الاسم المعظم بالمخالفة لما عقد به يمينه فكذلك قلنا: إن إطلاق التحريم على المحلوف عليه مجاز، وكذلك أَيضًا تسمية التحريم يمينًا في قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) ليس حقيقة أَيضًا لأن حقيقة اليمين تأكيد الحث أو المنع أو التصديق بالاسم المعظم فالحكم عليه بأنه يمين يحتاج فيه إلى إثبات شرع صريح بذلك فلو لم يرد في شيء من قصة العسل أو تحريم مارية وفي اليمين أمكن أن يتعلق في جعله يمينًا بإطلاق قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?).
ويقال: الأصل في هذا الإطلاق الحقيقة ولكن منع من هذا ورود الحلف في كل منهما وهو زيادة على التحريم يلزم قبولها؛ فيبطل حينئذ التعلق بإطلاق الآية ويكون مصروفه إلى تحلة ما حلف به؛ فبطل تعلق الحنفية بالآية في أن تحريم المباح من المأكول والمشروب وغير ذلك يكون يمينًا ويلزم الكفارة به عند المخالفة؛ لأنه يقال: إن الكفارة في الآية إنما ذكرت لما تقدم من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحلف لا سيما على العسل مع ثبوته في "صحيح البخاري".
وقد تقدم في حديث الترمذي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- آلى وحرم فجعل الحرام حلالًا وجعل في اليمين الكفارة، وهذا يقتضي أن تحريم ما حرم (24) لم يتعلق به كفارة وإنما ترتبت الكفارة على اليمين.
وتقدم أَيضًا اختلاف الأحاديث في سبب نزول الآية، وأن بعضهم رجح أن سببها تحريم العسل أو الحلف عليه لثبوت ذلك في "الصحيحين" ولا ريب في أن الروايات المقتضية لنزولها في قصة مارية يفيد مجموعها الصحة أيضًا كما تقدم، ثم يتأيد ترجيح ذلك بأن اللَّه تعالى أخبر عن نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن تحريم ما حرم كان لأن يبتغي بذلك مرضات أزواجه وهذا لا ينطبق إلا على تحريم مارية لرضى حفصة أو عائشة -رضي اللَّه عنهما- وأما تحريم العسل فإنما كان لما كرهه من الريح التي قيل له عنها لا لرضى أزواجه، فهذا مما يقوي القول بأن سبب الآية كان تحريم مارية ولابد وأن قضية