قلت: مثل وائل بن حجر، ومعاوية بن الحكم السلمي، وخلق كثير ممن أسلم سنة تسع وبعدها وقدم عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأقام عند ثم أياما ثم رجع إلى قومه وروى عنه أحاديث، اللهم إلا أن يئول كلام سعيد بن المسيب على من يعطى كمال الصحبة المقتضي للعدالة على ما اختاره الإمام المازري كما سيأتي إن شاء اللَّه من قوله أن العدالة المطلقة إنما تحكم لأمثال هؤلاء وهو قول مرجوح أيضًا كما سنبينه إن شاء اللَّه تعالى.
والقول السادس وهو أوسع المذاهب: ما حكاه القاضي عياض قال: ذهب أبو عمر ابن عبد البر في آخرين إلى أن اسم الصحبة (وفضلها) (?) حاصلة لكل من رآه وأسلم في حياته أو ولد وإن لم يره وإذا كان ذلك قبل وفاته بساعة ولكن كان معهم في زمن واحد وجمعه وإياه عصر مخصوص.
قلت: إن كان هذا أخذه القاضي عياض من تصريح ابن عبد البر وغيره بذلك ففيه من الإشكال ما سيأتي، وإن كان مأخوذًا من إدخالهم أمثال هؤلاء في (كتب) (?) الصحابة التي صنفوها، فقد صرح ابن عبد البر بأنه إنما أدخل مثل الأحنف بن قيس والصنابحي وأولاد الصحابة الذين ولدوا في حياته -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يثبت لأحد منهم رؤية لموته -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم صغار جدَّا؛ (ليكمل) (?) بذكرهم القرن الذي أشار إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه خير القرون يعني لا لأنهم من الصحابة؛ فقد حكم على روايتهم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإرسال في غير موضع من كتبه فعرف مقصده بذكرهم في كتاب الصحابة.
هذا حاصل المذاهب التي وقفت عليها في هذه المسألة، ويتعلق بها مباحثات:
الأولى: أن الصحبة لها اعتباران:
أحدهما: من حيث الوضع.
والآخر: من حيث العرف.