مجله البيان (صفحة 5795)

حواء.. عندما تكون مديرة!

إبراهيم بن سليمان الحيدري (*)

من بين تلك السحب المتلبدة في الأفق، يلمح المتفائل بين الحين والآخر نجوماً ساطعة تبشر بمستقبل مشرق. أحد هذه النجوم تلك المنظمات الخيرية النسائية ذات التوجه الإسلامي والتي تدار بسواعد نسائية طموحة.

علاقة حواء بالإدارة الخيرية في كثير من البلدان العربية علاقة حديثة إلى حد كبير، وفي مثل كل البدايات؛ فإن هناك نجاحات وهفوات، إلا أن الملاحظ أن تجربة المرأة في حقل الإدارة الخيرية بدأت في زمن يمتاز بوعي إداري يتنامى وثقافة تنظيمية تتزايد، ووسائل تطويرية تتجدد وتتوفر بيسر وسهولة، والمنتظَر والحال كذلك أن تستثمر حواء هذا الوضع وتترجم ذلك في أساليب إدارية راقية استثماراً واعياً للموارد البشرية والمالية.

هناك تحديات أمام حواء وهي تدخل تجربة الإدارة الخيرية من شأنها أن تعطل مسيرة العمل، وتعرقل سير الخطط، وتهدر الموارد، إلا إذا استطاعت التعامل معها بحكمة وموضوعية، ومن ذلك: الوقت، والعاطفة.

فالوقت الذي يمضيه المدير داخل أروقة منظمته عامل مهم في النجاح؛ وحتى مع التطور التقني الذي نعيشه يبقى وجود المدير في منظمته واستنشاق هوائها اليومي مهم لاستيعابٍ أشمل، وتجاوب أسرع، وإدارة أنجح للمنظمة.

التحدي الذي يواجه المرأة المديرة هو أن دورها الاجتماعي في الحياة زوجة وأمّاً يتطلب المكوث في البيت، وهو عمل جليل ولا شك، وبه يصلح حال الأسرة. إلا أنه من جهة أخرى يعني مكوثاً أقل داخل المنظمة، مما يؤثر سلباً على أدائها الإداري. ويزداد الوضع وضوحاً مع المديرات العاملات، وهو حال كثير من الداعيات.

كان هذا التحدي الأول.

أما الثاني: فهو العاطفة، ولو حق لنا أن نلخص الدور الرئيس للمدير في جملة بليغة لكانت: صنع القرارات واتخاذها. والمديرون في صنع القرارات أصناف، وأسوؤها ذلكم الصنف الذي يتجاهل الطريقة العلمية ويعتمد على شخصيته في صنع القرار واتخاذه. التحدي هنا أن للعواطف في شخصية المرأة حجماً كبيراً، وهو متطلب بلا مناقشة لدورها الرئيس؛ إلا أن عدم اكتراث المديرات بأثر العواطف في القرار الإداري سبب كافٍ لخروج قرارات وتصرفات يعوزها النضج ويلازمها الفشل.

إن في جعبة حواء ودهاليز الإدارة ـ بعد توفيق الله ـ ما ييسر التعامل مع هذه التحديات، ويجعلنا نستشرف أعمالاً إسلامية نسائية يفوح شذى جودة التنظيم منها، وتعبق بإدارة حديثة ناضجة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015