القَصِيدَةُ الزَّينَبِيَّة
ضرَمَتْ حِبَالَكَ بَعد وصلك زينبُ ... والدَّهر فيه تصرُّمٌ وتقلُّبُ
واستنفرتْ لَمّا رأتك وطالما ... كانت تحن إلى لقاك وترهبُ
فدع الصبا فلقد عداك زمانه ... وازهدْ فعمرك منه ولَّى الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودةٍ ... وأتى المشيب فأين منهُ المهربُ
ضيف ألم إليك لم تحفل به ... فترى له أسفًا ودمعًا يُسكَبُ
دع عنك ما قد فات في زمن الصِّبا ... واذكُر ذُنُوبَكَ وابكها يا مُذنِبُ
واخش مُناقشة الحساب فإنَّهُ ... لا بُد يُحصَى ما جنيتَ ويكتبُ
لم يَنْسَهُ الملكانِ حين نسيتهُ ... بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعبُ
والروحُ فيكَ وديعةً أُودعِتَها ... سترُدُّها بالرغم منك وتُسلبُ
وغُرور دُنياك التي تسعى لها ... دارٌ حقيقتُها متاعٌ يذهبُ
والليل فاعلم والنهار كلاهما ... أنفاسنا فيها تُعدُّ وتُحسبُ
وجميعُ ما حصلته وجمعته ... حقًّا يقينًا بعد موتك يُنهَبُ
تبًا لدار لا يدومُ نعيمها ... ومشيدها عما قليلَ يَخْرَبُ
فاسمع هُديتَ نصائحًا أولاكها ... بَرُّ نصوح عاقل متأدبُ
صحب الزمان وأهله مستبصرًا ... ورأى الأمور بما تئوب وتعقبُ
أهدى النصيحة فاتَّعظ بمقالِهِ ... فهو التقيُّ اللَّوذَعِيُّ الأدرب
لا تأمن الدهرَ الصروفَ فإنَّه ... لا زال قِدْمًا للرجال يُهذْبُ
وكذلك الأيان في غصَّاتِها ... مضضٌ يذِلُّ له الأعزُّ الأنجبُ
فعليك تقوَى اللهِ فالزمها تَفزْ ... إنَّ التقيَّ هو البَهيُّ الأهيبُ