{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) واختلفت الآثار المروية فيه أَيضًا وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هل كان حرم منه أو حلف أن لا يطأها، أو حرم العسل أو حلف لا يشربه كما سيأتي بيان ذلك مبسوطًا (ص 15) إن شاء اللَّه تعالى؟

وعلى تقدير أن يكون حرم أمته فهل تلحق الزوجة بها أم لا؟

فالظاهر أنهم تمسكوا بالبراءة الأصلية وقالوا: لم يثبت فيها حكم خاص فلا يلزم بها شيء، والجمهور ردوا هذه اللفظة إلى ما يقتضيه معناها من الأصول فمنهم من نظر إلى التحريم الكامل في حق الزوجة هو ما تقتضيه البينونة الكبرى بوقوع الثلاث فجعلها تقتضي ذلك، ومن المالكية من رجح هذا المعنى بعرف ادعوا ثبوته صيرها تقتضي ذلك وهو بعيد، ومنهم من نظر إلى أن إيقاع الثلاث من غير نية الزوج العدد بعيد، فاقتصر على البينونة الصغرى فقال: تقع به طلقة بائنة؛ لأن بها يحصل التحريم لأن الرجعية غير محرمة من كل وجه ومن قال: إن وطء الرجعية محرم اقتصر على أنها طلقة رجعية؛ لأن الأصل عدم زائد عليها.

ومنهم من نظر إلى أن الأصل عدم الفرقة ورأى أن تحريم الزوجة مع بقاء النكاح بلفظ من الزوج إنما يكون بالظهار فجعل هذا اللفظ يدخل فيه.

وأما من قال أنه يمين يلزم بمخالفته كفارة اليمين فاعتمد قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) بعد قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (?) وقالوا: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حرم مارية أو شرب ذلك العسل، وسيأتي ما يتعلق بذلك إن شاء اللَّه تعالى، ومن رأى أن الكفارة تلزم به وليس بيمين تمسك بالقصة مع أن اليمين لا يكون إلا باسم من أسماء اللَّه تعالى (ص 16) أو بصفاته.

وأما من رأى أنه كناية في شيء مما تقدم فعمدته أن اللفظ لم يشتهر في شيء من ذلك لا في الكتاب ولا في السنة ولا في عرف حملة الشريعة؛ لأن اختلاف الصحابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015