ومما يتصل بذلك أيضًا الكلام في سمرة بن جندب -رضي اللَّه عنه- فقد تعرض إليه بعضهم لما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له ولأبي هريرة وآخر كان معهما في بيت: "آخركم موتًا في النار" وكان آخرهم موتًا سمرة؛ ولأنه ولي البصرة لزياد بن أمية ثم لمعاوية أيضًا وكان يكثر القتل.
وقد روى شعبة عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: حفظت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سكتتين في الصلاة. . . الحديث، وأن عمران بن حصين أنكر ذلك فكتبوا في ذلك إلي أبي بن كعب فكتب بصدق سمرة ويقول: إن سمرة حفظ الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
وروى عاصم بن سليمان، عن محمد بن سيرين؛ أن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أمر الناس بزكاة الفطر فأنكروا ذلك عليه فأرسل إلي سمرة بن حندب فقال: أما علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بها؟
قال: بلى.
قال: فما منعك أن تعلم أهل البلدة.
فلو لم يكن سمرة عند ابن عباس بالمحل الأعلى لما سأله واستشهد به.
وقال عبد اللَّه بن صبيح، عن محمد بن سيرين قال: كان سمرة فيما علمت عظيم الأمانة، صدوق الحديث، يحب الإسلام وأهله.
وأما حديث: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ" فقد وقع مصداقه بأن سمرة -رضي اللَّه عنه- أصابه في آخر عمره كزاز فكان يعالج منه بأن يغلى له قدر مملوء ماءً حارًّا يقعد عليها يستدفئ ببخارها فسقط فيها وهي أشد ما تكون حرارة فمات؛ فلم يكن مراده -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا نار الدنيا.
وأما قتله الناس فإنما كان يقتل الخوارج المارقين الذين أكفروا الصحابة وقاتلوا الناس ولم يكن يقتل أحدًا منهم إذا ظفر به -رضي اللَّه عنه-.
وقد ذكر جماعة من أئمة الأصول في هذا الموضع قصة أبي بكرة ومن جلده عمر