المسلمون والعالم
عام على حكومة أرئيل شارون
قراءة في ملفات الحصار والإنجازات التي حققتها هبة الأقصى
باسل النيرب
جاءت هبَّة الأقصى على خلفية إخفاق مباحثات كامب ديفيد الثانية التي
اعتبرت أن التسوية الناتجة عنها هي النهائية إزاء قضايا المرحلة النهائية: القدس
واللاجئين والاستيطان. وبعد ما يزيد عن تسعة أعوام على مؤتمر مدريد للسلام،
وسبعة أعوام على اتفاق أوسلو، وما نتج عنها من مفاوضات مباشرة فرضت
إسرائيل خلالها شروطها المذلة والتي قيدت حياة الشعب الفلسطيني حاولت خلالها
كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رسم سياسة عبثية تقييدية تجاه الشعب الفلسطيني
لتنسف أحلام الشعب في الحرية والاستقلال.
لماذا الانتفاضة؟
بعد زيارة أرئيل شارون المخططة إلى المسجد الأقصى في 28/9/2000م
وزرع إسرائيل لأكثر من ثلاثة آلاف شرطي ورجل من حرس حدود في الأقصى
لحراسة السفاح، وتحول ساحة الأقصى إلى ميدان حرب تدافع خلالها أبناء فلسطين
للدفاع عن الأقصى وطرد المدنسين له جاءت الانتفاضة في القدس أولاً، ثم
تجاوبت معها كافة المناطق المحتلة من رفح حتى جنين، ومع الدعوات لمواجهة
غطرسة المحتل أصبح شعار هبة الأقصى هو زوال الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية
كاملة السيادة عاصمتها القدس وعودة اللاجئين على أساس القرار 194، ومع
تصاعد العمل الجماهيري من الاعتصام إلى الحجر انطلقت المقاومة المسلحة ضد
قطعان المستوطنين ورجال حرس الحدود والصهاينة وكل من يمت لهم بصلة،
وأصبحت الانتفاضة ومع كل ما مر بها من مراحل: شعارها وهدفها وقانونها هو
كنس الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأمام التداعيات التي تعرضت لها حكومة إيهود باراك في أواخر عام 2000م
في النطاقين السياسي والعملي، تقرر إجراء انتخابات لرئاسة الحكومة أفرزت هذه
الانتخابات صعود مجرم الحرب أرئيل شارون لرئاسة الحكومة بنسبة 62. 6%
مقابل 37. 4% لباراك، وفازت الحكومة بثقة الكنيست بأغلبية 72 صوتاً مقابل
21 صوتاً ودون امتناع أحد.
وأمام توحد المجتمع الإسرائيلي ظاهرياً مع رئيس الحكومة شارون، ومع
ازدياد المطالب الإسرائيلية بضرورة توفير الأمن تعالت تصريحات أرئيل شارون
منذ اليوم الأول لوصوله إلى سدة الحكم في إسرائيل، وفي أول تصريحاته لصحيفة
يديعوت آحرنوت أكد شارون أن حكومته ستضمن الأمن المطلق لمواطني إسرائيل،
وأنه لا يمكن أن تجرى مفاوضات في ظل «الإرهاب» ومع تسوية تقضي بأن
لا حرب ومن دون جدول زمني وإنما مع جدول توقعات، كما اقترح شارون اتفاقاً
لعدم اعتداء بدل اتفاق سلام شامل ولكن دون جدول زمني للتطبيق.
وكان شارون قد أكد قبل صعوده إلى رئاسة الحكومة في إسرائيل نجاح
سياستي الضغط الاقتصادي والحصار الخانق اللتين من شأنهما أن تقضيا على
الانتفاضة، ومؤكداً أن إسرائيل إذا فرضت ضغوطاً على عرفات من خلال تقييد
إمدادات الوقود والطاقة للسلطة الفلسطينية، أو تحويل الضرائب التي يدفعها العمال
الفلسطينيون في إسرائيل فمن شأنه أن يخفف أعمال العنف إن لم تتلاش.
ومع استمرار الانتفاضة ومع ازدياد الضغط على السلطة الفلسطينية والشعب
الفلسطيني أعلن شارون خطة 100 يوم لوقف الانتفاضة. وتهدف الخطة إلى
الضغط على الجانب الفلسطيني تمهيداً إلى إعلان دعوة من الرئيس ياسر عرفات
لوقف أعمال العنف بشكل علني، وتنص الخطة على حصار مطبق على كل بلدة
فلسطينية من جهة، وحصار آخر حول الضفة الغربية وقطاع غزة، وعزل مدينة
القدس عزلاً تاماً عن جميع البلدات المجاورة لها، وحشد قوات ضخمة بآليات ثقيلة
بشكل واضح على الحواجز العسكرية وفي مداخل المدن وعلى رؤوس التلال،
واحتلال البيوت والعمارات الواقعة في المنطقة «ب» .
وأمام تسارع الأحداث على الصعيد الفلسطيني ومع استمرار سياسة إسرائيل
الرامية إلى وضع نهاية للسلطة الفلسطينية، ظهرت الدراسات والأبحاث في دائرة
الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ومنها ما صرح به الجنرال عاموس غلعاد
رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية التي أكد فيها أن رئيس السلطة
الفلسطينية يسيطر سيطرة كاملة على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية نافياً أن
تكون السلطة على وشك الانهيار، كما أكد أن السلطة تبني استراتيجية واضحة
تقضي بمواصلة انتهاج العنف والإرهاب لتحقيق الأهداف المحددة، وهي إقامة دولة
فلسطينية مستقلة في حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، ويؤكد غلعاد أن قادة
الجيش توصلوا إلى استنتاج مفاده أن اتفاق أوسلو وصل إلى نقطة النهاية؛ ولذلك
اضطرت السلطة الفلسطينية إلى البحث عن صيغ بديلة تخدم مصالحها. ويؤكد
رئيس قسم الأبحاث أن السلطة وعناصرها الأمنية تتحمل المسؤولية الكاملة عن
الأعمال والاعتداءات ضد الجيش والمستوطنين.
وأمام التصعيد الخطير والقلق الدولي الذي يظهر حيناً ويختفي أحياناً زارت
ماري ربنسون المفوضة الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأراضي المحتلة
، وأصدرت تقريراً أصبح وثيقة من وثائق الدورة السابعة والخمسين للجنة حقوق
الإنسان أكدت فيه:
* أن اتخاذ قوات الدفاع الإسرائيلية بعض الخطوات المحددة يمكن أن يساعد
على كسر حلقة العنف.
* تنطبق اتفاقية جنيف عام 1949م بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب
على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
* ينبغي وقف بناء مستوطنات جديدة، وإزالة المستوطنات الموجودة في
المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية العالية.
* ينبغي لقوات الأمن الإسرائيلية أن توفر الأمن للفلسطينيين من اعتداءات
المستوطنين.
* لا ينبغي في حال من الأحوال استخدام حظر التجول واتخاذه تدبيراً عقابياً.
* ينبغي التمتع بالحقوق الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها
حق التنمية.
* ينبغي احترام جميع الأماكن المقدسة ووصول السكان لها.
الحصار الإسرائيلي:
وحتى هذه التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة وغيرها من القرارات الأخرى
الهامة لم تجد الصدى عند حكومة الإرهابي شارون؛ فالفلسطينيون يعيشون وسط
سجن كبير فرضه عليهم مجرم حرب أخذ على عاتقه قتل وتشريد واغتيال الآلاف
من الشعب الفلسطيني.
وحالياً ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي على أراضي السلطة الفلسطينية
وحصار رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات ومنعه من الخروج من رام الله؛
فإن سياسة الحصار الإسرائيلي التي بدأت منذ اللحظة الأولى لانطلاقة هبة الأقصى
في 28/9/2000م هدفت إلى تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية، فباتت مناطق
الضفة الغربية وقطاع غزة عبارة عن مربعات أمنية ذات درجات إغلاق متفاوتة،
وأصبح هناك 150 حاجزاً في الضفة الغربية و40 في قطاع غزة. ويعمل الإغلاق
الذي تفرضه إسرائيل على المناطق الفلسطينية على منع التنقل بين الضفة والقطاع، وبين الضفة والقدس، ثم تحول إلى منع التنقل بين المدينة والقرى المحيطة بها،
ثم بين القرى نفسها، وأخيراً بين الأحياء في ذات القرية، وقد جاء هذا التحول بعد
مقتل رحبعام زئيفي العنصري الصهيوني المتطرف، وبات عرفات ذاته محاصراً
داخل رام الله، وفي إطار هذا الحصار تتحكم القوات الإسرائيلية في كافة مجالات
الحياة الفلسطينية، ويكون هذا التحكم إما بواسطة قرارات مجلس الوزراء المصغر،
أو بقرار من وحدة عسكرية مرابطة على مدخل حي أو قرية أو مدينة. كما يعني
الإغلاق منع نقل البضائع سواء كانت مواد غذائية أو أدوية بشكل كامل أو جزئي؛
كما أغلقت إسرائيل الطرق الالتفافية حول القرى مما ضيق الحصار وأصبح أقل ما
يوصف بأنه خانق.
وقبل التعرض إلى بعض الأرقام والإحصائيات في ما سببه الحصار
الصهيوني إلى المناطق الفلسطينية، لا بد من التأكيد على بعض المعطيات
الأساسية التي تتماشى مع مواثيقهم الدولية ومعاهداتهم التي تنكرها إسرائيل ومنها
حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في
تقرير مركزها السياسي، وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي
والثقافي. وتنص المادة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية لعام 1966م على عدم جواز تجريد أحد من ممتلكاته، ولكل
فرد حرية مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده، كما حظرت المواثيق العقوبات الجماعية،
وبالمثل جميع تدابير التهديد والإرهاب، كما نصت اتفاقية جنيف الرابعة بشأن
حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب لعام 1949م، على كل طرف من الأطراف
السامية المتعاقدة أن يكفل حرية مرور جميع رسالات الأدوية والمهمات الطبية
ومستلزمات العيادة المرسلة حصراً إلى سكان طرف آخر حتى ولو كان خصماً،
وعليه كذلك الترخيص بحرية مرور أي إرساليات من الأغذية الضرورية والملابس
والمقويات المخصصة للأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والنساء الحوامل
والنوافس، كما نصت المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية على أن تعترف الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل الذي
يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو
يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق كما نصت ذات الحقوق
على حرية التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وتنص
على تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة
المرض. وفيما يخص التربية والتعليم فهي تنص على وجوب توجيه التربية
والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها وإلى توطيد
واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وفيما يلي نذكر بعضاً من الخسائر التي أدت إليها سياسة الحصار
الإسرائيلي [*] .
الصناعة:
شهد قطاع الصناعة الفلسطيني تراجعاً كبيراً، فانخفضت إنتاجية جميع
المصانع الفلسطينية بسبب عدم السماح بدخول المواد الخام، وعدم السماح بخروج
المواد المصنعة للتصدير، وقطع التيار الكهربائي بشكل جزئي ومتكرر، ووقف
العمل داخل المناطق الصناعية، وعدم تمكن العمال من الوصول إلى أماكن عملهم؛
وكل هذه الأسباب تؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وتعطيله في مجالات عدة.
كذلك فإن حجز البضائع والمواد الخام في الموانئ الإسرائيلية يترتب عليه
دفع غرامات ورسوم أرضيات وأجور حاويات زيادة على الفائدة المترتبة، وكما
تجبر إسرائيل أصحاب البضائع أن يتم نقلها بواسطة الشاحنات الإسرائيلية مما أدى
إلى ارتفاع تكاليف النقل، والأمر ذاته ينطبق على المواد التموينية.
وقد قدرت وزارة الصناعة عدد العاطلين عن العمل 342689 عاطلاً،
ودمرت الآليات العسكرية الإسرائيلية 45 مصنعاً، وانخفض الإنتاج من
50 - 80 % حسب الصناعة، هذا وقد بلغ مجموع الخسائر العام 905. 84
مليون دولار، وقدرت خسائر وزارة الصناعة بـ 8. 723. 113 دولار.
التعليم:
تواجه وزارة التربية والتعليم الفلسطينية مشكلة توفير البنايات المدرسية
عوضاً عن التي قصفتها إسرائيل وتجهيزها بما يلزم من أثاث ومستلزمات تعليمية،
وكذلك العجز في موازنات الجامعات نتيجة توقف عدد كبير من الطلبة عن دفع
الرسوم الجامعية بسبب الظروف المالية الصعبة؛ كما توقفت المساعدات التي
تقدمها الدول المانحة إلى السلطة الفلسطينية.
وأمام هذا الحصار الخانق، وأمام الأحداث المستمرة لهبة الأقصى يقبع في
سجون الاحتلال الإسرائيلي 850 طالباً، كما تعطل العام الدراسي لمدة 255 يوماً،
وأغلقت 174 مدرسة، ومنع 90 ألف طالب من الوصول إلى مدارسهم، ووصل
النقص في الهيئات التدريسية إلى 90% حداً أعلى و10% حداً أدنى من المعلمين
الأصليين بسبب سد مداخل المدن والقرى والأحياء؛ كما يوجد 275 مدرسة على
خطوط التماس مع الاحتلال مما يعرضها إلى الانتهاكات والمخاطر المستمرة،
وتحولت أربع مدارس إلى ثكنات عسكرية إسرائيلية، وأغلقت 6 مدارس بأوامر
عسكرية، وقصفت 95 مدرسة واقتحمت 23 مدرسة، وتعطلت الدراسة في 66
مدرسة.
الصحة:
قبل استعراض منجزات الحصار الشاروني على الوضع الصحي العام لا بد
من التأكيد أن هناك مشاكل اجتماعية ونفسية لا تسجلها أغلب الإحصائيات الصادرة
وتتجاوز الموضوع الصحي (البدني والجسمي) وخلفتها التصرفات والأحداث
الجارية. هذا وقد اعتدت إسرائيل على 300 منشأة صحية، وقصفت ثلاثة
مستشفيات بالطائرات وقذائف الدبابات، ودمرت 93 سيارة إسعاف من جراء
القصف أو إطلاق النار عليها.
الزراعة:
بلغ عدد الأشجار التي تم اقتلاعها 394642 شجرة، وتقدر وزارة الزراعة
الأضرار المباشرة نتيجة الممارسات الإسرائيلية بـ 344. 968. 503 مليون
دولار، أما القطاع الحيواني فتقدر خسائره بـ 345 مليون دولار.
العمال:
بلغت نسبة العاطلين عن العمل من الشعب الفلسطيني 53% من إجمالي
القوى العاملة البالغين 650. 000 ألفاً، وقد تعطل 342. 698 عاملاً، وبلغت
إجمالي الخسائر اليومية 6. 250. 000 دولار يومياً في كافة القطاعات، وبلغ
معدل الفلسطينيين الذين يعيشون تحت خط الفقر 57%.
السياحة:
يمثل قطاع السياحة 11% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع سياسة الحصار
الإسرائيلي فقد تكبد خسائر فادحة من جراء الحصار، وقامت إسرائيل بقصف
وتدمير المدن السياحية وإغلاق مطار غزة الدولي وتجريفه واحتلال أسطح المباني
والفنادق وتدمير بعضها مما ترتب عليه أن فقدت أكثر من خمسة آلاف عائلة
فلسطينية تعمل في مجال الصناعات السياحية مصادر دخلها، وبلغ إجمالي خسائر
قطاع السياحة خلال عام من الانتفاضة 497 مليون دولار.
الانتهاكات الدينية:
مع سياسة الحصار استمرت إسرائيل في الاعتداء على الأماكن المقدسة
الإسلامية؛ فقد سجل خلال عام من الانتفاضة 70 حالة اعتداء على المساجد في
الضفة والقطاع، وإحراق 20 نسخة من القرآن الكريم، وعمدت إسرائيل إلى
احتلال مسجد بيت جالا وكنيستها وتحويلهما إلى قاعدة عسكرية، وتجريف المقبرة
الإسلامية في جبل جرزيم في نابلس ومقام الشيخ غانم، وتحويل مسجد الخان
الأحمر إلى متحف لمستعمرة معاليه أدوميم، وسرقة الآثار الإسلامية الموجودة في
متحف روكفلر وإرسالها إلى متاحف داخل المناطق المحتلة 1948م، وتحويل
بعض المقابر الإسلامية إلى ثكنات عسكرية، كما استمرت في تغيير الطابع الديني
للمسجد الإبراهيمي في الخليل.
هدم المنازل:
استمراراً لسياسة شارون القائمة على الاعتداءات والجرائم فقد بلغ عدد
المباني التي طالها القصف خلال عام من هبة الأقصى 6193 منها 430 منزلاً
ومبنى دمر تدميراً كاملاً و 5747 مبنى دمر جزئياً، وقدرت وزارة الإسكان
الخسائر 19. 669. 380 مليون دولار، وتحتاج هذه المنازل المدمرة إلى 21
مليون دولار لإعادة التعمير، والمرافق تحتاج إلى 18 مليون دولار، وبلغت
أضرار الطرق في الضفة الغربية 3. 32 مليون دولار، وفي غزة 1. 15 مليون
دولار عدا خسائر المطار؛ وخلال عام قصفت إسرائيل 84 منشأة عسكرية تابعة
للسلطة الفلسطينية.
ومع استمرار تزايد الصمت العالمي إزاء سياسة الغطرسة الشارونية استمر
رئيس الحكومة الإرهابي شارون بهدم المنازل الفلسطينية وأجرى اللقاءات
والأحاديث الصحفية التي تسوغ سياسة الهدم؛ فعقب تدمير 70 منزلاً في رفح قال
إن المنازل المدمرة كانت تخفي أنفاقاً لتهريب السلاح من مصر إلى رفح في غزة،
وأن معظمها لم يكن مؤهولاً مؤكداً أن من واجبه وواجب حكومته التي يتولى
رئاستها أن توفر الأمن. وفي سياق آخر قال إن عملية هدم المنازل مفيدة لإسرائيل
من أجل توسيع القطاع الأمني الخاضع لسيطرتها والذي يفصل بين رفح والحدود
المصرية مقترحاً أن يتم دفع أموال الفلسطينيين بهدف توسيع القطاع الأمني.
كما أعلن وزير الخارجية شمعون بيريز في حديث للإذاعة الإسرائيلية أنه
أبلغ أعضاء لجنة الخارجية والأمن قرار وقف عمليات هدم منازل الفلسطينيين
بسبب الأضرار البالغة التي ألحقتها عمليات الهدم لضررها بصورة إسرائيل في
العالم مؤكداً أنه ضد الهدم لأسباب تتعلق بالتراث اليهودي. وفي نفس الوقت رفض
مكتب شارون عروض وكالات الأنباء العالمية تصوير الأنفاق المزعومة لتهريب
السلاح في تأكيد لبطلان الادعاءات التي يبثها شارون.
الاغتيالات:
في البداية لا بد من التعريف بأن المقصود بالاغتيال هو حالات القتل
العشوائي والمنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين؛ ففي
مقابلة مع قائد القوات الإسرائيلية في رام الله غال هيرش قال رداً على سؤال قناة
C. N. N حول عمليات «القتل» : سنقتل كل من يهدد أمننا ويعرض أمن أي
إسرائيلي للخطر، وأكد أن الحجارة هي تهديد لحياة جنودنا وأمتنا؛ ولذلك نقتلهم
وسنقتلهم حتى يتوقف الآخرون عن ذلك. وأكد الجنرال الكاذب هيرش أن الجنود
الإسرائيليين لا يطلقون النار على الرأس والصدر إلا لمن يحمل السلاح ضدهم.
وفي الإحصائيات الصادرة عن دائرة العلاقات القومية في منظمة التحرير
الفلسطينية أكدت التقارير أن 45. 9% من مجموع الإصابات خلال عام من هبة
الأقصى تقع في منطقة الرأس والرقبة، و 14. 9% في الصدر؛ أي ما نسبته
60. 8% من الإصابات في الجزء العلوي من الجسم، والباقي في الجزء السفلي
وإصابات غاز.
كما نشرت صحيفة هآرتس مقابلة مع قناص في الجيش الإسرائيلي أكد فيها
أن كل من بلغ الثانية عشرة لم يعد طفلاً، ومؤكداً أن أوامر إطلاق النار تأتي من
قائد الكتيبة بعد رؤية شاب يتحرك بشكل مثير للانتباه، أي أن كل نشطاء
الانتفاضة هم عرضة لنيران القناصة الإسرائيليين.
وفي سياسة إسرائيلية تهدف إلى المزيد من الشهداء، وبعد سبعة أشهر من
هبة الأقصى ألغت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشكل كامل استخدام إجراء
اعتقال المشتبه به ضد الفلسطينيين الذين يحملون السلاح، وأصدرت أوامر
واضحة للجنود بإطلاق النار بهدف القتل في مناطق مختلفة من الأراضي
الفلسطينية، ونشرت صحيفة كول هودوعير الأسبوعية الإسرائيلية أن التعليمات
تنص حتى على الحالات التي لا تشكل خطراً على حياة الجنود أو المواطنيين؛
وهذا ينطبق على كل من يحمل سلاحاً في منطقة إسرائيلية إذا أطلق النار أو ألقى
سلاحه أو هرب ولم يطلق النار.
وتسوق الآلة الإعلامية الإسرائيلية ملفات الاغتيال وعمليات التصفية بأنها
تندرج في إطار أن الذين تمت تصفيتهم هم من الذين ارتكبوا أفعال مخلة بالأمن
الإسرائيلي، أو من الذين يخططون للقيام بمثل هذه الأعمال، إضافة إلى أن
عمليات الاغتيال تأتي تدبيراً احترازياً وإجراءاً وقائياً في سبيل تلافي الضرر
المتوقع وتهدف عمليات الاغتيال كإجراء لردع السكان للتأثير على الروح المعنوية؛
ولذلك تلجأ إسرائيل إلى تصفية القادة الميدانيين للانتفاضة، وكمظهر من مظاهر
التأثر والاقتصاص والرد الفوري على عمليات المقاومة.
ولا بد من التأكيد هنا على مسؤولية إسرائيل من الناحية الجنائية الدولية عن
حوادث الاغتيال والتصفية؛ ففي اتفاقية جنيف أيار 1989م تحظر الحكومات
بموجب هذا القانون جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي،
ولا يجوز التذرع بالحالات الاستثنائية بما في ذلك حالة الحرب أو التهديد بالحرب
أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخرى لتسويغ عمليات
الإعدام. كما نصت المادة 136 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م: «تتعهد
الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية
فاعلة على الأشخاص الذين يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة» وإحداها
التصفية الجسدية أو الإعدام خارج نطاق القانون «ويلزم كل طرف بملاحقة
المتهمين وتقديمهم إلى المحاكمة أياً كانت جنسيتهم» .
ومع سقوط ما يزيد عن 57 شهيداً نتيجة سياسة الاغتيالات فقد تراوحت
عمليات الاغتيال الإسرائيلية ما بين إطلاق صواريخ واستخدام الرصاص الحي
والرصاص الثقيل، والسيارات المفخخة، والقنابل الموقوتة، وبعد اندلاع
الانتفاضة وشيوع التسويغات الإسرائيلية في وسائل الإعلام نشرت صحيفة يديعوت
أحرنوت استطلاعاً للرأي بعد عام على هبة الأقصى أكد فيه 71% من المستطلعين
أنهم مع سياسة الاغتيالات، و 73% مع إجراءات ضد السلطة الفلسطينية،
و74 % مع الفصل التام، و44% غيروا آراءهم بالأمة العربية بشكل سلبي
بسبب الانتفاضة، و 58% غيروا آراءهم بالفلسطينيين، و 66% في عرفات،
و37% من العينة أصبحوا أكثر تشدداً، و 63% أكدوا أن الانتفاضة دلت على
استحالة التوصل إلى سلام.
هذا ومع مرور عام على حكومة شارون نادراً ما تخرج قرارات المطبخ
الأمني عن الفكر الصهيوني الرامي إلى القتل والإرهاب، وقد نصت جل القرارات
على المزيد من أعمال تصفية المقاومين الذين يخططون لعمليات مسلحة، والقيام
بمزيد من العمليات الخاصة في المنطقتين «ب» و «ج» وتعزيز محاور الحركة
العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وكان أفي بارنز المتحدث باسم الإرهابي
شارون صرح عقب استشهاد محمود أبو هنود أن اغتيال أبو هنود من أبرز
الانتصارات التي حققتها إسرائيل عقب عملية نفذتها المروحيات الإسرائيلية.
الانتفاضة حققت الكثير:
على الرغم من تعالي بعض الأصوات الانهزامية المطالبة بإيقاف الانتفاضة
كونها لم تحقق شيئاً، فإنا نسلط الضوء في هذا السياق على الخسائر الإسرائيلية
التي بالطبع من شأن استمرارها أن تسبب نكبة إلى إسرائيل لن تشهد مثيلها أبداً.
كشفت أغلب المصادر حالة التردي الذي يعيشه الاقتصاد الإسرائيلي من جراء
هبة الأقصى، وقد امتدت هذه الحالة لتشمل كافة فروع الاقتصاد؛ حيث يلاحظ أن
الحركة البشرية لقطعان المستوطنين تتلاشى بعد الثامنة مساء سواء في الأسواق أو
المطاعم وحتى الطرقات الداخلية والخارجية، ولم يحقق النمو الاقتصادي أكثر من
2 5. 2% بعد أن كان 6 8% عام 2000م، كما تراجع الناتج المحلي بنسبة 0.
5% وذلك حسب مكتب الإحصاء المركزي.
أما الصناعة فقد ساد جمود صناعي وأظهرت نتائج استطلاعات أن 41% من
المصانع قلصت إنتاجها، و 35% قلصت من عدد عمالها، وقدرت خسائر
الصناعة بـ 150 مليون شيكل، ولا يختلف الحال في التجارة فقد أكدت معطيات
اتحاد الغرف التجارية أنها ستكون الأدنى منذ عام 1998م، ولن تزيد عن
5. 1 % وهي النسبة الأدنى منذ 12 عاماً، كما تقلص التصدير بنسبة
كبيرة إلى الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.
أما المستوطنون فهم القطاع الأهم في هذه الخسائر؛ حيث تشير المعطيات
إلى انخفاض بيع الشقق العامة بنسبة 50% مقارنة مع النصف الأول من عام
2000م، كما تواجه عمليات البناء في المستوطنات مشكلة كبيرة بسبب عدم توجه
المقاولين وعمال البناء من غير العرب إلى الضفة وغزة خوفاً على حياتهم، إضافة
إلى عدم إقبال المستوطنين على شراء بيوت جديدة.
ويسجل للانتفاضة أن سرَّعت هجرة المستوطنين من الضفة والقطاع إلى
داخل ما يسمى الخط الأخضر «المناطق المحتلة عام 1948م» ، وتؤكد مصادر
غير إسرائيلية أن أكثر من مليون مستوطن هاجروا إلى أوروبا الغربية وروسيا
والولايات المتحدة وكندا، وللتغلب على هذه الظاهرة تحاول بعض العائلات المتدينة
أن تنتقل وتعمل على افتتاح مدرسة دينية، كما عمد الجيش إلى استئجار بيوت
المستوطنات من أجل استخدامها قواعد عسكرية، وقد شكل المستوطنون عبئاً على
الموازنة الإسرائيلية؛ فقد خصصت الحكومة الصهيونية مليار دولار لتحصين
المستوطنات من أسوار وبوابات إلكترونية وأسياج مكهربة، وتزويد سيارات
المستوطنين بوسائل لطلب النجدة في حال التعرض للخطر وزجاج واقٍ من
الرصاص، ومع تدهور الوضع الأمني داخل المناطق المحتلة عام 1948م أعلن
وزير الشؤون الاجتماعية شالومو بن عيزري ارتفاع معدلات البطالة شهراً بعد
شهر، وارتفعت نسبة البطالة حالياً إلى 9%، كما ذكرت شركة الطيران
الإسرائيلي أن أرباح شركة العال في الفترة 2001م تبلغ 500 مليون دولار،
والنفقات 40 مليون دولار وكانت خسائر الأرباح 150 مليون دولار؛ حيث بلغت
نفقات الإنتاج 12 مليون دولار، وانخفضت نسبة الزوار إلى 60% عن معدلاتها
السابقة لعام 1999م، وأمام هذه الخسائر لا تنسى إسرائيل تزايد عدد القتلى ومقتل
أول شخصية بدرجة وزير هو رحبعام زئيفي خلال هبة الأقصى.
مكاسب الانتفاضة:
بعد صعود شارون إلى سدة الحكم في إسرائيل أعلن عبر وسائل الإعلام كافة
أنه سيقضي على الانتفاضة في 100 يوم، واستمرت الانتفاضة حتى الساعة،
وأخفقت خطة (جهنم المتدحرجة) للقضاء على هبة الأقصى.
وأمام ما سبق من استعراض آثار الحصار على الشعب الفلسطيني والهزائم
المتلاحقة التي مني بها شارون والدولة العبرية لا بد من استعراض المكاسب التي
حققتها الانتفاضة عبر رفضها المشروع السلمي الرامي إلى إجهاض حق العودة
وتجاهل المسجد الأقصى.
ساهمت هبة الأقصى في إحياء شعيرة الجهاد في سبيل الله، والتفاف الناس
حول القيادات الإسلامية، وتوحيد الشعب الفلسطيني ضد قطعان المستوطنين وجنود
الاحتلال عبر الاشتباكات اليومية، وفي خلق نوع من التعبير المشترك بين المناطق
المحتلة 1948م والأراضي الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية بعد استشهاد 13
عربي من سكان المناطق المحتلة عام 1948م، كما أسقطت الانتفاضة مشاريع
التسوية التي قدمها باراك في كامب ديفيد، ويحاول أن يسوق شارون بعضها عبر
خطة تينت أو ميتشل وأصبحت إسرائيل أمام خيار واحد ألا وهو استمرار المقاومة
خياراً شعبياً أو تقديم الحل العادل الذي تسعى له هبة الأقصى والرامي إلى دولة
فلسطينية والقدس عاصمة لها، وعودة اللاجئين، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
كما سببت الانتفاضة خسائر دبلوماسية وسياسية وإعلامية؛ فقد سحبت الأردن
ومصر سفيريهما، وأغلقت المكاتب الإسرائيلية في دول عربية، وتصاعدت
دعوات المقاطعة العربية مرة أخرى لإسرائيل.
وعلى الصعيد العربي أصبحت الانتفاضة هي الحدث الشعبي والرسمي الأهم
رغم عدم إعطائها كافة الاهتمام من كل المستويات الرسمية العربية؛ إلا أن
تصدرها القمم العربية الطارئة في القاهرة والدورية في عمان والدورة في مارس
2002م في بيروت يشكل أهم إنجازات سياسية حققتها الانتفاضة بعد سياسة
التجاهل التي تعرضت لها القضية الفلسطينية. ودولياً فبعد مؤتمر دوربان أصبح
العالم ساحة لاستعراضات هبة الأقصى.
ومن الناحية الأمنية على إسرائيل، فقد زعزعت الانتفاضة نظرية وثوابت
الأمن الإسرائيلي بانشغال الجيش الإسرائيلي في حرب مع رماة الحجارة وحراسة
مداخل قرى ومدن وحصار خانق على الشعب.
ساهمت الانتفاضة في إبراز تناقضات المجتمع الإسرائيلي وظهور العديد من
الأسئلة التي كان المجتمع يحاول إخفاءها عبر توجيهه الصراع إلى الخارج ومن
المقالات التي ظهرت في الصحف العبرية كتبت ياعيل غفيرنس في يديعوت
أحرنوت مقالات طالبت بوقفة مع الذات، وقالت: حان وقت استفاقة المجتمع
الإسرائيلي من حالة الذهول الخاضع لها منذ سنتين، حان وقت الاستفاقة من خيبة
الأمل والكبت والشلل والصمت والاندماج في حساب النفس الذي يجريه العالم،
وعدم الانقياد وراء ماضيه فقط بل وراء مستقبله كذلك، كما ظهرت مقالات أخرى
في ذات الصحيفة تؤكد على صعود عسكرة المجتمع وتآكل المجتمع المدني نتيجة
تضخم القوى الأمنية والعسكرية.
وفي خطوة جديدة أعلن 52 جندياً وضابط احتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي
رفضهم أداء الخدمة والمشاركة في قمع الفلسطينيين.
وإجمالاً فإن الانتفاضة أحدثت هزة في الكيان الصهيوني، وزلزلت المنطقة التي
أفاقت على وقائع جديدة.
السلام المستحيل:
يقول ابن جوريون رئيس وزراء إسرائيل إبان فترة إعلان الكيان الصهيوني:
«إن السلام والاتفاق الشامل هو بلا شك أمر مستبعد، ويأتي السلام بعد أن يدب
اليأس الكامل في نفوس العرب ذلك اليأس الذي يأتي ليس من إخفاق الاضطرابات
ولكن من تنامي قوتنا في هذا البلد، عندها يمكن للعرب أن يذعنوا لوجود إسرائيل
اليهودية» .
وقال مناحيم بيجن أحد مجرمي الحرب الصهيونيين عام 1948م في بيان
لمقاتلي الجماعات السرية عقب قرار تقسيم فلسطين: «إن تقسيم فلسطين غير
شرعي ولن نقبل به أبداً، والقدس كانت وستظل عاصمتنا إلى الأبد، وإسرائيل
الكبرى سوف تعود إلى شعب إسرائيل كل إسرائيل» .
تأتي استحالة التوصل إلى سلام على الأقل في المرحلة الراهنة ليس بسبب
الظرف الموضوعي والمتمثل في ميل المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف بل
من عزم أرئيل شارون على إسقاط ياسر عرفات ومنعه من الخروج، ويصرح
بوقاحة غريبة مع استمرار خطة القتل اليومي والاغتيال المنظم والعشوائي أن على
عرفات البقاء في أراضي السلطة والقيام بالنشاطات المتعلقة بمحاربة الإرهاب
والزج بالإرهابيين في السجون وجمع الأسلحة.
ومع استمرار الخسائر داخل إسرائيل وخاصة ارتفاع عدد القتلى مقارنة
بالانتفاضة الأولى ومقارنة بالقتلى الإسرائيليين في جنوب لبنان تميل كفة المجتمع
الإسرائيلي المتأرجح ما بين الحرب والسلم إلى معارضة إعادة احتلال الضفة
الغربية؛ حيث أفاد 58% أنهم يعارضون أن تساهم إسرائيل في انهيار السلطة وأيد
المساهمة في انهيار السلطة 38% منهم.
وإبان ظهور خطة شمعون بيريز وزير الخارجية الإسرائيلي مع أحمد قريع
رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني للسلام والتي لم ينظر لها شارون فقد أيد 61%
وقف إطلاق نار خلال ستة أسابيع، وإقامة دولة فلسطينية على 42% من
الأراضي الفلسطينية، وعارض 33% ذلك.
أما المجتمع الفلسطيني والذي يمنى كل يوم بالمزيد من الخسائر، فقد أكد
70 % منه أنه مع استمرار هبة الأقصى و 17% يعارضون استمرارها، و 54%
مع أشكال شعبية وعسكرية للانتفاضة، و 15% الشكل الشعبي فقط، وأيد
18% الشكل العسكري فقط للانتفاضة.
وختاماً ومع استمرار إظهار الأحداث أن السلام وإن نجحت خطط الفصل لن
يجدي؛ ولا يبقى إلا التأكيد على أن السلام النهائي بالمفهوم الإسرائيلي لن يتحقق
إلا بتحقيق كامل المشروع الصهيوني، فشارون يقود هيئة أركان وليس دولة
وحكومة تسعى للسلام؛ فالحقائق الموجودة على الأرض الفلسطينية حالياً لا تنذر
بفتح صفحة جديدة بعد إخفاق خيار التسوية الراهن.