فَحَقُّ نَبِيِّ اللهِ طَاعَةُ أمْرِهِ ... وتَصْدِيقُهُ والانْتِهَا مِن مُشَافِقِ
وتَوقيرهُ والاتَباعُ لِهَدْيِه ... فأمَّأ الَّذِي للهِ رَبِّ الخَلائِقِ
فذلِكَ مُخْتَصُّ بهِ دُونَ عَبْدِهِ ... فَدَعْ عَنْكَ ما قَدْ أحْدَثُوا مِنْ شَقَاشِقِ
وصلَّى على المعصومِ ربُّ وإلهُ ... وأصحابُه أهلُ العُلَى والسَّوابِقِ
وقال رحمه الله:
فيا أَيُّها الغَادِي على ظَهْرِ ضَامرٍ ... تَجُوبُ فيافِي البيدِ وخدًا بلا مَلَلْ
تَحَمَّلْ هَدَاكَ اللهُ منِّي رِسَالةً ... نَصِيحَةَ ذِي وُدٍّ إلى كُلِّ مَن عَقَلْ
ورامَ نَجَاةَ النَّفسِ مِن هَفَواتِهَا ... ومِنْ كُلِّ مكروهٍ يُسِيءُ ومِنْ زَلَلْ
فَمَنْ كَانَ ذَا قَلْبٍ سَلِيمٍ مُوَفَّقٍ ... خَلىٍّ مِنَ الأَهوا ومِنْ مُعضِل الخَطَلْ
تَوخَّ الَّذي يُنِجيهِ يَومَ مَعَادِه ... وفي هَذه الدُّنيا يَكُونُ عَلَى وَجَلْ
فإنَّ إرَادَاتِ النُّفُوسِ كثيرَةٌ ... فَمَنْ رَامَ نَهْجًا لِلْنَّجاةِ عَن الخَلَلْ
فإنَّ طَرِيقَ الرُّشْدِ لِلْحَقِّ نَيِّرٌ ... يَبِينُ لِذي قَلْبٍ سليمٍ مِن الدَّغَلْ
فَفِي سُنَّةِ المَعْصُومِ خِيرَةِ خَلْقِه ... وأَصْحَابِه والتَّابعينَ مِنَ الأُوَلْ
نَجَاةٌ عن الإِفراطِ في الدِّينِ عِنْدَمَا ... يَقُولُ الفَتَى في الدين قولاً ويَنْتَحلْ
وفيها عنِ التَّفريطِ مَا يَزَعُ الفَتَى ... ويَزْجُرُه مِنْ جَهْلِهِ وعَنِ الجَدَلْ
فهذا كلامُ الله جَلَّ جَلالُه ... وذِي سُنَّةُ المَعْصُومِ تُتْلى لِمَنْ سَأَلْ
مُدَوَّنةٌ مَعْلُومَةٌ يَقتَدِي بِهَا ... أُولُو العلمِ والتَّقوى إلى خَيرِ مُنْتَحَلْ
وقَدْ أَوضحُ الأَعْلاَمُ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ ... مَعَالِمهَا لِلْسَالِكينَ بلاَ خَلَلْ
وقَدْ بَيَّنُوا أَحْكَامَ منْ كَانَ كَافِرًا ... وحُكْمَ التِّولِّي والمُوَالاةِ والعِلَلْ
فَمَنْ رَامَ تَكْفِيرًا بِغَيرِ مكّفِّرٍ ... فَعِلَّتُه الإِفْرَاطُ في القَولِ والعَمَلْ
وقَدْ سَلَكَتْ - أَعْنِي الخَوارِجَ - في الوَرَى ... طَرِيقًا إلى ذِي المَسْلَكِ الوَعْرِ والوَحَلْ
بِهِ مَرقُوا مِنْ دِينِهم ولأَجْلِهِ ... غَدَوا مِنْ شِرارِ النَّاسِ في شَرِ مُنْتَحَلْ