وَعَنَتْ لقَيُّومِ السَّماواتِ العُلا ... رَبِّ الجَميعِ، وقاهرِ الأَمْلاكِ
وجَلالِ ربِّي لو تَصِحُّ عَزائِمي ... لزَهِدْتُ فيكِ ولابْتَغَيتُ سِواكِ
وأَخَذْتُ زادِي منْكِ مِنْ عَمَلِ التُّقَى ... وشَدَدْتُ إيماني بنَقْضِ عُراكِ
وحَطَطْتُ رَحْلي تَحْتَ أَلوِيَةِ الهُدى ... ولمَا رآني الله تَحتَ لِواكِ
مَهْلاً عَلَيكِ فَسَوفَ يَلْحَقُكِ الفَنا ... فَتُرَي بلا أَرْضٍ ولا أفْلاكِ
ويُعيدُنا رَبٌّ أماتَ جَمِيعَنا ... لِيَكُونَ يُرْضي غَيرَ مَنْ أرضاكِ
والله ما الْمَحْبوبُ عِنْدَ مَليكِهِ ... إِلا لَبيبٌ لم يَزَلْ يَشْناكِ
هَجرَ الغَوانِي واصِلاً لِعَقائلٍ ... يَضْحَكْنَ حُبُّا لِلولِيِّ البَاكي
إِنِّي أرِقْتُ لَهُنَّ لا لِحَمائِمٍ ... تَبْكي الهَدِيلَ عَلى غُضُونِ أراكِ
لا عَيشَ يَصْفُو لِلْمُلوكِ وإنَّما ... تَصْفُو وَتُحْمَدُ عِيشَةُ النُّسّاكِ
ومِنَ الإِلهِ عَلى النِّبِيِّ صَلاتُهُ ... عَددَ النُّجومِ وعِدَّةَ الأَمْلاكِ
قال - رضي الله عنه - يرغب في ثواب الآخرة:
لو كنتُ في ديني من الأبْطالِ ... ما كُنْتُ بالواني ولا البَطَّالِ
ولبسْتُ منهُ لأْمَةً فضفاضةً ... مسرودَةً من صالحِ الأَعمالِ
لكنّني عَطَّلتُ أقْواسَ التُّقَى ... من نَبْلِها فَرَمَتْ بِغَيرِ نِبَالِ
وَرَمَى العدوُّ بسهمِهِ فأَصابَني ... إذْ لم أْحَصِّنْ جُنَّةً لنِضالِ
فأَنا كَمنْ يَلْقى الكتيبةَ أَعزَلاً ... في مَأْزِق متعرِّضًا لِنِزالِ
لولا رَجَاءُ العَفْوِ كنتُ كناقِعٍ ... بَرْحَ الغَليلِ بِرشْفِ لَمْعِ الآلِ
شابَ القَذالُ فآنَ لي أن أَرعَوي ... لو كنتُ مَتَّعِظًا بِشَيبِ قَذالِ
ولوَ أنّني مُسْتَبْصِرًا إِذْ حَلَّ بِي ... لَعَلِمْتُ أَنَّ حُلولَهُ تَرْحالِي