بمنزلة من يسلم لا يسلم إلا لغرض دنيوي، والمهاجر من مكة إلى المدينة لامرأة يتزوجها أو دنيا يصيبها. قال: وأما إن كان انتقاله من مذهب إلى مذهب لأمر ديني فهو مثاب على ذلك، بل واجب على كل واحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر أن لا يعدل عنه، ولا يتبع أحدا في مخالفة الله ورسوله؛ فإن الله فرض طاعة رسوله على كل أحد في كل حال". انتهى.
وفي "الرعاية": من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بلا دليل ولا تقليد سائغ ولا عذر. ومراده بقوله: "بلا دليل" إذا كان من أهل الاجتهاد، وقوله: "ولا تقليد سائغ" أي: لعالم أفتاه إذا لم يكن أهلا للاجتهاد، وقوله: "ولا عذر" أي: يبيح له ما فعله فينكر عليه؛ لأنه يكون متبعا لهواه.
وقال في موضع آخر: يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر ولا يقلد غيره، وقيل بلى، وقيل لضرورة". انتهى كلام صاحب "الإقناع" وشرحه بلفظه.
وقال في "الإنصاف" في (كتاب القضاء): "وقال الشيخ تقي الدين*: من أوجب تقليد إمام بعينه استتيب فإن تاب وإلا قُتل 1، وإن قال "ينبغي" كان جاهلا ضالا، ومن كان متبعا لإمام فخالفه لقوة الدليل أو لكون أحدهما أعلم أو أتقى فقد أحسن ولم يقدح في عدالته بلا نزاع. وقال: في هذه الحال يجوز تقليد من اتصف بذلك عند أئمة الإسلام. وقال: بل يجب". انتهى.
ومن قول الشافعي وقواعده: "إذا صح الحديث فهو مذهبي". وفي لفظ: "فاضربوا بقولي الحائط". وفي رواية عنه: "إذا رأيتم عن النبي صلى الله عليه وسلم الثبت فاضربوا على قولي وارجعوا إلى الحديث". انتهى، نقلته من كتاب "الآداب".
فقد علم السائل أن من كان متَّبِعا مذهبا من المذاهب الأربعة، ورأى الحق مع غيره فاتبعه أنه محسن، ولا يقدح في عدالته - لا سيما إن كان مع الغير نص أو إجماع أو قول صحابي بشرطه أو جمهور العلماء، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
"تم الكتاب"