-رضي اللَّه عنه- معه في قذف المغيرة بن شعبة، وأن ذلك لم يقدح في عدالتهم؛ لأنهم إنما أخرجوا ذلك مخرج الشهادة ولم يخرجوا مخرج القذف، وجلدهم عمر -رضي اللَّه عنه- باجتهاده؛ فلا يجوز رد أخبارهم بل هي كغيرها من أخبار بقية الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.

فَصْلٌ

والذي نختم به الكتاب في هذا المعنى أمر مهم أولع به الحنفية في كتبهم ومناظراتهم يفضي إلى خلل عظيم في الإسلام وذلك يتعلق بأمرين:

أحدهما: في حق أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- على الخصوص وأن التهمة تطرقت إلى رواياته لكثرة ما روى، ولأنه أنكر عليه جماعة من الصحابة.

والثاني: فيما يتعلق بأخبار من ليس من فقهاء الصحابة وإنما يقدم عليها القياس عند المعارضة ويكون التأويل (?) متطرقًا إليها بخلاف أخبار الفقهاء منهم، وجعلوا هذين الأمرين عمدة لهم في رد كثير من الأحاديث التي صحت على خلاف مذهبهم، واللَّه الموعد، كما ثبت هذا اللفظ عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- لما قيل له: إنه يكثر الأحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقد بالغ بعضهم حتى حكى أبو الحسين بن القطان من أصحابنا عن عيسى بن أبان أنه نقل عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يخرج من أمتي ثلاثون دجالًا. . . " الحديث. وأن عليًّا قال: أنا أشهد أن أبا هريرة منهم، ونقله عن ابن أبان جماعة من غلاة الحنفية ولكن أبو بكر الرازي منهم أنكر هذا عن عيسى بن أبان وقال: هو كذب على عيسى ووضعه من لا يرجع إلى دين ولا مروءة ولا يتحاشى من الكذب في التثبت.

والذي نقله الرازي عن ابن أبان أنه قال: يقبل من حديث أبي هريرة ما لم يرده القياس ولم يخالف نظائره من السنة المعروفة إلا أن يكون شيء من ذلك قبله الصحابة والتابعون؛ وذلك لكثرة ما أنكر الناس من حديثه وشكهم في أشياء من روايته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015