بين السهولة المطلقة والفلسفة العميقة. وفي هذا يقول الله تعالى ليؤكد إعجاز القرآن الكريم:

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015