عبد الرحمن بن عمار السفياني
هذا عواء الريح مع ذئب الفلا
قد لفَّه ليل بهيم كالعمى
هل يستكين وليس ثمّة مأمن؟
كلاَّ فقد نطقت خطاه وربما
قدر له خوض الصعاب وإنما
ومضى مضاء الليث شبّ على السرى
يا ليلتي إن كنت مهلكتي فما
هو لا يبالي بالليالي إذ رمت
ظني به يمضي ويخترم الدجى
ظني به يوم السباق كسابح
لو حال موج البحر دون مراده
أكرم به وبغاية يسعى لها
إن هام أخدان الهوى في لهوهم
خفّاً تراه من الدنايا في الورى
ما نالت الأهواء منه وقلما
هو حلم أمّتنا سينهض للوغى
ليعيد للتاريخ قصة أروع
تهوى المعالي طامحاً يسعى لها
لا خير في عيش الفتى متواكلاً
ما أروع الإقدام في عزم الفتى
وإذا امرؤ هاب العثار فعيشه
ما يبتغي الأعداء منك فتى الهدى
يبغون لو هدموك أو صدعوك يا
جهلوا بأنك قد سمقت على الثرى
قبس من الوحيين جئت إلى الدنا
كل الثغور رنت إليك وعولت
ستظل في أحزاننا أنشودة
ولأنت إن راق الجمال عيوننا
يعوي وسارٍ لم يقارب منزلا
لله ليل ما أشدّ وأطولا!
أتراه يمضي! ما عسى أن يفعلا؟
ألفيت من خطو الأشاوس قائلا
قدر البواسل أن تضرّ وتبتلى
وكأن منه الصدر يحوي جندلا
أوْلى بأن ألقى المنية مقبلا
أهوالها وبمن أعاق وخذَّلا
ويغادر السرحان ثَمَّ مجندلاً
يطوي مراحله فيأتي أولا
خاض العباب إلى الرغاب مهرولا
لهو الحقيق بما أراد وأمّلا
ففتى العقيدة هام في حب العلا
وتراه من حمل المكارم مثقلا
ترمي الفتى إلا أصابت مقتلا
بالنصر معقود الجبين مكلّلا
خاض الفتوح مكبراً ومهلّلا
ولطالما تجفو البليد الخاملا
الخير فيه ساعياً متوكلا
لم يخش في إقدامه أن يفشلا!
ـ ما عاش ـ في قيد الهوان مكبّلا
أعجزت كل عداك أن تتحولا
جبلَ العقيدة أو تزحزحَ أنملا
وضربت في أرض الهدى متغلغلا
وخرجت من مشكاة أحمد مشعلا
والقدس فيك رأى الخلاص وعولا
يبكي الفؤاد فإن أصاخ لها سلا
من لم تزل فيها أحب وأجملا