ثم ألحق به أن قال اعلم أن القدر الذي حرّرته في هذا الكتاب مع صغر حجمه حرّكت به أصولاً عظيمة إن أمعنت في تفهم الكتاب تشرّفت إلى مزيد إيضاح في بعض ما أجملته واشتغلت لحكم الحال عن تفصيله، وذلك التفصيل قد أودعت بعضه كتاب معيار العلوم. إلا أنني لم أفش تلك النسخة ولم تتداولها إلا يدي بعد، لأنها كانت مفتقرة إلى مزيد تهذيب وتنقيح بحذف وزيادة وتحريف، وفد دفعت الأقدار دون تهذيبها فإن استأخر الأجل واندفعت العوائق وانصرفت إليه الهمة وانقطعت على عمارته بتهذيب ما يجب أن يهذب صادفت فيه ما أعوزك ني هذا الكتاب. وأنا الآن مجدد وصيتك بالمواظبة على الدعاء سائلاً من الله تعالى أن يصلح نيتي فيما أتعاطاه من تصنيف كتاب وإفادة علم لأقصد به خالص وجه الله غير ممزوج بحظ من حظوظ الدنيا، وما أخس حال من مهد للخلق سبيل الآخرة وهو إلى الدنيا ملتفت، أو - دعا الخلق إلى الله وهو عنه معرض. فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونسأل الله تعالى إصلاح أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا، فهو ولي الإِجابة بفضله وسعة جوده والحمد لله رب العالمين.