يقع بالطلاق والظهار مختلف فيه وهو محرم فسوغ لفظ التحريم فيها ويكون الخلاص منه بالكفارة الصغرى فلا يلزم طرد ذلك في الزوجة.
فقد تبين بهذا كله أن التعويل في إيجاب الكفارة في تحريم الزوجة (ص 26) على مجرد دلالة الآية وسبب نزولها غير واف بالمقصود بل لا بد معه من اعتبار مدلول اللفظ فإلي ماذا يرجع من القواعد التي يلحقه المجتهد بها كما تقدمت الإشارة إليه وسنزيده إيضاحًا، وكذلك التمسك فيه بأقوال الصحابة لا ينتهض بمجرده؛ لتباين أقوالهم في ذلك وكثرة اختلافهم كما تقدم؛ لأن من يقول بأن قول الصحابي ليس بحجة فعدم تمسكه بذلك ظاهر؛ وأما على القول بحجيته فذاك إنما يكون إذا لم يعارضه قول غير هذا؛ وأما عند اختلافهم كمثل هذه المسألة فإما أن يقال: يتساقط الجميع والمرجوع إلى غيره من المأخذ، وإما أن يرجع إلى الترجيح وقد نص الشافعي على أنه إذا اختلفت أقوال الصحابة أنه يرجع إلى ما قاله أحد الخلفاء الأربعة.
وإما أن يجمع بين جميع الأقوال يحمل كل واحد منهما على صورة غير الصورة التي يحمل عليها القول الآخر وكأنه الذي لحظه الإِمام الشافعي رحمه اللَّه في هذه المسألة، وهذا أولى من إلغاء بعضها وإن كان فيه تخصيص لكل قول منها وإخراجه عن ظاهره فإن ذلك أسهل من تركه بالكلية.
وبيان هذا أن من قال بأنه طلقة رجعية أو ثلاث طلقات فهو محمول على ما إذا نوى باللفظ ذلك وكذلك من قال إنه ظهار، وقول من قال: إنه يجب به الكفارة محمول على ما إذا نوى تحريم عينها أو وطئها ونحو ذلك أو في حالة الإطلاق على القول المرجح، وقول من قال: لا شيء عليه محمول على حالة الإطلاق على القول الآخر، وقول من (27) قال: إنها طلقة بائنة محمول على ما إذا نوى به الطلاق وهي غير مدخول بها.
وفي هذا أَيضًا جمع بين المعاني التي يمكن رد اللفظ إليها بطريق الإمكان ولا يبقى إلا قول من قال بأنه يمين كما تقدم مصرحًا به عن ابن عباس وغيره فحمله الشافعي على المجاز أي يشبه اليمين في لزوم الكفارة فيه؛ لأن حقيقة اليمين ما عقد فيه باسم من أسماء اللَّه تعالى أو صفة من صفاته مع حرف من حروف القسم؛ ولأنه