جَهِلْناهَا كَأنْ لَمْ نَخْتَبِرْها ... على طُولِ التَّهانِي والتَّعازِي
ولَمْ نَعْلَمْ بِأنْ لاَ لَبْثَ فِيهَا ... ولاَ تَعْرِيجَ غَيرَ الاجْتيَازِ
أَفِي السَّبخَاتِ يَا مَغْبُونُ تبْني ... وَمَا أَبْقَى السَّباخُ عَلىَ الأَسَاسِ
ذُنُوبُكَ جَمّةٌ تَتَرْى عِظَامًا ... وَدَمْعُكَ جَامِدٌ والقَلْب قَاسِي
وأيّامًا عَصَيتَ الله فِيهَا ... وقَدْ حُفِظَتْ عَلَيكَ وأَنْتَ نَاسِي
فكَيفَ تُطِيقُ يَومَ الدِّينِ حَمْلاً ... لأَوزارِ الكَبائِرِ كَالرَّواسِيِ
هُوَ اليَومُ الذي لا وُدَّ فِيهِ ... ولا نَسَبٌ ولا أحَدٌ مُوَاسِي
عَظِيمٌ هَولُهُ والناسُ فِيهِ ... حَيَارَى مِثْل مَبْثُوثِ الفَرَاشِ
بهِ تَتَغَيَّرُ الأَلْوانُ خَوفًا ... وتَصْطَكُّ الفَرَائصُ بارْتِعَاشِ
هُنَالِكَ كُلُّ مَا قَدَّمْتَ يَبْدُو ... فَعَيبُكَ ظاهِرٌ والسِّرُّ فَاشِ
تَفَقَّدْ نَقْصَ نَفْسِكَ كُلَّ يَومٍ ... فَقَدْ أودَى بِهَا طَلَبُ المَعَاشِ
ألاَ لِمْ تَبْتَغِي الشَّهَواتِ طَورًا ... وَطورًا تكْتَسِي لِينَ الرِّيَاشِ؟
عَلَيكَ مِن الأُمُورِ بِمَا يُؤدّي ... إِلىَ سَنَنِ السَّلامَةِ والخَلاَصِ ...
ومَا تَرْجُو النَّجاةَ به وشِيكًا ... وفَوزًا يَومَ يُؤخَذُ بالنَّواصِي
فَلَيسَ تنَالُ عَفْو اللهِ إلا ... بتَطْهِيرِ النُّفُوسِ مِنَ المَعَاصِي
وَبِرِّ المُؤْمِنِينَ بكُلِّ رِفْقٍ ... وَنُصْحٍ للأدَانِي والأَقاصِي
وإنْ تَشْدُدْ يَدًا بالخَيرِ تُفْلحْ ... وَإنْ تَعْدِل فَمَا لَكَ مِنْ مَنَاصِ
وأصْلُ الحَزْمِ أنْ تُضْحِي وتُمْسِي ... وَربُّكَ عَنْكَ في الحَالاَتِ رَاضِ
وأنْ تَعْتَاضَ بالتّخْلِيطِ رُشْدًا ... فإنَّ الرُّشْدَ مِن خَيرِ اعْتِيَاضِ
وَدَعْ عَنْكَ الذِي يُغْوِي ويُرْدِي ... ويُورِثُ طُولَ حُزْنٍ وارْتِمَاضِ
وَخُذْ باللَّيلِ حَظَّ النفسِ واطْرُدْ ... عن العَينَينِ مَحْبُوبَ الغِمَاضِ
فإنَّ الغَافِلينَ ذَوِي التَّوَانِي ... نَظَائِرُ لِلْبهَائِمِ في الغِيَاضِ