ومَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ أَتَى بمُكفِّرٍ ... فَعِلَّتُه التَّفريطُ إذ كَانَ قَدْ جَهِلْ
فإنْ كَانَ فيمَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّه ... مِن الدِّين بالعِلمِ الضَّرُورِيِّ قَدْ حَصَلْ
كَمِثْلِ الدُّعَا والحُبِّ والخوفِ والرَّجَا ... وسَائِرِ مَا يَأْتي بِهِ العَبدُ مِنْ عَمَلْ
وذَلِكَ مُخْتَصُّ بِحَقِّ إلَهِنَا ... فَصَرْفُ الفَتَى لِلْغَيرِ، هَذا مِنَ العَضَلْ
وفَاعلُ هذَا كَافِرٌ لاعتِدَائِه ... وتَكْفِيرُهُ لا شَكَّ فيهِ ولا جَدَلْ
وإن كَانَ هذَا في خُصًوصِ مَسَائلٍ ... يَجِيءُ بِها مَنْ زَلَّ في الدِّين واسْتَزَلْ
كَمَا هوَ في الأَهواءِ والبِدعِ الَّتي ... مَسَائِلُها تَخْفَى عَلَى بَعْضِ مَنْ نَقَلْ
فَيَخْفَى عَليهِ الحَقُّ عندَ اجْتِهَادِهِ ... ولَيسَ جليًّا حُكْمُهَا لِمَنْ اسْتَدَلْ
ولَيسَ ضَرُورِيًا مِنَ الدِينِ فالَّذي ... عليه تَقيُّ الدِّين إن كَانَ قَدْ جَهِلْ
وعن خَطَأٍ أَو كَانَ ذَا بتَأَوُّلٍ ... فَذَا القَول كُفْرٌ والمعيَّنُ لَمْ يَقُلْ
بِتَكْفِيرِهِ حَتَّى يُقَامَ بِحُجَّةٍ ... عَلِيهِ فيأْتي أَو يَئُوبَ فيعْتَدِلْ
وغَيرُ تقىِّ الدِّينِ قَالَ بِكُفْرِهِ ... ونَحْنُ إلى مَا قَالَهُ الشَّيخُ نَنْتَحِلْ
وأَصلُ بَلاءِ القومِ حَيثُ تَورَّطُوا ... هُوَ الجَهْلُ في حُكمِ المُوالاةِ عَنْ زَللْ ...
فمَا فَرَّقُوا بَينَ التَّولِّي وحُكْمِهِ ... وَبينَ المُوالاةِ التي هي في العملْ
أَخَفُّ ومنها ما يُكْفِّرُ فِعْلُهُ ... ومنها يكُونُ دُونَ ذلِكَ في الخَلَلْ
وفي الهجرِ إذْ لا يُحْسِنُونَ لِفِعْلِهِ ... ولا مَعَ مِنْ هذَا يَعامَل مَنْ فَعلْ
فلِلْهَجْر وَقْتٌ فيهِ يُهْجَرُ منِ أَتَى ... بِمَا يُوجب الهِجرانَ مِنْ غير مَا مَهَلْ
وَوَقْتٌ يُرَاعَى فيهِ مَا هو رَاجحٌ ... وأَصْلَحُ للدِّنيا ولِلْدِّينِ والمَحَلْ
وشخصٌ بِهذَا لا يُعَامَلُ جهرَةً ... لِدَرْءِ الفَسَادِ المستفادِ مِنَ الزَّلَلْ
ويُهجرُ شخصٌ حيثُ يَرتَدعُ الوَرَى ... ويَنْزَجِرُ الغَوَاغَاءُ مِن أَمَّةِ السُّفَلْ
ويَنْجَعُ في المهجورِ مِنْ غَيرِ عِلَّةٍ ... يَجيءُ بِهَا المهجُورُ مِنْ سائِرِ العَضَلْ
إلى غَيرِ هَذا مِنْ مَفَاسِدِهِ الَّتِي ... يَئُولُ بِهَا الآتِي إلى مُعضِلٍ جَلَلْ
وقَدْ قَالَ أَهْلُ العلمِ مِنْ كُلِّ عَالمٍ ... وقَرَّرَهُ حَبْرٌ إمامٌ هُوَ الأَجَلْ