العسل وإن كانت تقدمت قريبًا من ذلك ونزلت الآية عقيبها فليست يراد بها لما أشرنا إليه، وحينئذ لو لم يرد في تحريم مارية حلف عليها فلا ينبغي أن يلحق بالأمة غيرها من المأكول والمشروب فإن الأبضاع لها أحكام خاصة لا توجد في غيرها فكيف وقد ورد في كل منها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- حلف فيه.

فأما ما رواه الدارقطني من حديث علي بن ثابت، عن عبد اللَّه بن محرر، عن سعيد بن جبير، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه جعل الحرام يمينًا (?) فلا يحتج به؛ لأن عبد اللَّه بن محرر هذا ضعيف باتفاقهم متروك فلا اعتبار بهذه الرواية والمعروف في ذلك ما (25) تقدم عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ولم تتفق أقوالهم على شيء خاص، فيحتمل أن يكون من جعله منهم يمينًا تعلق بظاهر الآية في الموضعين من قوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ} مع قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) ولم يبلغه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان منه قسم في شيء من ذلك وهذا هو الأظهر.

وكذلك من قال: فيه الكفارة وليس بيمين؛ أعمل قوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ} في ظاهر حقيقته دون مجازه من اليمين وقال: معنى قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) الإشارة إلى أن ما شرعه اللَّه في كفارة اليمين من الخصال فهو مشروع هاهنا ولا يلزم من ذلك أن يكون مجرد التحريم يمينًا وهذا هو الذي اعتمده الإمام الشافعي، ورد عليه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان تقدم منه يمين لا سيما في قضية شرب العسل فلا تكون الكفارة على مجرد التحريم ثم على تقدير قصة نزول الآية في تحريم الأمة فإلحاق الزوجة بذلك يكون بالقياس والجامع بينهما استحلال البضع.

ويمكن الفرق بينهما بأن الزوجة يحصل تحريم بضعها بالطلاق أو الظهار فلا حاجة إلى تحصيله بغير ذلك، بخلاف الأمة فإن تحريم بضعها مع بقائها في ملكه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015