تيقَّنَ من غير ارتيابٍ ومريةٍ ... بأَن الذي قد سَنه كانَ أَحكما
وحِكْمَتُهُ مَعْلُومةٌ مُسْتَنِيرةٌ ... لِمَنْ كانِ لِلشَّرْعِ الشريفِ مُقدِّما
ولَمْ يَسْتربْ في شَرْعِه باعْتِرَاضِهِ ... على النقلِ بالعقلِ الذي كان مُظلِما
كَهَذا الذي أَبْدَى لِسُوءِ اعْتِقَادِهِ ... سُؤالاً وقد أَضْحَى به مُتَهَكِّمَا
وأَظهر أَن الحقَّ لم يستبن له ... وقد كان لا يخفى على مَن تَعلَّما
وقد كان معلومًا من الدين واضحًا ... ومِنْهَاجُهُ قدْ كَان والله لهجما
ومن كان لا يدري بها وهو جاهلٌ ... فيكفيه منها أَن يكونَ مُسلما
ويؤمن بالشرع الذي قد أَتى به ... أَجلُّ الورى مَن كان بالله أَعلما ...
ولكنهم في غَرَّةٍ مِن ضَلاَلِهم ... وفي غَيِّتهِمْ بُعْدًا لِمَنْ كان مُجْرِمَا
فقل لزعيم القومِ ناصرِ مَن غدا ... عن الخير مُزْوَرًا وقد حازَ مأْثما
ثكلتك من خَبٍّ لئيم هبينغ ... يرى أَن ما أَبداه حقًّا فأقدما
وأَظهر مكنونًا من الغيِّ جهرةً ... لدى الناسِ مكشوفَ القِناع ليُعلما
وقل للغوي الفدمِ ويَحك ما الذي ... دعاك إِلى أَن قلت قولاً محرَّما
أَخِلْتَ طريقَ الحقِّ ليس بواضحٍ ... وأَن طريق الغَيِّ قد كان قَيِّمَا
لعمري لقد أَخطأتَ رُشْدك فاتَّئد ... فلست بكُفوٍ أَن ترى متقدَّما
فقدْ حُدتَ عن نهج الهداةِ وإنما ... سلكتَ طريقًا للضلالةِ مُظلما
طريقًا وخيمًا للغواةِ الذين هم ... فلاسفة دهرية أَورثوا العمى
كنحو ابن سينا بل أَرسطو وقومه ... وأَتباعه ممن مضى وتَقَدَّما
طريقتهم ما تقضيه عقولُهم ... وإن خالفَ الشرعَ الشريفَ المُقدما
فسرتَ على آثارِ من ضلَّ سعيهم ... وكانوا ببيداءِ الضلالةِ هُوّما
وآثار أَقوام يروا أَن دينَهم ... ومذهَبهم قد كان أَهدى وأَحكما