وُجوهُ الْعَيْشِ مِنْ سَعَةٍ وضيقٍ ... وحَسْبكَ والتّوَسُّعَ في الْحَلالِ
أتُنْكِرُ أَنْ تُكونَ أخا نَعيمٍ ... وأَنتَ تَصيفُ في فَيءِ الظِّلالِ
وأنتَ تُصيبُ قُوتَكَ في عَفافٍ ... وِرَيَّا إنْ ظَمِئتَ مِنَ الزُّلالِ
مَتى تُمْسي وتُصْبِحُ مُسْتَريحًا ... وأنْتَ الدَّهْرَ لا تَرْضى بِحالِ
تُكابِدُ جَمْعَ شَيءٍ بَعْدَ شَيْءٍ ... وتَبْغي أنْ تكونَ رَخِيَّ بالِ
وقَدْ يَجْري قَليلُ المالِ مَجْرى ... كثير الْمال في سَدِّ الْخِلالِ
إذا كانَ الْقَليلُ يَسُدُّ فَقْري ... وَلمْ أَجِدِ الْكَثِيرَ فَلا أُبالي
هِيَ الدُّنيا رَأَيْتُ الْحُبَّ فيها ... عَواقِبُهُ التَّفَرُّقُ عَنْ تَقالِ
تُسَرُّ إذا نَظَرْتَ إِلى هِلالٍ ... ونَقْصُكَ أنْ نَظَرْتَ إلى الْهِلالِ
وقال أيضًا:
كَأَنِّي بالتُّرابِ عَلَيْكَ رَدْما ... بِرَبْعٍ لا أرى لَكَ فيهِ رَسْمَا
بِرَبْعٍ لَوْ تَرَى الأَحْبابَ فيهِ ... رَأَيْتَ لَهُمْ مُباعَدَةً وَصَرْمَا
أَلاَ يا ذَا الَّذي هُوَ كُلَّ يَوْمٍ ... يُساقُ إِلى الْبِلى قِدْمًا فَقَدْمَا
ضَرَبْتَ عَنِ أدِّكارِ الْمَوْتِ صَفْحًا ... كَأنَّكَ لا تَراهُ عَلَيْكَ حَتْمَا
أَلَمْ تَرَ أنَّ أقْسامَ الْمَنايا ... تُوَزَّعُ بَيْنَنا قِسْمًا فَقِسْمَا
سَيُفْنيِنا الَّذي أَفنى جَدِيسًا ... وأفْنى قَبْلَها إرَمًا وَطّسْمَا
وَرُبَّ مُسَلَّطٍ قَدْ كانَ فينا ... عَزيزًا مُنْكَرَ السَّطَواتِ ضَخْمَا
وَلَوْ يَنْشَقُّ وَجْهُ الأَرْضِ عَنْهُ ... عَدَدْتَ عِظامَهُ عَظْمًا فَعَطْمَا
وكمْ مِنْ خُطْوَةٍ مَنَحَتْهُ أَجْرًا ... وكمْ مِنْ خُطْوةٍ مَنَحَتْهُ إثْمَا
تَوَسَّعْ في حَلالِ اللهِ أكْلاً ... وَإلاَّ لمْ تَجِدْ لِلْعَيْشِ طَعْمَا
فَإِنَّكَ لا تَرى ما أنْتَ فيهِ ... وأنْتَ بِغَيْرِهِ أعْمَى أصَمَّا