وينذرهم المسيح بقوله: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون والمراءون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين، وتقولون: لو كنا في أيام آبائنا ما شاركناهم في دم الأنبياء، فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء فاملأوا أنتم المكيال مكيال آبائكم"
وفي وسط الظلمة وفي عمق الهاوية تنبثق فجأة شعاعة ضوء كما انبثقت مرة لموسى في سفح الجبل: "إني أنا الله". نهم حمل الإنسان الكلمة في طبيعته الخالدة في روحه، إنها كلمة الله عادت اليوم صارخة مدوية تنادي أبناء آدم إلى سواء السبيل، مخدرة من اندفاعهم نحو الهاوية التي تنتظرهم إذا هم ظلوا سائرين في نفس الاتجاه المادي الذي هم فيه اليوم يسيرون.
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}
إذن كل ما يضئ عقل الإنسان في طريق دنياه المظلم هو كلمة الله من الله، هو صوت هاتف في قلب الإنسان، هو صوت كاشف في ناظري الإنسان ولم يكن عيسى أول الأنبياء ولا آخرهم:
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
ومنذ فجر التاريخ بدأت الكلمة في الهبوط، ولكنها كانت دائماً لا تعم الأرض كلها، بل غالباً ما غيرت وبدلت وحرفت بعد أن يغادر حاملوها هذه الدار.
وها نحن أولاء في أوائل عصر جديد، عصر لن يسمح للظلام بالعودة مرة أخرى، عصر لن يفرض على البشرية نظريات خاطئة، وخرافات يمحها العقل والمنطق.
لقد ظن البعض أن الإنجيل ينص على ألوهية عيسى، وأن الله أرسل ابنه إلى الأرض ليخلص من عليها بتقديم ذاك البن نفسه عن الجنس البشري، وتحمله طوعاً