ثم نقل عن ابن حبان أنه قال: كان الكديمي يضع الحديث (?).
وهذا إيهام منه رحمه اللَّه بتضعيف الحديث من وجهٍ آخر لا يضر؛ لأن الحديث قد صح إلى سعد بن سعيد بطرق كثيرة، وقد ذكرنا خمسة عشر نفسًا من الثقات الذين رووه عنه، ومنهم الثلاثة الذين أخرجه مسلم رحمه اللَّه من حديثهم.
فأما رواية ورقاء هذه فقد رواها أحمد بن حنبل رحمه اللَّه في "مسنده" (?) عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة به، وأخرجها النسائي في "سننه" (?) عن أحمد بن عبد اللَّه بن الحكم عن غندر، فأي فائدة في تضعيف الكديمي إذا لم ينفرد بالحديث ولكن ليوهم أن جميع طرقه ضعيفة، واللَّه يغفر له.
وكذلك ذكره بعد هذا من طريق كامل بن طلحة الجحدري، عن ابن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد، عن أخيه يحيى بن سعيد، عن عمر بن ثابت ثم تكلم في ابن لهيعة وقال: كان يدلس على الضعفاء فأسقط ذكر سعد بن سعيد الذي يرويه -فيما يزعم- عن عمر بن ثابت لضعفه ونكارة حديثه، وأسنده عن أخيه يحيى لإجماع العلماء على ثقته، ثم نقل قول من ضعفه ابن لهيعة ووهاه من الأئمة.
وهذا القول كالذي قبله أيضًا فقد تقدمت رواية عبد الملك بن أبي بكر ومن تابعه على روايته الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت، فلا فائدة في تضعيف الحديث إذا لم ينفرد به، على أن ابن لهيعة قد وثقه أيضًا قوم آخرون مطلقًا، وقوم إذا حدث من كتابه أو كان له متابع، وروى مسلم له في "صحيحه" مقرونًا بغيره، وقال أبو داود السجستاني (?): سمعت أحمد بن حنبل يقول: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه، وحدث عنه بحديث كثير.
وقال سفيان الثوري رحمه اللَّه: عند ابن لهيعة الأصول وعندي الفروع.