شيبه بالظهار من جهة أنه تحريم ما لم مجرمه اللَّه، وقد شرع اللَّه في الظهار الكفارة الكبرى فكان التحريم هنا فيه الكفارة الصغرى لتقاعده عنه بعدم التشبه بأنه الذي وصفه اللَّه تعالى بأنه منكر من القول وزور فلما شرعت فيه الكفارة الصغرى كان مشبهًا لليمين فيحمل الإطلاق عل الاستعارة مثل زيد الأسد.
وقد ذم اللَّه تعالى محرم الحلال بقوله سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (?) ولا شك أن اللَّه تعالى شرع تحريم الزوجة بالطلاق القاطع للنكاح؛ وأما تحريمها مع بقاء النكاح فهو داخل في هنا الذم، فينبغي أن يقال حيث أريد بالتحريم الطلاق لا يكون اللفظ محرمًا أو مكروهًا، وأما إذا أريد به تحريم عينها فلا ينفك عن أن يكون محرمًا أو مكروهًا فلذلك وجبت فيه الكفارة جابرة لذلك، كما أنه إذا نوى الظهار يكون محرمًا (28) بل كبيرة على القول بأن الظهار من الكبائر فيجب به الكفارة الكبرى.
وأما عند الإطلاق فمأخذ القول بأنه لا يجب به شيء يخلف المعنى عنه؛ إذ لم يقصد به شيئًا لكن القول الآخر أرجح؛ لأن اللفظ حقيقة في معناه الذي وضع له أولًا فينصرف إليه وتجب الكفارة اعتبارًا لمعناه.
فهذا توجيه الفصل الذي ذكره الإمام الشافعي رحمه اللَّه وظهر به أنه جمع بين أقوال الصحابة -رضي اللَّه عنهم- على وجه حسن مع اعتبار معنى اللفظ، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى تفصيل مسائل المذهب الفروعية في ذلك.
وأما في الأمة فمأخذ قوله أن اللفظ لما صلح أن يكون كناية في الطلاق أو الظهار صلح أن يكنى به عن العتق؛ لأنه مجرم الأمة كما يحرم الطلاق الزوجة، فهذا لم ينو به العتق ونوى تحريم عينها كان في ايجاب الكفارة كما تقدم للمعنى الذي ذكرناه ولحديث أنس الذي رواه النسائي في تحريم مارية وما تابعه من غير اعتبار وقوع يمين في ذلك، وفيه ما تقدم من احتمال عود الكفارة إلى اليمين وأن مجموع الروايات التي ذكر فيها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- حلف عل ذلك يقتضي قوة تفيد الاحتجاج بها،