قَدْ كنتَ بدرًا ونورًا يُستَضاءُ بهِ ... عَلَيَكَ تُنزَلُ من ذي العزّةِ الكتبُ
وكَانَ جبريلُ بالآياتِ يَحْضُرُنا ... فغابَ عَنّا وكلُّ الغَيبِ مُحْتَجِبُ
فَقَدْ رُزِئْتُ أبًا سَهْلاً خَليقَتُهُ ... مَحْضَ الضّرِيبَةِ والأعراق والنسبِ
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل ترثي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أمْسَتْ مراكِبُهُ أوحَشَتْ، ... وَقَدْ كانَ يَرْكَبُها زَينُهَا
وأمْسَتْ تُبَكي عَلى سَيّدٍ ... تُرَدّدُ عَبْرَتَهَا عَينُهَا
وَأمْسَتْ نِساؤكَ ما تَسْتَفِيقُ ... مِنَ الحُزْنِ يَعْتَادُها دَينُها
وَأمْسَتْ شَوَاحِبَ مِثْلَ النَّصَا ... لِ قَدْ عُطّلَتْ وكَبَا لَونُهَا!
يُعالِجْنَ حُزْنًا بَعيِدَ الذّهابِ، ... وَفي الصّدْرِ مُكْتَنِعٌ حَينُهَا
يُضَرِّبْنَ بالكّفَ حُرّ الوُجُوهِ ... عَلى مِثْلِهِ جَادَها شُونُهَا
هُو الفَاضِلُ السّيَدُ المُصْطَفَى ... عَلى الحَقّ مُجْتَمِعٌ دِينُهَا
فكَيف حَياتيَ بَعْدَ الرّسُولِ ... وَقَدْ حَانَ مِنْ مِيتَةٍ حَينُهَا؟
وقالت أم أيمن ترثي النبي، صلى الله عليه وسلم:
عَينِ جُودي! فَإنّ بَذْلَكِ لِلدّمْـ ... ـعِ شِفَاءٌ، فَأكْثِري مِنَ البُكاءِ
حِينَ قالوا: الرّسُولُ أمْسى فَقيدًا ... مَيّتًا، كانَ ذاكَ كُلّ البَلاءِ!
وَابْكيِا خَيرَ مَنْ رُزِئْناهُ في بالدّنْـ ... ـيَا وَمَنْ خَصّهُ بِوَحْي السّمَاءِ
بِدُمُوعٍ غَزِيرَةٍ مِنْكِ حَتّى ... يَقْضِيَ اللهُ فِيكِ خَيرَ القَضَاءِ
فَلَقَدْ كَانَ ما عَلِمتُ وَصُولاً ... وَلَقَدْ جَاءَ رَحْمَةً بالضّيَاءِ!
وَلَقَدْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ نُورًا ... وَسِرَاجًا يُضِيءُ في الظِّلْمَاءِ
طَيّبَ العُودِ وَالضّرِيبةِ وَالمَعْـ ... ـدِنِ وَالخِيمِ خَاتَمَ الأنبياءِ