ولم تنظروا لأول الآية وهي قوله: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} 1، ولم تفقهوا المراد من هذه الطاعة، ولا المراد من الأمر بالمعروف المذكور في قوله -تعالى- في هذه الآية الكريمة وفي قصة صلح الحديبية، وما طلبه المشركون، واشترطوه، وأجابهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكفي في رد مفهومكم ودحض أباطيلكم.
فصل
[في أصول لا بد من بيانها]
وهنا أصول:
[السنة هي المبينة للأحكام القرآنية]
(أحدها) أن السنة والأحاديث النبوية هي المبينة للأحكام القرآنية، وما يراد من النصوص الواردة في كتاب الله في باب معرفة حدود ما أنزل الله، كمعرفة المؤمن والكافر، والمشرك والموحد، والفاجر والبر، والظالم والتقي، وما يراد بالموالاة والتولي، ونحو ذلك من الحدود، كما أنها المبينة لما يراد من الأمر بالصلاة على الوجه المراد في عددها وأركانها وشروطها وواجباتها. وكذلك الزكاة فإنه لم يظهر المراد من الآيات الموجبة، ومعرفة النصاب والأجناس التي تجب فيها من الأنعام والثمار والنقود، ووقت الوجوب واشتراط الحول في بعضها، ومقدار ما يجب في النصاب وصفته إلا ببيان السنة وتفسيرها. وكذلك الصوم والحج جاءت السنة ببيانهما وحدودهما وشروطهما ومفسداتهما، ونحو ذلك مما توقف بيانه على السنة. وكذلك أبواب الربا وجنسه ونوعه، وما يجري فيه وما لا يجري، والفرق بينه وبين البيع الشرعي. وكل هذا البيان أخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية الثقات العدول عن مثلهم إلى أن تنتهي السنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن أهمل هذا