تحقيق: عز الدين فرحات
- شارك في التحقيق:
- الشيخ الدكتور عبد الرحمن الهويسين مدير إدارة توعية الجاليات بوزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية.
- الشيخ نوح بن ناصر القرين المشرف العام على المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالبطحاء بالرياض.
- الشيخ خالد بن علي أبا لخيل مدير المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات في الربوة بالرياض.
- الشيخ عبد الرحمن بن سعد آل فريان المشرف العام على المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بحي سلطانة بالرياض.
- عدد من المسلمين الجدد والمستفيدين من مكاتب توعية الجاليات
بعد أن أنهى الإمام خطبته أعلن عن وجود مجموعة من الأشخاص سيشهرون إسلامهم بعد صلاة الجمعة، وما أن انتهت الصلاة حتى قام خمسة رجال من جنسيات مختلفة، واصطفوا أمام المصلين ونطقوا بالشهادتين بعد أن لقنهم إياها إمام المسجد، فارتفع صوت التكبير والتهليل، وحين تعرفنا عليهم كان معهم مرافق من مكتب توعية الجاليات بالبطحاء، فكان لا بد من زيارة المكتب للتعرف على بعض المسلمين الجدد وعلى الأنشطة المبذولة للتعريف بالإسلام وتوعية الجاليات.
مكاتب توعية الجاليات هي مراكز دعوية متخصصة في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، وتعليم المسلمين من غير المسلمين أصول الإسلام وقواعده العامة.
- المستفيدون من مكاتب التوعية:
في مكتب توعية الجاليات بالبطحاء التقينا عدداً من المسلمين الجدد المستفيدين من أنشطته وكان من بينهم:
ـ سلطان بلاسكس (رولي بلاسكس قبل إسلامه) 35 سنة مقيم بالمملكة منذ ستة عشر عاماً، أسلم منذ فترة قريبة. يقول: بدأت التعرف على الإسلام عن طريق قراءة الكتب الإسلامية باللغة الفلبينية في مكتب الدعوة بالمستشفى العسكري ومكتب البطحاء. وبعد إسلامه دعا زوجته وأخته إلى الإسلام فأسلمتا، ويضيف سلطان أنه أدى فريضة الحج والعمرة هذا العام عن طريق مكتب الدعوة بالبطحاء.
ـ محمد اسماعيل (صمويل باليسوك) قبل إسلامه 42 سنة، فلبيني يعمل فني تبريد بالقصيم منذ عشر سنوات. يقول: كنت أتردد على مكتب توعية الجاليات ببريدة فيقدمون لي الكتب والأشرطة التي تشرح الإسلام وتعرفني به حتى منَّ الله عليَّ وشرح صدري للإسلام بعد عام من بداية ترددي على المكتب.
ويضيف: حين انتقلت إلى الرياض بدأت أتردد على مكتب توعية الجاليات بالبطحاء أحضر دروس تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف، وبمساعدة العاملين بالمكتب بدأت أدعو أصدقائي من الفلبينيين إلى الإسلام.
- وفي زيارة إلى مكتب توعية الجاليات بسلطانة كان هناك ثلاثة رجال يعلنون دخولهم في الإسلام؛ التقينا بهم وبالشخص الذي دعاهم إلى الإسلام.
«كان اسمي جورج، سريلانكي الجنسية، أعمل في مركز الدفاع المدني في طريق ديراب بالرياض، كنت نصرانياً متمسكاً بالنصرانية، وقد عرفت كل الديانات وقرأت عنها؛ فلم تنفعني حتى تعرفت على الإسلام، فأعلنت إسلامي منذ شهور قليلة» .
بهذه الكلمات بدأ حديثه، ثم قال: اسمي الآن (محمد) وأشعر بالعزة باسمي، وقد وجدت في الإسلام ما فقدته حين كنت غارقاً في الكفر. سألناه: كيف دعوتَ هؤلاء الرجال؟ فأجاب: بمساعدة مكتب توعية الجاليات بدأت أقدم لهم كتباً وأشرطة كاسيت بلغاتهم لتعريفهم بالإسلام حتى منَّ الله عليهم وحضروا الليلة لكي يعلنوا إسلامهم.
كما التقينا في مكتب سلطانة كذلك بـ (آمنة 40 سنة) و (مريم 52 سنة) .
تقول (ننداواتي) أو (آمنة) بعد إسلامها: إنها كانت بوذية مدة عشرين سنة، ثم نصرانية لمدة عشرين سنة أخرى، وكانت متمسكة بنصرانيتها حتى مَنَّ الله عليها بالإسلام.
وأما (بيواتي) أو (مريم) فقد كانت نصرانية حياتها كاملة.
تقول آمنة: إنها حين جاءت للعمل في المملكة؛ وجدت معاملة حسنة من صاحبة المنزل الذي تعمل به؛ حيث كانت تعاملها كأنها أخت لها، بل كانت تقدم لها بعض الخدمات الخاصة مما جعلها تحبها وتحب الإسلام من خلالها. فاتصلنا بالسيدة أم خالد التي كانت سبباً في إسلام هاتين المرأتين، وذلك بعد التنسيق مع زوجها.
أم خالد السليمان ربة منزل، وأم لخمسة أبناء، ليست من حملة الشهادات العليا؛ بل إنها ـ كما تقول ـ لم تكمل الشهادة المتوسطة، تقول أم خالد: ليست عندي معلومات كثيرة عن الإسلام، ولكن الذي أعلمه جيداً أن هذه النفس يجب عليَّ إنقاذها من النار، وإخراجها من الكفر إلى الإيمان.
كنت أستعين بالله أولاً، ثم ببعض الإصدارات من مكتب توعية الجاليات من شرائط كاسيت وكتب، كذلك كنت أصطحبهما إلى مكاتب التوعية لحضور دروس للمشايخ والعلماء الذين يتحدثون بلغاتهن.
وتضيف أم خالد: قبل إسلامهما كنت أجلس معهما كل فترة لتعريفهما ببعض مبادئ الإسلام، فأدعو الله أن تستمر هذه الجلسات، وكذلك الحرص على زيارتهما لمكاتب توعية الجاليات لحضور الدروس والمحاضرات بلغتيهما.
ـ بعد لقائنا مع هذه النماذج كان لا بد لنا من التعرف على أنشطة مكاتب توعية الجاليات من خلال القائمين عليها.
- متوسط عدد من يعلنون إسلامهم في كل مكتب يتراوح بين (1 ـ 4) أشخاص يومياً:
في مكتب توعية الجاليات بالبطحاء التقينا بالشيخ (نوح بن ناصر القرين) المشرف العام على المكتب الذي أخبرنا أن معدل الذين يسلمون في المكتب يتراوح بين 130 ـ 140شخصاً شهرياً، وقد أسلم في شهر المحرم 1426 هـ (131) شخصاً أي بمعدل (4) أشخاص في اليوم، وأحياناً يزيدون وخاصةً يومي الخميس والجمعة؛ لأنه إجازة العاملين، فتصبح الدعوة بين العاملين أكثر إيجابية، ويكون معدل من يسلم يومي الخميس والجمعة من (20 إلى 30) شخصاً، وقد أسلم بعض الأطباء والطبيبات والعاملين في السلك الدبلوماسي، وقد أعلن سفير إيطاليا السابق إسلامه العام الماضي في مكتب البطحاء.
وتعد نسبة من يعلنون إسلامهم في مكتب البطحاء مرتفعاً نسبياً إذا قارناه بمكاتب أخرى؛ نظراً لطبيعة منطقة البطحاء التجارية حيث يتردد عليها يومياً ما يقارب 50 ألف شخص، وقد تختلف هذه النسبة في المكاتب الأخرى حسب ظروف كل مكتب ودائرة نشاطه؛ ففي مكتب توعية الجاليات بسلطانة نرى متوسط من يعلنون إسلامهم سنوياً ما يقارب 350 شخصاً أي بمعدل شخص واحد يومياً كما ذكر (الشيخ عبد الرحمن آل فريان) المشرف العام على المكتب، وقريب من هذه النسبة نسبة من يعلنون إسلامهم في مكتب الربوة. يقول (الشيخ خالد بن علي أبا الخيل) مدير مكتب توعية الجاليات بالربوة: إن عدد المسلمين الجدد ارتفع من 80 شخصاً سنوياً في بداية نشأة المكتب إلى أن وصل العدد إلى 447 مسلماً جديداً في العام الماضي، وهذا المعدل يعد مرتفعاً بالنظر إلى قلة العمالة نسبياً في منطقة المكتب، ويحرص المكتب على أن يقدم هدية لكل مسلم جديد مما يترك أثراً كبيراً في نفسه.
- وسائل المكاتب في دعوة الجاليات:
وعن الوسائل التي تستخدمها المكاتب في دعوة غير المسلمين يقول الشيخ القرين: إن وسائل الدعوة كثيرة ومتعددة، ومن أكثرها شيوعاً الكتيبات والمطويات والدروس والمحاضرات والندوات التعريفية بالإسلام، واللقاءات الفردية الخاصة الموجهة لشخص بعينه وليست عامة فهي أكثر إيجابية واستقبالاً؛ لأن المدعو يشعر أنك تؤثره وحده بالحديث، فيجمع أحاسيسه ووجدانه معك؛ أما في المحاضرات العامة؛ فمن الممكن أن ينشغل المدعو بالحديث أو بالجوال أو بمن حوله، كذلك من أهم الوسائل في الدعوة مخيمات تفطير الصائمين وخاصة العمال غير العرب، كذلك إقامة المسابقات الدعوية على أشرطة وكتيبات موجهة لغير المسلمين بلغاتهم.
ويضيف الشيخ (آل فريان) إلى ما سبق وسائل أخرى منها استخدام الوسائل الحديثة للدعوة، مثل: الإنترنت، والبريد الإلكتروني، والدعوة عبر المراسلة عن طريق الجولات الدعوية، والمشاركة في المعارض الدعوية، والإسهام في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية.
- تجديد وابتكارات في الوسائل الدعوية:
أما مكتب الربوة فقد خطا خطوات واسعة في استخدام الوسائل الحديثة كما يقول الشيخ خالد أبا الخيل: إن من المشاريع الرئيسة في المكتب: (مشروع دار الإسلام) وقد اتخذ هذا القسم شعاراً له هو: (الإسلام بين يدي الملايين) حيث يهدف القسم إلى تبليغ رسالة الإسلام الصحيحة لملايين الناس؛ وذلك بنشر المواد الدعوية بجميع اللغات الحية في العالم عبر الإنترنت سالكين لتحقيق ذلك منهجاً علمياً منظماً يبدأ بحصر وجمع الإنتاج العلمي الشرعي، وقد أسسنا لهذا الغرض مركز المعلومات الدعوي؛ حيث جمع في المركز: (6526) مادة علمية مما كوَّن لدينا قاعدة بيانات ضخمة للمواد العلمية الشرعية المتناثرة في المراكز الدعوية في العالم. ثم يقوم قسم إعداد واختيار المادة العلمية بالعمل على تدقيق ومراجعة تلك المواد واختيار المناسب منها للنشر، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة النشر عبر الإنترنت حيث أنشأ المكتب عدداً من المواقع على الإنترنت بلغات متعددة منها اللغات: (العربية، والإنجليزية، والأندنوسية، والتركية، والفرنسية، والصينية، والروسية) وقد أنشأ المكتب مركزاً لتحميل المواد الدعوية باللغات الأخرى، حيث يحوي مواد بأربعين لغة تقريباَ. علماً أن المشروع يهدف إلى تكوين موقع على الإنترنت لكل لغة حية في أنحاء العالم، وذلك متى ما توفرت الإمكانات اللازمة لذلك.
كما أنشأ المكتب مركز التعليم عن بعد www.islamhouse.tv والذي يتكون من قاعة مخصصة لبث الدروس والمحاضرات حية على الهواء بالصوت والصورة عبر الإنترنت وبذلك تصل تلك الدروس والمحاضرات الشرعية إلى جميع المراكز الدعوية التي تفتقر إلى الإمكانيات وكذلك الأفراد في جميع أقطار العالم.
ـ ويضيف الشيخ أبا الخيل أن المكتب يهدف إلى التجديد والتطوير المستمر لأعماله، ومن الأفكار الدعوية الحديثة التي نفذها المكتب إنشاء مركز التغليف الدعوي؛ وذلك لإنتاج هدايا مغلفة بشكل أنيق تحتوي على كتيب وشريط وبطاقة دعوية لتكون وسيلة دعوية توزع في المناسبات المختلفة، كما أنشأ المكتب حديثاً أستديو صوتياً متكاملاً لإنتاج المواد الصوتية من دروس أو محاضرات بلغات مختلفة.
- هل تنتهي مهمة المكاتب بعد إعلان الشخص إسلامه؟
ـ يقول الشيخ القرين: نحن نبذل في متابعة من يسلم منهم ما تيسر لنا من جهد، ولكن هناك أمور تكون خارجة عن إرادتنا وعن المكاتب التعاونية مثل طبيعة العمل لمن أسلموا؛ حيث يحول بيننا وبين المتابعة؛ فحينما يعلن شخصٌ إسلامه يقوم الإخوان في المكتب بتهنئته بالإسلام، ويؤدون به الفريضة، ويعلمونه، ثم يخاطب كفيله بإسلامه، ويُطلب منه التواصل معه في تعليمه وأن يمنحه إجازة يومين كل شهر هجري للخروج مع المكتب في رحلة تعليمية ترفيهية لتعليمهم الأمور الأساسية في إحدى الاستراحات أو المزارع القريبة من الرياض، كما نحثهم على حضور دورات تعليمية قصيرة، ونزف بشرى بأن فصولاً سيتم افتتاحها تابعة للمكتب لتعليم الإسلام بلغاتهم.
ويضيف الشيخ آل فريان ـ مكتب سلطانة ـ: بعد أن يعلن الشخص إسلامه نحرص على أن يستمر التواصل معه بعدة وسائل منها: الزيارة بصفة دورية، ربطهم بالمكتب عن طريق الدروس والمحاضرات، إقامة الرحلات الدعوية والترفيهية بصفة شهرية، تزويدهم بالجديد من الكتب والمطويات والأشرطة، طرح المسابقات الشهرية، الاتصال بهم من وقت لآخر لتفقدهم ومساعدتهم وقضاء حوائجهم إن أمكن، تشجيعهم على طلب العلم ليتفقهوا في دينهم ويرفعوا مستواهم العلمي ليعبدوا الله ـ تعالى ـ على علم وبصيرة، ويتمكنوا من دعوة غيرهم إلى الإسلام، تنظيم رحلات الحج والعمرة لهم، ومساعدتهم في دعوة أهليهم وأقاربهم إلى الإسلام عن طريق المراسلة.
ـ ويؤكد الشيخ أبا الخيل أن المهمة الأكبر للمكاتب تبدأ من تلك اللحظة التي ينطق فيها بالشهادتين؛ فهو يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين حتى يتعلم أمور دينه الجديد بلغته، ومن هنا ظهرت فكرة الدورات الشرعية بلغات الجاليات المختلفة منذ عام 1415 هـ؛ وذلك بعد افتتاح المكتب بسنة واحدة، وكان التدريس باللغة الإنجليزية فقط ثم أضيفت لها لغات أخرى مثل (البنغالية ـ العربية ـ الأردية ـ الفلبينية ـ التاميلية ـ الأندونيسية ـ التركية) .
ويعتمد نظام التعليم في القسم على طريقة الدراسة المنهجية المقسمة إلى عدة مستويات بحيث يكون هناك فصلان دراسيان في كل سنة، ينتقل الطالب من مستوى إلى الذي يليه بعد اجتياز الاختبارات الخاصة بذلك المستوى حتى يصل إلى المستوى الخامس الذي يقدم فيه بحثاَ علمياً شرعياً للتخرج، كما يقدم القسم حوافز تشجيعية للطلاب منها: مواصلات مجانية، مناهج مجانية، وجبة عشاء، جوائز، رحلة حج مجانية لمن لم يسبق له الحج، وقد أثمرت هذه الجهود ازدياد عدد الدارسين من 40 دارساً في الدورة الأولى إلى 807 دارسين في الدورة الثالثة والعشرين.
- إذا كانت هذه الجهود موجهة لغير المسلمين بهدف دعوتهم إلى الإسلام وتعريفهم به؛ فهل توجد جهود موجهة إلى المسلمين؟
يقول الشيخ نوح: إذا كان التركيز على غير المسلمين بهدف دعوتهم إلى الإسلام، ثم على المسلمين الجدد بهدف تعريفهم بمبادئ الإسلام وأركانه؛ فإن ذلك لا يمنع من الاهتمام بالمسلمين، واللقاءات مفتوحة للجميع، والدروس والمحاضرات مستمرة للجاليات بجدول أسبوعي منظم حسب اللغة؛ فلدينا يوم السبت للجاليات البنجالية، والأحد للجاليات الهندية المتحدثة باللغة التاميلية، والثلاثاء للجاليات الماليبارية، والأربعاء للجاليات الأردية، والخميس للجاليات المتحدثة باللغة الإنجليزية، والجمعة للجاليات المتحدثة باللغة الأندونيسية والفلبينية.
ويضيف الشيخ آل فريان قائلاً: إن نشاط المكاتب موجه للمسلمين وغير المسلمين، للعرب وغيرهم؛ وذلك بتزويد المسلمين بالكتب والأشرطة النافعة التي تعالج بعض ما هم فيه من مخالفات وأخطاء عقدية وسلوكية.
ويقول الشيخ خالد أبا الخيل: إذا كان اهتمامنا أكثر بغير المسلمين إلا أننا لا نهمل غيرهم من المسلمين، ونحن لدينا برامج يستفيد منها الأفراد الذين لا تتيسر لهم زيارة المكتب؛ فنحن نذهب إليهم في أماكن تجمعاتهم؛ فقد أعد المكتب سيارة دعوية تكون بمثابة مكتب دعوة متنقل يقوده فريق عمل مكون من دعاة وإداري المكتب، يلقون الكلمات والمحاضرات ويوزعون الكتب والأشرطة والمطويات بلغات متعددة في أماكن تجمعات الناس كالمساجد والمجمعات السكنية ونحوها، وتتحرك هذه السيارة إلى أماكن احتفالات الأعياد والمنتزهات والأسواق حيث يتجمع الناس.
- لا يزال دور المرأة ضعيفاً في عمل مكاتب الدعوة:
هذه الجهود موجهة للجميع رجالاً ونساء، ولكن القائمين عليها جلهم من الرجال، وما زال دور المرأة محدوداً في هذا النشاط.
يقول الشيخ آل فريان: للمرأة دور كبير في مجال العمل الدعوي؛ إذ إنه ليس حكراً على الرجال، بل يوجد تعاون كبير من قِبَل النساء في الدعوة إلى الله وخصوصاً ما يختص بالجاليات؛ فكم من شخص دخل الإسلام عن طريق دعوة النساء لمن تحت أيديهن أو ممن يقابلن في أماكن وجود النساء من خادمات وممرضات؛ كما أن لدى المكتب قناعة لا بأس بها في افتتاح قسم للدعوة النسائية.
أما في مكتب البطحاء فيقر الشيخ نوح القرين بوجود قصور في هذا الجانب، وإن وجدت خطوات نحو الاستفادة من النساء ولكنها ما زالت في بدايتها؛ فقد تم الاتفاق مع بعض الدور النسائية لتحفيظ القرآن الكريم على تخصيص يوم للجاليات المسلمة لتعليم شيء من أمور الدين في العقيدة والقرآن والفقه مما يعينهن على طاعة الله وأداء العبادات.
- صعوبات ومعوقات فكيف التغلب عليها؟
ما من عمل إلا وتواجهه بعض المعوقات والصعوبات التي قد تعوق تحقيق أهدافه أو تعطلها. من هذه المعوقات والصعوبات ـ كما يقول الشيخ القرين ـ قلة المترجمين وقلة الدعاة المتحدثين بلغات مختلفة؛ فعدد من يصل للبطحاء أكثر من (50 ألف شخص) وخاصة يومي الخميس والجمعة، وهذا العدد الضخم لا يكفيهم داعيةٌ ولا اثنان ولا مائة، ونحن نسعى إلى توفير أعداد أكثر لدعوة هؤلاء وتوجيههم من خلال الدروس والكلمات في المساجد المرتبطة بالمكتب. كذلك من العقبات التي تواجه المكاتب: قلة الموارد المالية لتنفيذ مهامها التوجيهية والإرشادية بوجه عام ولأهل المنطقة بوجه خاص.
ويضيف القرين: في متابعة المسلم الجديد نواجه عقبات شديدة؛ فبعضهم لا تمكنهم أعمالهم من حضور الدروس المقامة، ولا تهيئ لهم أعمالهم الأسباب للارتباط بالمكاتب مثل المطاعم؛ فساعات العمل فيها من (15 ـ 16) ساعة؛ فالمسلم الجديد لا يجد الوقت للحضور للمكتب لسماع الدروس، وما يجده من وقت يخلد فيه للراحة أو قضاء بعض شؤونه الخاصة، وكذلك السائقون الذين يعملون في المنازل لا تتهيأ لهم الفرصة للحضور.
- مكتب توعية الجاليات بفرع الوزارة بالرياض:
توجهنا إلى فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة الرياض؛ حيث التقينا بالدكتور (عبد الرحمن بن سليمان الهويسين) مدير إدارة توعية الجاليات، وسألناه عن بداية نشأة هذه المكاتب، وكم بلغ عددها حتى الآن، فقال:
كانت البداية عام 1406هـ حين شعر الكثير من طلبة العلم وبعض من مَنَّ الله عليهم بنعمة المال بواجبهم نحو إبلاغ رسالة الإسلام للوافدين، وكذلك تعليم المسلمين منهم معتقد الإسلام الصحيح الذي كان عليه محمد -صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام، فكانت البداية وكان قصب السبق في هذه المبادرة لمدينة بريدة بمنطقة القصيم؛ حيث افتتح بها أول مكتب تعاوني لتوعية الجاليات عام 1406هـ، وأدى المكتب دوراً بارزاً، وعمل أعمالاً طيبة شدت الكثير من أهل الخير للرغبة في منافستهم على الخير والحذو حذوهم للمشاركة في الأجر الذي وعد به ربنا جل وعلا، ووعد به رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم -، فكانت مدينة الرياض ثاني المحطات لهذه المكاتب؛ حيث افتتح مكتب البطحاء عام 1409هـ بموافقة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله. وتتابعت الجهود والرغبات في افتتاح مثل هده المكاتب، وكانت تحظى بموافقة سماحته رحمه الله، وانتشرت في العديد من المحافظات والمراكز في مختلف مناطق المملكة حتى بلغ عدد المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد داخل مدينة الرياض الآن ثمانية عشر مكتباً تعاونياً، وأما في داخل المملكة فقد تجاوزت مائة وخمسين مكتباً.
وعن أهم ثمار هذه المكاتب قال: لقد نفع الله ـ تعالى ـ بالوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها، وأثمرت الجهود المبذولة في هذا السبيل، وظهر جناها وتحقق كثير من أهدافها، ويظهر ذلك جلياً عند النظر إلى أعمال وإنجازات الإدارة والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد منذ عام 1420هـ حتى نهاية العام 1425هـ والتي من أهمها إصدار (14681) وثيقة إسلام من الإدارة لمن أسلموا لدى الإدارة والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد بالرياض.
- وعن الجهود المبذولة مع المسلم الجديد قال الهويسين:
مما لا شك فيه أن متابعة حديثي الإسلام ورعايتهم ليس بالأمر اليسير، بل إنه يعتبر المحطة الأكثر صعوبة، وقد وُضعت خطط لمتابعة المسلم الجديد والوقوف بجانبه من أجل ضمان استمراره على إسلامه والسمو به، وجعله في وضع مساوِ لبقية المسلمين من ناحية معلوماته وثقافته.
ولا شك أن لكل واحد من المسلمين أو بالأحرى لكل مجموعة من الطرق والوسائل ما يختلف عن المجموعة الأخرى، ولكن بشكل عام فإن متابعة المسلم الجديد ورعايته والعناية به تتفق في بعض الأطر وبعض الوسائل والطرق، ويمكن عرضها بشكل إجمالي فيما يلي:
يتم بادئ ذي بدء أخذ عنوان المسلم الجديد وإثبات عنوانه في الأوراق الرسمية التي تصدر له بموجبها وثيقة تثبت إسلامه. وهذا العنوان هو الذي سيكون همزة الوصل بين المكتب والمسلم الجديد، كما أن من يُحضِر المسلم الجديد سواء كان كفيله أو غيره يطلب منه تسجيل رقم هاتفه وعنوانه ليمكن الاتصال به والسؤال المستمر عن الأخ المسلم او الأخت المسلمة وما حصل له من تغير أو تبدل في نمط حياته؛ وبناء على هذا؛ فإن كل مسلم يُفتح له ملف خاص تُحفظ به أوراقه، ويُبدأ في تسجيل كل ملحوظة عنه، كما يُطلب من المسلم الجديد حضور دورات ودروس تُعَدُّ خصيصاً للمسلم الجديد يجري تعليمه فيها ما لا بد للمسلم معرفته كأركان الإيمان والإسلام، وفقه العبادات كالوضوء والطهارة والصلاة، ونمط المعاملات مثل حسن الخلق والأمانة والصدق.
وتستمر الحال في متابعته؛ حيث تعقد في نهاية الأسبوع رحلات ترفيهية لمن تسمح لهم ظروفهم بذلك، فيذهب بهم إلى إحدى الاستراحات أو المزارع القريبة من أجل العمل على التطبيق العملي لما تعلمه نظرياً. أما من كانت ظروفهم لا تسمح لهم بالخروج فيقام لهم يوم الجمعة لقاء مفتوح داخل مبنى المكتب يتم فيه تطبيق الكثير من الأمور عملياً أمام المسلم الجديد، ويُهدَفُ من ذلك إلى وضع المسلم الجديد في بيئة جديدة يندمج خلالها مع زملاء آخرين من المسلمين لتنمية الأخوة الإسلامية في نفسه وجعله يعيش الحياة كما يجب، فيظهر في هذه الملتقيات روح الأخوة وحسن التعامل حتى كأن جميع الحضور أفراد أسرة واحدة، وتبرز روح التعاون والإيثار بين الجميع. فكم يسعد المسلم الجديد وهو يرى أخاه من بلد آخر غير بلده جالساًَ بجانبه على مائدة الطعام، وكم يفرح وهو يرى من هو أكبر منه سناً وربما علماً وهو يخدمه ويقوم على شؤونه.
كما أن من الوسائل رحلة العمرة التي تتم في معظم الأحيان بمعدل أربع رحلات عمرة خلال العام لكل مكتب.
هذه بشكل مجمل الأمور التي تعملها إدارة الجاليات والمكاتب التعاونية من أجل الارتباط بالمسلم الجديد ورعاية أموره ومتابعة وضعه، ولا أنسى هنا الزيارات الخاصة التي تتم للمسلمين الجدد الذين قد لا تسمح لهم ظروفهم بالاتصال الدائم بالمكتب؛ حيث يقوم الدعاة والمترجمون العاملون في المكتب بزيارة هذا المسلم الجديد والوقوف عن كثب على ما استجد لديه وما حصل له بعد إسلامه.
ومن الوسائل المتخذة مع المسلم الجديد الذي قد يغادر المملكة أنه يعطى له عناوين بعض المراكز الإسلامية العاملة في بلده التي عرف عنها الحرص على العمل الإسلامي، وعرف عنها سلامة المنهج والفكر وصحة المعتقد، فيعطى لهذا المسلم الجديد عنوان المركز وتتم مراسلة هذا المركز وتزويده بعنوان المسلم الجديد؛ وبهذا يكون قد تم الربط بينهما حتى يكملوا المسيرة التي بدأت هنا.
- التعامل مع المسلمة الجديدة:
- هذه أمور لها طابع العموم، لكن هناك حالات ربما تحمل طابع الخصوص؛ حيث يكون لها وضع خاص، ويتطلب الأمر اتخاذ إجراءات خاصة، ومن ذلك كون المسلم الجديد امرأة؛ فكيف تتصرفون معها وتتابعونها؟
نعم يصعب اتخاذ الخطوات السابقة كاملة مع المرأة، لكن توجد وسائل وطرق أخرى للاتصال بالمسلمة الجديدة؛ ومن ذلك الاتصال بالكفيل بين حين وآخر وسؤاله عن مكفولته وتزويده بما يستجد من الكتب والأشرطة وربطها مع مترجم المكتب عن طريق الهاتف للإجابة عن الأسئلة والشبهات التي ربما تكون تكونت عندها، أو أمور لم تستطع فهمها، فيُفهمها المترجم ما يجب عليها عمله ويطمئن على حسن استمرارها في حياتها الجديدة. كما يوجد كذلك بعض المسلمين الجدد سواء كانوا من الرجال أو النساء الذين تعرضوا لمشكلات أو مصاعب من زملاء لهم هنا أو أقارب لهم هناك؛ فالمكاتب ـ ولله الحمد ـ لها دور كبير في حل الكثير من المشكلات وتذليل العقبات.
وحين سألناه: لماذا لا يتم تفعيل دور المرأة في دعوة أختها وتعليمها، أجاب بقوله:
هناك جهود دعوية للمرأة، لكنها قليلة في الوقت الحاضر وتقتصر على تعاون زوجات بعض المترجمين ممن لديهن علم شرعي، وكذلك التعاون مع الدور الخاصة بالنساء كدار الذكر وحلقات تحفيظ القرآن الخاصة بالنساء. لكن لا تزال الأعمال من وجهة نظري قليلة، ونطمح أن تزداد في قابل الأيام حتى يتحقق ما نصبو إليه من تعليم المرأة وتخصيص من يعلمها أمورها الدينية والدنيوية الخاصة.
- أخيراً: ما أجمل أن تكون مسلماً، وأجمل منه أن تكون على معرفة بإسلامك، وأجمل من هذا وذاك أن تكون عاملاً بما تعلم من أمور الدين، وأجمل من هذا كله أن تدعو غيرك إلى