وأضاعه فقد سد على نفسه باب العلم والإيمان ومعرفة معاني التنْزيل والقرآن.
[بيان شعب الإيمان]
(الأصل الثاني): إن الإيمان أصل له شعب متعددة كل شعبة منها تسمى إيمانا، فأعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. فمنها ما يزول الإيمان بزواله إجماعا كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعا كترك إماطة الأذى عن الطريق. وبين هاتين الشعبتين شعب متفاوتة منها ما يلحق بشعبة الشهادة ويكون إليها أقرب، ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى ويكون إليها أقرب؛ والتسوية بين هذه الشعب في اجتماعها مخالف للنصوص، وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها. وكذلك الكفر أيضا ذو أصل وشعب، فكما أن شعب الإيمان إيمان، فشعب الكفر كفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان، ولا يسوى بينهما في الأسماء والأحكام. وفرق بين من ترك الصلاة والزكاة والصيام، وأشرك بالله أو استهان بالمصحف، وبين من سرق، أو زنى، أو شرب، أو انتهب، أو صدر منه نوع من موالاة 1 كما جرى لحاطب، فمن سوى بين شعب الإيمان في الأسماء والأحكام، وسوى بين شعب الكفر في ذلك فهو مخالف للكتاب والسنة، خارج عن سبيل سلف الأمة، داخل في عموم أهل البدع والأهواء.
[الإيمان مركب من قول وعمل]
(الأصل الثالث): إن الإيمان مركب من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب وهو اعتقاده، وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الإسلام. والعمل قسمان: عمل القلب وهو قصده واختياره ومحبته ورضاه وتصديقه، وعمل الجوارح كالصلاة والزكاة والحج والجهاد ونحو ذلك من الأعمال