واختياراً ذنوب البشرية وأوزارها، ثم انتقل هؤلاء ليطبقوا هذه الفكرة بعد ذلك في جميع نواحي العلم، فظنوا أن الأرض إذ يختصها الله بذلك الشرف لابد أن تكون مركز الكون كله.

ويقول السير آرثر فندلاى في كتابه (صخرة الحق) ص 134 عن تأثير هذه الفكرة على الكنيسة الأولى ووقوفها في وجه تيار العلم: "كانت الكنيسة تنادي بأن الأرض مستوية، ومركزها في بيت المقدس، وظنت في تلك الأيام أن الأرض هي وحدها العالم الذي يتكون منه الكون، وأن الشمس والكواكب تدور حول الأرض".

ولما حاول العلماء الخروج من هذا الخيز بعد القرن الخامس الميلادي وإثبات أن الكون أكبر من الأرض، ظلت الكنيسة في أوهامها تنادي أن هذا الكشف يتعارض مع الافتراض المسيحي وفكرة الإله المخلص, فأحرق "برونو" في روما لما نادى "برونو" بأن هناك عوالم أخرى غير الأرض؛ وأخمدت الكنيسة أنفاس "كوبر نيكوس" الذي لم يجرؤ على أن يظهر كتابه الذي يقول فيه: "إن الأرض ما هي إلا كوكب مثل غيرها من الكواكب السيارة" إلا وهو على فراش الموت: "وجاليليو" اضطر وهو راكع على ركبتيه ذليلاً - خوفاً من المحاكمة - أن يكذب ما سبق أن صرح به من الأرض تدور حول الشمس.

وهكذا استمرت الكنيسة واقفة بالمرصاد لكل من يأتي برأي جديد يتعارض ورأيها، فإنها في الحال ترميه بالكفر والإلحاد ولكنها اضطرت أخيراً أن تستسلم وتعترف بصحة هذه الاكتشافات بعد مضى أربعة قرون، أي في القرن التاسع عشر.

ثم صار العقل البشري في طريقه إلى غزو الفضاء وتطوير العلم، وكان كلما تطور العلم تطورت معه طرق ومقاييس المفاهيم والقيم، وزالت الغشاوات من فوق العقول، بمعنى أن العلماء - عوضاً عن رجال الدين "رجال اللاهوت" اصبحوا هم الضياء المنير الذي يقود البشرية، ويعرفهم بالله، أو كما قال الله في محكم آياته.

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

وأثبت العلم والعلماء وجود الله، إلهاً خالقاً للكون كله، أزلياً سرمدياًَ قديماً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015