فهي من حيث الوضع اللغوي تنطلق على القليل والكثير سواء كان في مجالسة أو مماشاة ولو ساعة يسيرة.

وقد روى سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي عن علقمة أنه خرج مع عبد اللَّه ابن مسعود رديفًا له فصحبه دهقان في الطريق من القنطرة فانشعبت له طريق فأخذ فيها، قال: فقال عبد اللَّه: أين أخذ الرجل؟

فقلت: انشعبت له طريق، فلما رآه قال: السلام عليكم.

فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس يكره أن يبدأ بالسلام؟

قال: بلى، ولكن هذا حق الصحبة (?).

فأطلق ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- اسم الصحبة على السير معه شيئًا يسيرًا.

وأما من حيث العرف فإنه لا ينطلق إلا على الصحبة الطويلة أو الكثيرة، صرح بذلك ابن سيده والراغب (?) وغيرهما، لكن لا حد لتلك الكثرة كما أنه لم يحد الاعتبار اللغوي من حيث القلة إلا بما ينطلق عليه الاسم.

وقد استدل ابن الحاجب لقول الجمهور الذي اعتبره أن اسم الصحابي يقع على من له مجرد الرؤية فأكثر من ذلك بأن اسم الصحبة يعم القليل والكثير بدليل أنه يصح تقسيمها إلى ذلك ويقبل التقييد بكل منهما فيكون للقدر المشترك بينهما؛ لأن مورد التقسيم يجب أن يكون مشتركًا، ولذلك لو حلف حالف أنه لا يصحب فلانًا حنث بصحبته لحظة، واستدل غيره أيضًا بصحة الاستفهام فإن القائل إذا قال: صحبت فلانًا؛ حسن أن يقال: صحبته يومًا أو شهرًا أو ساعة يسيرة ونحو ذلك، فلولا أنه موضوع للكل لما حسن الاستفهام منه.

واعترض عليه بشيئين:

أحدهما: أنه -أعني ابن الحاجب- صدر المسألة بما اختاره من قول الجمهور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015