قال البخاري: روى عنه نحو ثمانمائة نفس من صاحب وتابع من أهل العلم. وهذا يقتضي إجماع الأمة كلها على قبول روايته وعدم التوقف فيها.
قال أبو صالح: كان أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- من أحفظ أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يكن بأفضلهم.
وقال حماد بن زيد: ثنا عمرو بن عبيد الأنصاري قال: ثنا أبو الزعيزعة كاتب مروان بن الحكم، أن مروان بن الحكم دعا أبا هريرة فأقعدني خلف السرير فجعل يسأله وجعلت أكتب حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به فأقعده وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك الكتاب فما زاد ولا نقص ولا قدم ولا أخر (?).
قلت: وهذا كله نتيجة بسط ردائه الذي أشار إليه أبو بكر الرازي وفي كلامه ما يقتضي تضعيفه وليس كما ذكر؛ لأنه ثابت في "الصحيحين"، وفي بعض طرقه الثابتة قال: حضرت من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مجلسًا فقال: "مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي ثُمَّ يَقْبِضْهُ إِلَيْهِ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي".
فبسطت بردة علي حتى قضى حديثه ثم قبضتها إلي، فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئًا بعده سمعته منه.
أخرجاه في "الصحيحين" (?) من طريق ابن عيينة عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة، ورواه البخاري أيضًا من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قلت: يا رسول اللَّه إني أسمع منك حديثًا كثيرًا فأنساه.
قال: "ابسط رداءك" فبسطته فغرف بيديه، ثم قال: "ضمه"، فضممته فما نسيت حديثًا قط (?).
فهاتان الروايتان مصرحة بأن عدم نسيانه لم يكن مختصًّا بما قاله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك المجلس بل هو شامل لجميع ما سمعه منه في ذلك المجلس وغيره.