محك النظر (صفحة 58)

بالنار تغير الجواب. فإذا انقسمت الصفات إلى ما يتبدل الجواب عن الماهية بتبدلها وإلى ما لا يتبدل. فإذاً، قد عرفت بهذا معنى الجنس والنوع والفصل.

القانون الثالث: إن ما وقع السؤال عن ماهيته وأردت أن تحدّه حدَّا حقيقًا فعليك فيه وظائف لا يكون الحد حقيقياً إلا بها، فإن تركتها سقيناه رسمياً أو لفظتًا وخرج عن كونه معرباً عن حقيقة الشيء ومصوراً كُنه معناه في نفس السائل الأول أن تجمع أجزاء الحد من الجنس والفصول. فإذا قيل لك مشيراً إلى ما ينبت من الأرض ما هو فلا بد وأن تقول جسم، ولكن لو اقتصرت عليه بطل عليك بالحجر فتحتاج إلى الزيادة فتقول نام فتحترز عن ما لا ينمو، فهذا الاحتراز يُسمّى فصلاً، إذ فصلت به المحدود عن غيره، ثم شرطك أن تذكر جميع ذاتياته وإن كان ألفاً ولا تبالي بالتطويل. ولكن ينبغي أن تقدّم الأعم على الأخص، فلا تقول نام جسم بل بالعكس. وهذا لو تركته تشوش النظم ولم تخرج الحقيقة عن كونها مذكورة مع اضطراب اللفظ والإنكار عليك في ذلك أقل ممّا في الأول. وهو إن تقتصر على الجسم. والثالث انك إذا وجدت الجنس القريب فإيّاك أن تذكر البعيد معه فيكون مكرراً كما تقول مائع شراب، أو تقتصر على البعيد فيكون مبعداً كما إذا قيل ما الخمر فلا تقل جسم مسكر مأخوذ من العنب. وإذا ذكرت هذا فقد ذكرت ما هو ذالي ومطرد ومنعكس ولكنه مخيّل قاصر عن تصور كُنه حقيقة الخمر. بل لو قلت مائع مسكر كان أقرب من الجسم، وهو أيضاً ضعيف. بل ينبغي أن تقول شراب مسكر، فإنه الأقرب الأخص ولا تجد بعده جنساً أخص منه. فإذا ذكرت الجنس فاطلب بعده الفصل، إذ الشراب يتناول سائر الأشربة، واجتهد أن تفصّل بالذاتيات إلا إذا عسر عليك، وهو كذلك في أكثر الحدود، فاعدل بعد ذكر الجنس إلى ذكر اللوازم واجتهد أن يكون ما ذكرته من اللوازم الظاهرة المعروفة؟ فإن الخفي لا يعرف به كما إذا قيل ما الأسد قلت سبع أبخر يتمتز بالبخر عن الكلب، فان البخر من خواصه ولكنه من الخواص الخفية، ولو قلت شجاع عريض الأعالي لكانت هذه اللوازم والأعراض اقرب إلى الفهم لأنها أجلى وأكثر ما يرى في الكتب من الحدود رسمية، إذ الحقيقة عزيزة ورعاية الترتيب حتى لا يبتدي بالأخص قبل الأعم عسمير، وطلب الجنس الأقرب عسير. فإنك ربما تقول في الأسد إنه حيوان شجاع ولا يحضرك لفظ السبع، فتجتمع أنواع من العسر، وأحسن الرسميات ما وضع فيها الجنس الاقرب، وأتتم بالخواص المشهورة المعروفة. الرابع أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015