المسلمون والعالم
هشام سلامة [*] وسمير سعيد
ناشد الأسرى الفلسطينيون في سجن «مجدو» بتاريخ 17/11/2001م،
مؤسسات حقوق الإنسان لممارسة الضغط على العدو الصهيوني لوقف المضايقات
والإجراءات التعسفية التي تمارسها إدارة السجن بحقهم، وأوضح الأسرى في
مناشدتهم أن الحكومة الصهيونية لا تزال تمنعهم من مقابلة ذويهم منذ 14 شهراً؛
مما أدى إلى ازدياد معاناتهم والتسبب في نقص حاد في الملابس والمواد التموينية،
ويبلغ عدد المعتقلين في «مجدو» نحو 1006 معتقلين، واشتكى الأسرى من
النقص الحاد في الرعاية الطبية وعلى وجه الخصوص عدم وجود طبيب أسنان في
السجون؛ علماً بأن العشرات من الأسرى بحاجة إلى علاج فوري لأسنانهم.
وأوضح الأسرى أن عدد المعتقلين الإداريين في السجن المذكور ارتفع إلى 33
معتقلاً؛ من بينهم اثنان من القاصرين، وهم أحمد قليبي وهيثم أبو الريش.
الأشقاء الثلاثة المكفوفون الأسرى:
كما يشعر الأشقاء المكفوفون (منذر، ومزهر، وشادي بدير) من بلدة كفر
قاسم داخل الخط الأخضر بارتياح شديد بعد معاناة استمرت أكثر من خمس سنوات؛
وذلك عندما وضعت المحكمة الصهيونية المركزية في تل أبيب نهاية لمعاناتهم
الناجمة عن مطاردتهم من الشرطة والأجهزة الإسرائيلية.
وأصدرت المحكمة بتاريخ 17/11/2001م حكماً بالسجن خمس سنوات
وغرامة مالية قدرها 75 ألف شيكل على منذر «24 عاماً» الذي يقبع في سجن
«نيتسان الرملة» منذ 29 شهراً، وذلك بتهمة الإرهاب المُحَوْسب، فيما حكم
على شقيقه الذي يكبره سناً مزهر «25 عاماً» بالسجن مع وقف التنفيذ مدة عام
ونصف، وغرامة مالية قدرها 25 ألف شيكل بالتهمة ذاتها، لكن بدرجة أقل،
كما قال مزهر في أعقاب صدور الحكم.
وأجلت المحكمة ذاتها النطق بالحكم بحق الشقيق الأصغر شادي «23 عاماً»
إلى جلسة خاصة وسط توقعات بعدم إدانته؛ ذلك أن تهمة «الإرهاب المحوسب»
وجهت ضده من النيابة الصهيونية العامة عندما لم يكن يتجاوز السن القانوني الذي
يسمح بمحاكمته.
وأضاف: إن ممثل النيابة العامة طلب في بداية جلسة النطق بالحكم إنزال
أشد العقوبات بالأشقاء الثلاثة، وفي المقدمة منهم منذر الذي طالب ممثل النيابة
العامة بإصدار حكم بالسجن الفعلي عليه مدة لا تقل عن 15 عاماً؛ بذريعة أنه يشكل
خطراً كبيراً على الأمن الصهيوني وأنظمة المعلومات المحوسبة، ووجهت القاضية
وفقاً لما قاله مزهر انتقادات لاذعة إلى النيابة العامة على قسوة الإجراءات التي
اتخذتها على مدار السنوات الخمسة الماضية ضد الأشقاء، والتي اعتبرتها خرقاً
وتجاوزاً لكل الخطوط الحمراء.
ويعتزم الأشقاء المكفوفون التقدم بشكوى رسمية ضد النيابة العامة والشرطة
الصهيونية على الإجراءات العنصرية التي تعرضوا لها على مدار أكثر من خمس
سنوات من الملاحقة.
وكانت الشرطة الصهيونية وجهت مجموعة من التهم إلى الأشقاء الثلاثة؛
أبرزها اختراق أنظمة الدفاع الصهيونية، وسرقة ملف لعملاء الاحتلال اتهموا
بتسريبه إلى جهات فلسطينية، إلى جانب تهمة تزويد منظمة حزب الله بمعلومات
حول نقاط ضعف الجيش الصهيوني في المواقع التي كان يحتلها بالجنوب اللبناني
قبل أن ينسحب منه، وتطوير الجهاز الخلوي الخاص بأسامة بن لادن.
إدارة سجن الرملة تنقل معتقلاً إلى العزل الانفرادي:
قالت مصادر حقوقية داخل الخط الأخضر تعنى بقضايا الأسرى في سجون
الاحتلال أمس إن إدارة سجن الرملة أدخلت مهندساً كيماوياً تعتقله إلى قسم العزل
الانفرادي؛ وذلك رغم تردي حالته الصحية جراء التحقيق العنيف والمتواصل معه.
وذكرت جمعية أصدقاء المعتقل والسجين في الناصرة في بيان لها أن قوات
الاحتلال اعتقلت المهندس الكيماوي مازن مصطفى ملصا من مدينة البيرة على
معبر الكرامة لدى محاولته دخول الضفة الغربية، ونقلته إلى سجن الرملة؛ حيث
أمضى في زنازين العزل والتحقيق 143 يوماً، ومن ثم تم نقله إلى العزل
الانفرادي.
وأفادت الجمعية أن محاميها «توفيق بصول» تمكن من زيارة مازن ملصا
الذي أبلغ المحامي أنه يعيش أوضاع اعتقال غاية في السوء؛ حيث تمنعه إدارة
السجن من التحدث مع زملائه الأسرى، وترفض تزويده بالملابس والغيارات
الداخلية، وتشدد الخناق عليه لدرجة أنها حولت حياته إلى جحيم لا يطاق. وقال
بصول: إن إقدام إدارة الرملة على عزل المعتقل ملصا في زنزانة انفرادية يفتقر
للحد الأدنى من الشروط الآدمية، ولا تدخلها أشعة الشمس ولا الهواء؛ مما يتنافى
والاتفاق الذي توصل إليه الأسرى مع مصلحة السجون العامة في أعقاب الإضراب
الأخير، ويقضي جزء منه بإنهاء ظاهرة العزل الانفرادي بعد الانتهاء من التحقيق
مع المعتقل.
الأسيرات يعانين من نقص في الملابس:
من جهة أخرى قال بصول إنه زار الأسيرات في سجن الرملة والتقى الأسيرة
أحلام التميمي التي أطلعته على معاناتهن الناجمة عن ممارسات الإدارة.
وقالت أحلام التميمي: إن إدارة السجن أعادت مؤخراً زميلتها «آمنة منى»
من معتقل «أبو كبير» إلى سجن «الرملة» مشيرة إلى أن الأسيرات
اللواتي زاد عددهن من عشرة إلى 13 أسيرة يعانين من نقص حاد على صعيد
الملابس بمختلف أنواعها.
8 - معتقلات صهيونية غير صالحة حتى للحيوانات:
في تقرير خطير جداً عن الأوضاع السائدة في ثمانية معتقلات صهيونية أن
«المعتقلين في» بيتح تكفا «و» ريشون لتسيون «والقسم العام في معتقل
» هكيشون «وقسم الذين يجب حمايتهم في» أبو كبير «غير جديرة بأن تعيش
فيها الحيوانات، ويجب إغلاقها على الفور» .
وقال التقرير أيضاً: «تداس حقوق الإنسان للمعتقلين في (إسرائيل) بأقدام
فظة بسبب ظروف الاعتقال القاسية التي يعيشون فيها. الاكتظاظ في المعتقلات
يجبر معتقلين كثيرين على النوم على الأرض، وتكون الفرش أحياناً مبللة بالمياه
بسبب تسرب مياه من الأنابيب، والغرف ذات رائحة كريهة، عفنة، والإضاءة
سيئة. أما الظروف الصحية فأدنى من أي مستوى يمكن أن توجه انتقادات له، كما
يعاني المعتقلون من حرارة خانقة، وتصدر شبكات التهوية ضجيجاً يصم
الآذان» .
وقال التقرير: إنه يوجد في معتقل «أبو كبير» 40 شاباً يفكرون بالقيام
بعمليات استشهادية، ويحتجز هؤلاء لأشهر في غرف مثل الأقفاص، ويكبل
بعضهم بالأصفاد بهدف تهدئتهم وكبح جماحهم.
معاناة الشعب الفلسطيني اليومية على الحدود والمعابر والحواجز في ظل
انتفاضة الأقصى وما بعد أوسلو:
قطاع غزة:
حسب الاتفاق الموقع بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني فإن المرور بين
قطاع غزة وفلسطين المحتلة سيكون عن طريق واحد أو أكثر، وكذلك مرور
القوافل الصهيونية والسائحين بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة قد يكون أيضاً عن
طريق نقاط العبور التالية: نقطة عبور «كيسوفيم» ، نقطة عبور «كيريم
شالوم» ، نقطة عبور «إيلاي سيناي» .
وينص الاتفاق على أن يكون هناك ضابط اتصال فلسطيني في نقاط العبور
الموجودة على الجانبين.
إن معاناة المواطنين الفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو على هذه الحواجز مستمرة،
وتزادد يوماً بعد يوم، وفي انتفاضة الأقصى أصبح الوضع مختلفاً تماماً؛ حيث
قامت قوات الاحتلال بتقسيم أوصال قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قطعت الطريق بين مدينة غزة والجنوب عند حاجز
«نتساريم» أي جنوب مدينة غزة، والذي أطلق عليه لاحقاً «مفرق الشهداء»
لكثرة سقوط عدد الشهداء عنده وخاصة في الأيام الأولى؛ حيث بلغ عدد الشهداء
حوله في الأسابيع الثلاثة الأولى 25 شهيداً بينهم الطفل محمد الدرة، وسائق
الإسعاف بسام البلبيسي.
القسم الثاني: من مفرق الشهداء حتى مستوطنة «كفار دارووم» على مدخل
مدينة دير البلح.
القسم الثالث: هو مدينتا «رفح» و «خان يونس» .
وبذلك يصبح القطاع مقسماً ثلاثة أجزاء إضافة للمستوطنات الموجودة والتي
تبلغ مساحتها 100 كيلو متر مربع داخل حدود القطاع التي هي في الأصل 360
كيلو متر مربع فقط، فأين سيتحرك حوالي مليون ونصف مليون إنسان في هذه
المنطقة، هذا إذا ما أضفنا الحصار والحواجز والقصف الليلي والعشوائي المستمر
منذ اندلاع انتفاضة الأقصى؟ !
فالحواجز تستخدم لابتزاز الناس والتضييق عليهم، وهناك العديد من الحالات
المأساوية التي حدثت على هذه المعابر منها: حالات اختناق غاز، وحالات
إجهاض، وحالات وفاة للمرضى الذين يمنعون من الوصول للمستشفيات بالسرعة
المطلوبة رغم ركوبهم في سيارات الإسعاف التي تتعرض للتفتيش والابتزاز، وعدم
السماح لها بالعبور إلا بعد ساعات، وكذلك تعمد إيقاف الناس على الحواجز
والمعابر بالساعات، وكثير منهم كان ينام على هذه الحواجز أو يعود من حيث أتى
هذا إن سمح له.
فالحواجز والمعابر الداخلية لا تسمح بالحركة لأحد إلا بشق الأنفس،
بالإضافة إلى الاستفزازات التي يمارسها المستوطنون، والسيارات التي تنقلهم،
والحراسات على هذه الحواجز والمعابر من نقاط رئيسية للعدو الصهيوني ومراكز
تجمع وانطلاق، وقد شكلت نقاط تماس ومواجهة رئيسية للعدو الصهيوني في
انتفاضة الأقصى.
المعابر:
جاء في نص الاتفاق بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني: «إن إسرائيل
مسؤولة خلال الفترة الانتقالية عن الأمن الخارجي بما في ذلك على طول الحدود
المصرية والأردنية؛ فإن عبور الحدود ينبغي أن يحدث طبقاً للترتيبات المتضمنة
في هذه المادة، وتهدف هذه الترتيبات إلى إيجاد أسلوب ييسر دخول وخروج
الأشخاص والسلع؛ مما يعكس الواقع الجديد الذي أتاحه إعلان المبادئ الإسرائيلي
الفلسطيني، ويقدم في الوقت نفسه الأمن الكامل للجانبين» .
ومن ضمن نصوص الاتفاق أن تطبق الترتيبات على نقاط العبور التالية:
نقطة عبور اللنبي، نقطة عبور رفح. وكذلك «يطبق الطرفان الترتيبات نفسها
بالتعديلات اللازمة على الموانئ البحرية، والمطارات، ونقاط العبور الدولية
المتفق عليها مثل جسر الملك حسين ودامية» .
وجاء في الاتفاق أنه «سيكون هناك مبنى في كل نقطة عبور يضم جناحين:
الجناح الأول: يخدم السكان الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية
والزوار إلى تلك المناطق. ويسمى الجناح الفلسطيني.
والجناح الثاني: يخدم الإسرائيليين وغيرهم. ويسمى الجناح الإسرائيلي.
وستكون هناك منطقة تفتيش إسرائيلية مغلقة، ومنطقة تفتيش فلسطينية مغلقة،
كما سيأتي فيما بعد» .
إن هذا النص من الاتفاق الموقع بين الجانبين لا يخدم إلا المصلحة الأمنية
الصهيونية؛ حيث ركز الاحتلال الصهيوني من خلال هذه المعابر الحق له في
تعقب ومراقبة كل من يدخل لهذه الحدود، وله الحق في الاعتقال فقد اعتقل المئات
من القادمين سواء من معبر رفح أو مطار غزة أو جسر الملك حسين، وله الحق في
مراقبة ومساءلة كل من يدخل هذه الحدود، وأهمها أهالي الأسرى والشهداء
والجرحى؛ حيث يقومون بمضايقتهم المستمرة واستفزازهم هذا إذا خلا الأمر من
الاعتقال، وكذلك مضايقة المواطنين وخصوصاً كبار السن منهم والنساء وإيقافهم
بالانتظار بالدور.
ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى قام الاحتلال الصهيوني بإغلاق هذه المعابر
لفترات طويلة، وكذلك المطار، ولا يسمح بالتنقل إلا لفئات محددة من الناس،
وأحياناً كثيرة لم يسلم من المضايقات أعضاء السلطة، ومنهم من أهين أيضاً على
هذه المعابر.
الضفة الغربية:
أما في الضفة الغربية فالأمر مختلف تماماً عن قطاع غزة؛ فكل مدينة من
مدن الضفة الغربية محاطة بطريق التفافي إضافة لحاجز عسكري أو أكثر على
مدخل كل مدينة، وأحياناً أكثر من حاجز مثل مدينة رام الله؛ حيث يوجد على كل
مداخلها حواجز فالمدخل الشمالي ومدخل بيتونيا والمدخل الجنوبي بين القدس ورام
الله، فالمدينة محاطة بكل مداخلها، فالحاجز الشمالي يسمى بحاجز الموت من كثرة
الإصابات عليه ومن كثرة الجرحى؛ حيث مثل هذا الحاجز منذ اندلاع الانتفاضة
نقطة تماس خطيرة جداً لا تخلو يومياً من المواجهات مع قوات الاحتلال، وقد
أصيب العديد من الشبان إصابات تسببت في إعاقات دائمة لهم؛ حيث يركز الجنود
على هذا الحاجز إصاباتهم في المناطق الحساسة من الجسم، وقد استشهد عدد كبير
أيضاً على هذا الحاجز؛ مما دفع الناس لتسميته بحاجز الموت، وهكذا حاجز
حوارة في مدينة نابلس أيضاً، وكذلك جنين والخليل وبيت لحم والقدس وطولكرم
وأريحا، فكل هذه المدن محاطة بطرق التفافية إضافة للعديد من المستوطنات،
فيكاد لا يكون مرتفع في الضفة الغربية لا يوجد عليه جنود احتلال؛ فقد بلغ عدد
المستوطنات في الضفة الغربية حوالي 200 مستوطنة؛ بينما بلغ عددها في القطاع
الصامد حوالي 18 مستوطنة غير الكرافانات التي يقيمها المستوطنون من حين
لآخر. وقد قطعت الضفة الغربية إلى عدة أجزاء صغيرة لدرجة يصعب معها التنقل
من مدينة لأخرى إلا بموافقة الاحتلال، وقد حاول المواطنون جهدهم فتح طرق
جانبية صغيرة يمشونها بالأرجل إلا أن الاحتلال يضايقهم عليها ويغلقها أيضاً.
وتركيبة المستوطنات وطريقة بنائها هي أشبه بالخنادق والدشم، ومواقع
التصدي للهجومات العنيفة؛ فهذه المستوطنات التي تقسم الضفة الغربية لعدة أقسام
وتحيطها إحاطة كاملة ما هي إلا لتضييق الخناق على المواطنين من أجل أن يتركوا
أرضهم ويهربوا. ولكن شعبنا الصامد عوَّدنا على الصمود في وجه هذه المخططات
الصهيونية؛ فلموقع الضفة الغربية الاستراتيجي أهمية بالغة على المستوى
الصهيوني؛ حيث يستطيع أي إنسان من رام الله أو بعض مدن الضفة الغربية أن
يصل لعمق الاحتلال مشياً على الأقدام بظرف دقائق؛ فهذا الذي أربك الاحتلال،
وجعلهم يقدِّمون في بداية انتفاضة الأقصى الحواجز المقامة على الخط الفاصل بين
حدود 1967م و 1948م خمسة كيلو مترات داخل الضفة الغربية؛ ليكون أقرب
لمدن الضفة وخصوصاً بعد تنفيذ إحدى العمليات الاستشهادية على أحد هذه الحواجز
والتي راح ضحيتها عدد من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح.
ولو أردنا عمل إحصاءات بالمعاناة على المعابر والحدود لاحتاج كل معبر
وكل حاجز لدراسة لوحده، تتضمن عدد الشهداء والجرحى وموت عدد من كبار
السن وعدد من النساء اللائي أجهضن على هذه الحواجز، وأبلغني مجموعة
من المسافرين من مدينة نابلس إلى جسر الملك حسين للأردن أن الطريق أخذ
تسع ساعات؛ وذلك بسبب الحواجز الصهيونية المنتشرة، وقد عانوا أشد
المعاناة لوصولهم إلى الحدود لكي يستطيعوا السفر للأردن. وكذلك معبر رفح؛
فالمواطنون يأخذ الطريق منهم يوماً كاملاً من مدينة غزة لعبور رفح كي يدخلوا
مصر، ومن يصل مساء فإنه لا يستطيع الدخول إلا في اليوم التالي؛ مما يضطره
إلى أن ينام على الحدود، وطبعاً المعاناة تكون مضاعفة؛ حيث ينام الأطفال والنساء
في غرفة صغيرة تكاد لا تسعهم؛ لأن عودتهم تحتاج إلى يوم، وهكذا دواليك فالكل
يفضل البقاء والنوم على الحدود عن العودة مرة أخرى، وكل ذلك مع أن الطريق من
غزة إلى رفح لا تتجاوز الـ 35 كيلو متراً ولا يحتاج لأكثر من نصف ساعة؛
فتأخذ يوماً مشحوناً بالإهانات والمضايقات على الحواجز والمعابر والطرق
الرملية، وبرغم كل هذه المعاناة أحياناً تتوج الرحلة كلها بالرفض عند معرفة أن هذا
المواطن اعتقل سابقاً أو أن أحد أقربائه له علاقة بالمقاومة أو شهيد أو أسير؛ فهم
يقومون بمضايقة المواطنين، ويعرضونهم للتحقيق والمساءلة وأحياناً الاعتقال،
فلقد قام الاحتلال باعتقال المئات من على الحواجز المنتشرة في الضفة والقطاع
والمعابر الرئيسية والمطار، هذا ناهيك عن مضايقة المارة بشكل يومي، ومنعهم
أحياناً من اجتياز هذه الحواجز.