على ذلك أولًا، فإن كان في القضية قسم فالكفارة راجعة إليه، وإن لم يكن إلا مجرد التحريم أو قلنا بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على الوجه المتقدم؛ فلا يلزم من شرعية الكفارة في ذلك أن يكون مجرد التحريم يسمى يمينًا لما تقدم، ولو لزم ذلك فإنما وردت الآية في الأمة ولا يقاس على الأبضاع غيرها، بل إنما تلحق بها الزوجة كما تقدم بحرمة الأبضاع، وأما المأكول والمشروب وغيرهما فالفرق بينها وبين الأبضاع ظاهر لاسيما ووجوب الكفارة على خلاف القياس فلا يلتحق بمورد النص غيره مع قصوره عنه، وباللَّه التوفيق.
وأما مذهب أحمد بن حنبل فقد تقدم أن مأخذ كونه صريحًا في الظهار اعتبار معنى اللفظ مع أن الأصل (ص 34) عدم الفرقة فيقتصر به على الظهار ويرد عليه أن أصل وضع الظهار هو تشبيهها بظهر أمه فلا يلتحق به صريحًا ما ليس فيه ذلك وفيه من المنكر والزور الذي اقتضى إيجاب الكفارة الكبرى ما ليس في مطلق التحريم فيتقاصر عنه.
وقد يرد قول أحمد على الرواية الأخرى إذا جعله كناية في الطلاق ونواه به هل يقع واحدة أو ثلاث بناء على انقسام الكنايات عنده إلى خلية وخفية؟
فالخلية إذا نوى بها أصل الطلاق وقع الثلاث، والأظهر عندهم على هذه الرواية أنه من الكنايات الخلية، ومأخذ القول الآخر البناء على أن الطلاق الرجعي يحرم الاستمتاع بالزوجة والأصل عدم زائد على ذلك.
وأما على الرواية الثالثة أنه يكون يمينًا إذا نوى به اليمين، فقد نص على أنه يكون مؤليًا وإذا مضت أربعة أشهر تطالب بالفيئة كمذهب أبي حنيفة رحمه اللَّه.
وحكى شارح "المقنع" فيما إذا قال: ما أحل اللَّه علي حرام أعني به الطلاق أن أحمد قال: تطلق امرأته ثلاثًا، وإن قال: أعني به طلاقًا؛ طلقت واحدة، رواه جماعة عنه.
قال: وروى أبو عبد اللَّه النيسابوري عنه أنه قال في الصورة الأولى أنه رجع عن القول بأنها تطلق، وقال: بل يكفر كفارة الظهار، ووجهه أن هذا اللفظ صريح في الكفارة فلا يكون كناية في غيرها.
وذكر القاضي أبو يعلى أن جمهور الأصحاب على الرواية (35) الأولى؛ لأنه