قالَتْ: أَغَرَّكَ مِن جَناحِكَ طولُهُ ... وكَأَنْ بِهِ قَدْ قُصَّ في أَشْراكِي
تَالله ما في الأَرْضِ مَوضِعُ راحَةٍ ... إلاّ وقَد نُصِبَتْ عَلَيهِ شِباكي
طِرْ كَيفَ شِئْتَ فأنْتَ فيها واقعٌ ... عَانٍ بِهَا لا يُرتَجَى لِفَكاكِ
مَن كانَ يَصْرَعُ قِرنهُ في مَعْرَكٍ ... فَعَليَّ صَرْعَتُهُ بِغَيرِ عِرَاكِ
ما أَعرِفُ العَضْبَ الصَّقِيلَ ولا القَنا ... ولقد بَطَشْتُ بِذِي السِّلاحِ الشَّاكي
كَم ضَيغَمٍ عَفَّرْتُهُ بِعَريِنهِ ... ولكَمْ فَتكْتُ بأَفْتَكِ الفُتَّاكِ
فأَجَبْتُها مُتعجّبًا مِن غَدْرِها ... أَجَزَيتِ بالبَغْضاءِ مَن يَهْواكِ
لأَجَلْتُ عَيني في بَنِيكِ فَكلُّهمْ ... أَسْراكِ أَو جَرحاكِ أو صَرعاكِ
لَو قارَضُوكِ على صَنِيعكِ فِيهِمُ ... قَطَعُوا مَدى أعمارِهِمْ بِقِلاَكِ
طُمسَتْ عُقولُهمُ ونُورُ قُلوبِهمْ ... فتهافَتُوا حِرْصًا على حَلْواكِ
فَكأَنَّهُمْ مِثْلُ الذُّبابِ تَساقطتْ ... في الأَرْيِ حَتَّى استُؤصِلُوا بِهَلاكِ
لا كُنْتِ مِن أُمِّ لَنا أَكّالَةٍ ... بعدَ الوِلادَةِ، ما أَقَلِّ حَياكِ!
ولقَد عَهِدْنا الأمَّ تَلْطُفُ بابْنِهَا ... عَطْفًا عَلَيهِ وأَنْتِ ما أَقْسَاكِ
ما فَوقَ ظهرِكِ قاطِنٌ أو ظاعِنٌ ... إِلا سَيُهْشَمُ في ثفالِ رَحاكِ
أنتِ السَّرابُ وأنتِ داءٌ كامِنٌ ... بينَ الضُّلوعِ فَما أَعَزَّ دَواكِ!
يُعْصَى الإِلهُ إِذا أُطِعتِ وطاعَتِي ... لله رَبّي أنْ أَشُقَّ عَصاكِ
فَرْضٌ عَلَينا بِرُّنا أُمَّأتِنا ... وعُقوقُهنَّ مُحَرَّمٌ إِلاّكِ!
ما إِنَ يدُومُ الفقرُ فيكِ ولا الغِنى ... سِيَّانَ فَقْرُكِ عِندَنا وغِناكِ
أينَ الجَبابرةُ الأُلى ورِياشُهُمْ ... قد باشَروُا بَعدَ الحَرير ثَراكِ
ولطالمَا رُدُّوا بأَرديةِ البَها ... فَتَعوَّضُوا مِنْها رِداءَ رَدَاكِ
كانت وجُوهُهمُ كأَقمار الدُّجى ... فَغَدَتْ مُسَجَّاةً بِثَوبِ دُجاكِ ...