يُبَادِرُ في المَعْرُوفِ مَهْمَا أَتَيتَهُ ... كَأنَّكَ تُعْطِيهِ الذِي أَنْتَ تَسْألُ
يُجِبُّ اكْتَسَابَ المَالِ وَالجُودُ عِنْدَهُ ... أَعَزُّ مِن الدُّنْيَا جَمِيعًا وَأفْضَلُ
تَقِيُّ نَقِيُّ العِرْضِ مَصْحُوبُهُ النَّدَى ... زَهِيٌّ بَهِيٌ إنْ تَكَلَّمَ مِقْوَلُ
جَرِيءٌ عَلَى الأَعْدَا قَرِيبٌ مِن النَّدَى ... سَرِيعٌ إلى الهَيجَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ
قَرِيبٌ النَّدى والجُودِ مَا حَلَّ حَلَّهُ ... وأنْ يَرْتَحِلْ يَتْبَعْهُ حَالاً ويَرْحَلُ
جَمِيعُ صِفَاتِ الجُودِ مُسْتَوجِبٌ لَهَا ... مِن الأصْلِ في أصْلِ النَّدَى مُتَأصِّلُ
وفي الناسِ مَن يَبْذُلْ لِدُنْيَاهُ دِينَهُ ... ويَرضَى بِذَا عن ذا بَدِيلاً يُبَدَّلُ
يَنَالُ بِهِ مَالاً وجَاهًا ورِفْعَةً ... ويَشْقَى ويَرْدَى في المعَادِ وَيَسْفُلُ
وَفِي الناسِ مَن ظُلْمُ الوَرَى عَادةٌ لَهُ ... وَيَنْشُرُ أَعْذَارًا بهَا يَتَأوَّلُ
جَرِيءٌ عَلَى أَكْلِ الحَرامِ ويَدَّعِي ... بأنَّ لَهُ في حِلَّ ذلك مَحمَلُ
فَيَا آكِلَ المَالَ الحرامَ أَبِنْ لَنَا ... بأي كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأْكُلُ
ألَمْ تَدْرِ أنَّ الله يَدْرِي بِمَا جَرَى ... وبَينَ البَرايا فِي القَيِامَةِ يَفْصِلُ
حَنَانِيكَ لاَ تَظْلِمْ فإنَّكَ مَيِّتٌ ... وبالموتِ عَمَّا قَدْ تَوَلَّيتَ تُسْألُ
وتُوقَفُ لِلْمَظْلُومِ يَأْخُذٌ حَقَّهُ ... فَيَأْخُذُ يَومَ العَرْضِ مَا كُنْتَ تَعْمَلُ
وَيأخذُ من وزرِ لمنْ قَد ظَلَمْتَهُ ... فَيَأْخُذُ يَومَ العَرْضِ مَا كُنت تَعْمَلُ
فَيَأْخُذُ مِنْكَ اللهُ مَظْلَمَةَ الذِي ... ظَلَمْتَ سَرِيعًا عَاجِلاً لا يُؤَجَّلُ
تَفِرُّ من الخَصْمِ الذِي قَدْ ظَلَمْتَهُ ... وأنْتَ مَخْوفٌ مُوجَفُ القَلْبِ مُوجَلُ ...
تَفِرُّ فَلا يُغْنِي الفِرَارُ مِن القَضَا ... وأن تتوجَّل لا يفيد التوجُّل
فَيَقْتَصُ مِنْكَ الحقَ مَنْ قَدْ ظَلَمْتَهُ ... بِلاَ رَأْفَةٍ كَلاَّ ولا مِنْكَ يَخْجَلُ
وفي الناسِ أَهلُ البِرِ والصِّدق والوَفَا ... وَللعدْلِ أَهْلٌ يَعْدِلُونَ إِذَا وَلُوا
وفي الناسِ مَن بِالكِبْرِ يَسْتَحْقِرُ الوَرَى ... وَيَطْغَى إن اسْتَغْنَى إذا يَتَمَوَّلُ
فَخُورٌ إذا وَلاَّهُ مَولاهُ نِعْمَةً ... مَرُوحٌ وَمُخْتَالٌ بِهَا يَتَبَهْلَلُ
شَحِيحٌ ولَو عَمَّنْ يَعُولُ بِنَفْسِهِ ... بأَدْنَى قَليلٍ نَاقِصِ القَدْرِ يَبْخَلُ