قال إبراهيم النخعي: كانوا لا يأخذون من حديث أبي هريرة إلا ما كان في ذكر الجنة والنار، ولم يقبل ابن عباس روايته في الوضوء مما مسمت النار وقال: أنتوضأ بالحميم وقد أغلي على النار؟
فقال له أبو هريرة: يا ابن أخي إذا جاءك الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا تضرب له الأمثال (?).
قال عيسى بن أبان: فلم يرد ابن عباس رواية أبي هريرة لمعارض لها عنده -يعني نسخ الوضوء مما مست النار- وإنما ردها بالقياس.
وكانت عائشة -رضي اللَّه عنها- تمشي في الخف الواحد وتقول: لأخشن أبا هريرة، يعني في روايته المنع من ذلك.
وأنكرت عليه أيضًا حديث: "وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ" (?)، وعارضته بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
وقالت لابن أخيها: لا تعجب من هذا وكثرة حديثه إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحدث حديثًا لو عده العاد لأحصاه (?).
قال: وقد أنكر ابن عمرو وغيره من الصحابة عليه كثرة حديثه ولم يأخذوا بكثير من رواياته حتى يسألوا غيره.
وقال أبو بكر الرازي بعد سياقه هذا الكلام. لم يظهر من الصحابة من التثبت في حديث غير أبي هريرة مثل ما ظهر منهم في حديثه؛ فدل ذلك على أنه متى غلط الراوي وظهر من السلف التثبت في روايته كان ذلك مسوغًا للاجتهاد في مقابلته بالقياس وشواهد الأصول، ثم ذكر أن عمر -رضي اللَّه عنه- قال لأبي هريرة لما بلغه أنه يروي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشياء لا تعرف: لئن لم تكف عن هذا لألحقنك بجبال دوس.
ثم ذكر الرازي حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ