إبراهيم بن سليمان الحيدري
ينطلق العمل الخيري مهما اختلف حجمه وتباين نشاطه من ثلاثة محاور، هذه المحاور هي:
أهداف المنظمة الخيرية، رغبات المتبرعين، وحاجات المستهدفين.
عملية التوفيق بين هذه المحاور، التي قد تبدو متعارضة، هو الطريق الممهد لبقاء المنظمة الخيرية ونجاحها بعد توفيق الله، والانسياق خلف واحد منها قد يكون دهليزاً نحو الفشل.
أما المحور الأول فهو: أهداف المنظمة الخيرية التي تسعى لتحقيقها وتكافح من أجلها (أو هكذا يفترض) ، وبقدر ما يسخر القائمون على المنظمة الخيرية لهذه الأهداف من موارد مالية وبشرية بقدر ما تقترب المنظمة نحو تحقيق النجاح.
المحور الثاني هو: رغبات المتبرعين؛ وهي متنوعة ومتباينة بتباين قيم الناس وثقافاتهم، إلا أن ثقافة المجتمع تلعب دوراً كبيراً في توجيه رغبات المتبرعين، ولعل هذا ما يفسر تكدس الناس على مشاريع خيرية محددة وتجاهلهم لأخرى قد تكون أعظم أجراً وأكبر نفعاً.
أما المحور الثالث فهو: حاجات المستهدفين، والمستفيد في هذه الحالة هو الفرد الذي (يستهلك) منتجات المنظمات الخيرية؛ سواءً كانت هذه المنتجات ملموسة أو غير ملموسة، وهناك جدل كبير: هل المستفيد قادر على تحديد احتياجاته أم لا؟
إن انطلاق المنظمة الخيرية من أحد هذه المحاور وتجاهل المحاور الأخرى سوف يقود لا محالة إلى نتائج سلبية، فالتركيز على أهداف المنظمة وتجاهل رغبات المتبرعين سيجعل المنظمة الخيرية تعاني من شح الموارد المالية؛ مما يهدد بقاءها وجودة خدماتها، كما أن تجاهل الحاجات الفعلية للمستهدفين سيقود إلى وصول المنظمة الخيرية إليهم؛ لكن ليس إلى تلبية حاجاتهم بالضرورة.
من زاوية أخرى، فإن الانسياق خلف رغبات المتبرعين، أو تتبع حاجات المستفيدين وإهمال أهداف المنظمة الخيرية، قد يقود إلى تشتت الجهود وبعثرتها في مشاريع وبرامج لا تحقق في مجموعها هدفاً سامياً ومؤثراً.
إن عملية التوفيق والتوازن بين هذه المحاور الثلاث تبدو كأنها مشي على الشوك، والقيادة الحكيمة للمنظمة الخيرية هي التي تستطيع أن تمزج بين عناصر هذا المركب بمقادير محددة، من خلال تفكير استراتيجي يرسم أهدافاً راسخة للمنظمة، تلبي حاجات معينة للمستهدفين وتجد صدى لدى شريحة كافية من المتبرعين.