د. يوسف الصغير (*)
بعد حوالي أربع سنوات من قرار الكونغرس الأمريكي بما يشبه الإجماع والذي خول بموجبه الرئيس جورج بوش صلاحيات شن الحملة العسكرية، ودون غطاء شرعي، للإطاحة بنظام صدام حسين بدأت حرب العراق تدخل إلى دائرة اهتمامات الرأي العام الأمريكي حيث أوضح استطلاع أجرته قناةCرضي الله عنهS ونيويورك تايمز أن 60% من الأمريكيين يعتقدون أن الأمور تسير نحو الأسوأ بالنسبة للولايات المتحدة في العراق، بينما قالت شريحة أخرى بلغت نسبتها 51% إن الولايات المتحدة ما كان لها التورط في العراق. وهنا بدأ النواب الديمقراطيون حملة مناهضة لحرب العراق وانتهاك القانون في جوانتانامو، بل وزايد بعض الجمهوريين بطلب جدول زمني للانسحاب؛ ففي جلسة دامت أربع ساعات بمجلس الشيوخ الأمريكي، شجب عدد من النواب الديمقراطيين الممارسات التي تجري في معتقل جوانتانامو، وقال النواب إن احتجاز المعتقلين لسنوات بدون محاكمات أو السماح لهم بمقابلة محامين عنهم أمر سلبي جداً.
وقال السيناتور الديمقراطي (باتريك لياهي) : لقد سبب هذا الوضع إحراجاً دولياً لدولتنا ولقيمنا، وسيبقى تهديداً لأمننا. وقال السيناتور (إدوارد كندي) : انتهاكات حقوق الإنسان في جوانتانامو جلبت العار على الدولة، وقللت من فرص الانتصار في الحرب على «الإرهاب» ، وفي كثير من أنحاء العالم ينظرون إلينا على أننا الدولة التي تسجن الناس بدون محاكمة وتعذبهم. وقد انضم للحملة الرئيسان السابقان (كارتر) و (كلينتون) . واتهم عضو الكونغرس (جون كونيرز) إدارة بوش بالخداع مبرراً ذلك بالقول: «نعلم الآن أنهم قد أخبرونا بشيء في أمريكا بينما كانوا يخططون للحرب في لندن» . في محاولة للتنصل من التأييد الأعمى للحرب.
ومن الغريب ان النائب الجمهوري (ولتر جونز) صرح بأنه بصدد تقديم اقتراح للكونغرس يدعو فيه إلى وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وبرر عضو الكونغرس موقفه بالقول: «بعد 1700 قتيل و 12 ألف جريح وإنفاق 200 مليار دولار، نعتقد أن الوقت قد حان لمثل هذه المناظرة ومناقشة قرار الانسحاب» .
نعم إن 1700 قتيل و 12 ألف جريح أمريكي و 200 مليار دولار كافية لتغيير الموقف، ولا ننسى أنها صحوة ضمير سياسي ترتبط بمصالح النائب ومستقبله السياسي اعتماداً على الرأي العام الذي دخل العراق إلى دائرة اهتمامه عن طريق التوابيت وطوابير المعاقين ومليارات الدولارات الإضافية لتمويل حربي العراق وأفغانستان؛ إنها حسابات ربح وخسارة لم يدخل ضمنها تدمير مدن العراق الواحدة بعد الأخرى، ولم يحركهم تدنيس مقدسات المسلمين، ولم تضم إلى قائمة القتلى مئة ألف عراقي ومثلهم من الأفغان. إنها صحوة ضمير لا يمت بصلة لضمير الإنسان؛ إنه ببساطة: ضمير أمريكا؛ والسلام.