مجله البيان (صفحة 3962)

المسلمون والعالم

إلغاء المعاهد الشرعية في اليمن بين الدوافع والأبعاد

عبد الرحيم يحيى قايد

كما كان متوقعاً ألغى حزب المؤتمر الحاكم في اليمن المعاهد الشرعية

ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التي وصف الرئيس اليمني طلبتها حين التقى بهم في

أيام خلت بـ (الجيل الطاهر) ، (الجيل النظيف) ، (الجيل المخلص) ،

ووصفهم بأنهم: (درع لحماية الثورة والمبادئ والمنجزات والعقيدة) [1] ، ألغى

حزب المؤتمر المعاهد الشرعية في اليمن والتي تمتاز عن غيرها من مدارس التعليم

العام كما جاء على لسان مصدر مطلع في الحكومة اليمنية بأنها: (تكرس تدريس

المواد الدينية واللغة العربية، ونشر الدعوة الإسلامية، والدفاع عن الدين الإسلامي

من خطر الماسونية والعلمانية والصهيونية والمذاهب والطوائف الإسلامية التي

تتعارض مع المذاهب الأصولية السلفية) [2] ، ألغاها بجرة قلم مثبتاً على نفسه

تناقضاً للمسؤولية تجاه دينه وشعبه، وضيقه الشديد بوجود الآخر، وحمله

التهويل تجاه مؤسسة تعليمية تعطي اهتماماً خاصاً لتربية النشء على الإسلام، وتعنى

بتعليمهم القرآن واللغة العربية، رافعاً شعار: إنهاء حالة الازدواجية الثنائية في

التعليم بما يحقق وحدة أبناء المجتمع، ويمنع من جرهم إلى الفتنة، ويحول بينهم

وبين التطرف والإرهاب، ويمنع من تقويض أسس مقومات بناء الدولة اليمنية

الحديثة [3] ، إلى آخر ذلك من كلمات التضليل والمكايدة والاستخفاف بعقول الكثيرين

من أبناء الأمة مما لا ينطلي إلا على الجهلة والسذج فقط.

ألغيت تلك المعاهد لتصيب مستقبل تعليم الإسلام لأجيال اليمن في مقتل في

الوقت الذي تستمر المعاهد الشرعية في الخليج، والمعاهد الأزهرية في مصر، بل

وحتى معاهد الأئمة والخطباء في الدولة التركية الحديثة! ! في أداء دورها في

ترسيخ الهوية لتكسب قيادته سبقاً في إرضاء أعداء الأمة وتحقيق متطلباتهم.

مستكثرين المبالغ الزهيدة التي تنفق عليها مقارنة بجدواها والرسالة التي

تحملها في الوقت الذي تقبل فيه بريطانيا تمويل مدارس إسلامية على أرضها،

وتنفق فيه الدولة اليهودية بسخاء على المدارس المعنية بتدريس الدين اليهودي.

وفي الوقت الذي يشهد به كل محايد ممن يعرف الواقع اليمني أن تلك المعاهد

الشرعية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التابعة لها قد قامت بدور مشكور في بث

الوعي الإسلامي ومحاربة الأمية طيلة ما يقرب من ربع قرن في مجتمع عاش ردحاً

من الزمن في غياهب الجهل والتغييب والتخلف، وأسهمت في إذكاء الروح

الإسلامية وإحياء الأخوة الإيمانية في مجتمع عانى طويلاً من الفرقة والتمزق

المذهبي والمناطقي والقبلي، وشاركت بشكل فاعل في محاربة التشوهات الفكرية

المختلفة وحماية أبناء المجتمع اليمني من الزيغ العقدي والتحلل الأخلاقي.

الدوافع الحقيقية للقرار:

يعد قرار حكومة حزب المؤتمر في اليمن بإلغاء المعاهد الشرعية ومدارس

تحفيظ القرآن الكريم التابعة لها خطوة جرئية جداً ومنعطفاً صارخاً وقراراً تاريخياً

يصب في مصلحة طمس الهوية، وتعزيز التغريب، وحرمان النشء من التعليم

الشرعي، والحيلولة بين المجتمع اليمني المسلم والتدين لم يجرؤ على اتخاذه أحد

حتى تلك الحكومات التي ساهم الاشتراكيون فيها؛ فيا ترى ما الدوافع والأسباب

الحقيقية التي كانت وراء إقدام حكومة المؤتمر على تنفيذ هذه الخطوة؟

يمكننا القول بأن استهداف المعاهد الشرعية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم في

اليمن من قِبَل التيارات العلمانية المختلفة والطوائف البدعية المتعددة ليس بجديد،

وقد أخفقوا في كل محاولاتهم السابقة، لكن الجديد في الأمر وهو ما يدركه الكثير

من المتابعين للساحة اليمنية بصورة جيدة تفرد العلمانيين وأصحاب الأهواء داخل

حزب المؤتمر في السنوات الأخيرة بقيادته، وأنهم منذ أن تسنى لهم ذلك وهم

مشمرون عن ساعد الجد في تغيير هوية المجتمع الإسلامية وقيادة العملية التغريبية

داخل اليمن، سواء كان ذلك عبر تشويه الإسلاميين ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب

والتطرف بهم، ومن ثم إيجاد حواجز نفسية بينهم وبين بقية أفراد المجتمع، أو

عبر إغراق المجتمع في بحر الشهوات وإلهاء الشباب بها، واستهداف المرأة اليمنية

بصورة كان آخر تقليعاتها القيام بتجنيدها، في الوقت الذي تم فيه إيقاف التجنيد

الإلزامي للشباب اليمني، وتسريح الكثير من الجند من صفوف الجيش والأمن، أو

عبر ممارسة سياسة الإشغال التي تتم عبر وسائل الإعلام المختلفة ومؤسسات

الإلهاء التي تتستر بالرياضة والسياحة والفن، والسكوت عن الجهات التي تقف

خلف تفشي المخدرات والمسكرات في أوساط المجتمع، أو عبر تشجيع الطوائف

الضالة والفرق المنحرفة من باطنية ورافضة وصوفية من العمل لباطلها ونشر

زيغها وضلالها، أو عبر فتح المجال أمام أصحاب التوجهات المشبوهة التي تتبنى

فتح المدارس الأجنبية والمعاهد والملتقيات الثقافية المختلطة، أو عن طريق محاربة

العمل الخيري واتخاذ خطوات جادة في التضييق عليه، أو من خلال استهداف

تقاليد المجتمع وعاداته المحافظة، والتي كان من آخرها عملية الرقص السافل

والاختلاط الماجن في الاحتفالات العامة التي لو أنفقت ميزانياتها على الطبقات

المسحوقة في المجتمع لأغنتهم.

حين نعلم ذلك ندرك بصورة جلية أن استهداف التعليم الإسلامي في اليمن

والقيام بإفراغه من محتواه سواء عن طريق إقصاء الإسلاميين من مؤسساته، أو

عن طريق تعديل مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والمواد الاجتماعية بصورة

تساعد على مزيد تجهيل للأجيال بهوية الأمة، وتتفق مع متطلبات التطبيع والعولمة،

أو عن طريق إلغاء المعاهد الشرعية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم ما هو إلا

جزء من مخطط منظم، وخطوة من خطوات التغريب المحكم التي يقوم بها علمانيو

المؤتمر في اليمن اليوم ستتلوها خطوات بدت تلوح في الأفق لن يكون آخرها

استهداف خطب الجمعة والنشاط التعليمي والدعوي داخل المساجد.

ومع عدم الشك في كون القيادة الحالية للمؤتمر والتي تمكنت من التفرد مؤخراً

بقيادة الحزب بعد أن أقصت بصورة عملية كثيراً من القيادات الاجتماعية والوطنية

داخله هي التي تقف خلف عملية التغيير وطمس الهوية داخل المجتمع اليمني بدافع

عقدي فكري مصلحي.. إلا أنه لا يمكن لمتابع للوضع أن يغفل عن العوامل العديدة

التي ساعدت على نجاحهم، والتي يمكن أن يكون من أبرزها:

* وجود خلل بيِّن وشرخ ظاهر داخل الحركة الإسلامية، من أبرز مظاهره:

حالة التمزق والفرقة وعدم قدرة الدعاة على احتواء خلافاتهم فيما بينهم وتجنب

ظهورها على السطح بصورة تكون مخجلة في أحيان كثيرة، من ضيق الأفق

وضعف استشراف المستقبل، فضلاً عن تصدر أهل الأهواء وبعض المحسوبين

على جهات معادية للصحوة للعديد من مواقع صنع القرار داخلها، وضعف الدعاة

المفزع في ممارسة الدعوة العامة والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن

المنكر، وهذا في ظني هو العامل الأعظم.

* حالة الضعف الإيماني والخواء الروحي التي يعاني منها كثيرون من أبناء

الشعب اليمني نتيجة الأمية الشرعية، وسياسات التوجيه الدخيلة التي تسعى لطمس

الهوية، وإشغال الشريحة الكبرى من المجتمع بتوفير الحد الأدنى من القوت

الضروري.

* النفوذ البين للسفارة الأمريكية في صنعاء، وتدخلاتها المتكررة في كثير

من الجوانب، وبخاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، وفتح المجال أمام أنشطة

المؤسسات التنصيرية والجهات الخارجية والداخلية المشبوهة، وتجفيف منابع

الخير تحت مسوِّغات تعزيز التجربة الديمقراطية، وما يسمى بمكافحة التطرف

والإرهاب في اليمن.

* هيمنة صندوق النقد والبنك الدوليين على كثير من السياسات الداخلية

والخارجية عبر قروضه المشروطة، ويعد من أبرز الجوانب التي حققها فيما نحن

بصدده مشاركته في طمس الهوية الإسلامية للمجتمع، وتدعيم الاختلال العقدي

والأخلاقي، وذلك تحت ما يسمى بدعم التجربة الديمقراطية، وتعزيز دور المرأة

في التنمية، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ويكفي دلالة على ذلك أن نعلم أن وزير

التربية والتعليم اليمني قد صرح بعد قرار إلغاء المعاهد الشرعية بأن خطوات الدمج

بين المعاهد والمدارس سوف يمول جميع نفقاتها البنك الدولي بشرط أن لا توظف

هذه الأموال إلا في هذه الخطوة، وبأن نعلم بأن البنك الدولي قد قام بطرح مناقصة

لتطوير العملية التعليمية والتربوية وتعديل المناهج في اليمن! ! فازت بها شركة

(صلى الله عليه وسلم. عز وجل. C الأمريكية) .

* نشوة النصر وشعور الرموز العلمانية في المؤتمر بالعظمة الناتج من الربح

المتكرر لمعارك وقضايا متوالية؛ مما ولد لديهم تضخيماً للذات، وجنوحاً جامحاً

نحو السيطرة والاستبداد، واستصغاراً للآخر وتسفيهاً له، والوصاية على الوطن

وامتلاك حق تحديد مصلحته، ومن دلائل ذلك في قضيتنا (محور الحديث) :

الإرهاب القوي لكوادر حزب المؤتمر من أن يصدر من بعضهم مخالفة لتوجه القيادة

وإلا فمصيره الإقصاء والتهميش والاتهام بأنه قد أصبح كما يقال: إصلاحياً (أي:

منتمياً لحزب الإصلاح الإسلاميّ) ، ومن ذلك خطاب الاستكبار، ومصادرة الرأي

الآخر عبر وسائل إعلام الدولة المختلفة، واتهام صاحبه بـ (المخاتلة، وتزييف

الوعي الوطني، وتحويل المعاهد العلمية إلى مناطق بركانية تهدد وحدة المجتمع،

وتقوض أساس بناء الدولة اليمنية الحديثة ومقوماتها) ، وبأنه عامل على (تأسيس

دويلات تنتج مجتمعها الخاص وميليشياتها الذاتية، وتمارس جباية الأطفال وتزرع

فيهم الكراهية، وتجاهد عن طريق توزيع أرواحهم على جبهات القتال في مشارق

الأرض ومغاربها) [4] ، وهذا مخالف للحقيقة في الجملة، ومن يعرف الشارع

اليمني عن كثب يدرك أن الفرقة الحزبية ما أينعت إلا منذ أن تسنمت تلك الفئة

العلمانية إدارة دفة المؤتمر، ومنذ أن عملت على أن تحول ما يفوق 95% من

المدارس والمعاهد والجامعات إلى أوكار لها تمارس فيها إثارة الشهوات والشبهات،

وتعميق الفرقة، وغرس الكراهية لكل ما يرتبط بأصول الأمة وثوابتها، ومع ذلك لم

ترضَ بوجود أقل القليل لدى الآخر يستطيع من خلالها ربط النشء بقيم ومبادئ

الأمة.

أضف إلى ذلك قيامهم بالتلويح بتكرار التجربة التركية، والتهديد باستخدام

القوة، والزج بالجيش والأمن للحيلولة دون قيام الإسلاميين بأي إجراء مهما كان

سلمياً بغرض الاعتراض على هذا القرار الجائر، وذلك عمل استبدادي صارخ،

وتضييق واضح لهامش الحرية المتاحة ولا غرابة؛ إذ الكل فيما يبدو منسجم مع

الديمقراطيات في المنطقة التي تفتح الأبواب على مصراعيها أمام أعداء الأمة

وتوصدها أمام أبنائها الشرفاء! !

* مؤازرة القوى العلمانية والتيارات البدعية خارج المؤتمر للحكومة

المؤتمرية في هذا القرار نتيجة وجود مصلحة مشتركة تجمع بينها في هذا الأمر؛

إذ القرار يصب في دائرة الحيلولة دون وجود جيل عقدي يمنعها من تحقيق شهواتها

ولا تنطلي عليه شبهاتها.

* نجاح القوم بمكرهم الكُبّار في تصوير الصراع على أنه بين حزبين كل

منهما يسعى إلى بسط نفوذه وتحقيق مصالحه على حساب الآخر، وتفريغه من أن

يكون في جوهره صراعاً عقدياً وفكرياً طرفه الأول: هوية الأمة (الإسلام) نفسها

ويقف خلفها القوى الخيرة في الأمة كافة داخل اليمن وخارجها، وطرفه الآخر:

طلائع الغرب وعلمانيو الأمة وجماعة من أهل الأهواء والبدع، والذين تهيأت

لبعضهم الظروف للهيمنة على الدولة اليمنية ومراكز صنع القرار داخلها تحت لواء

حزب المؤتمر، وهذا ما مكنهم من تحييد عامة المجتمع عن الولوج في الصراع،

والدخول في دائرته.

ولعل من أبرز ما دفع بحزب المؤتمر إلى التعجيل باتخاذ هذا القرار وتحمل

تبعاته ثلاثة أمور:

الأول: ما أثبتته الانتخابات المحلية الأخيرة من تنامي شعبية الإصلاح في

الشارع اليمني، وحصوله على قرابة30% من النتائج رغم عملية التزوير المنظم،

والتلاعب الصارخ من قِبَل المؤتمر، حتى إنه لجأ في بعض المواقع للحيلولة دون

فوز مرشحي الإصلاح إلى إنزال العسكر والذين قاموا بسفك الدماء وإزهاق الأرواح

لكي يفوز مرشحو المؤتمر! !

ومرد ذلك إلى أن القيادة العلمانية للمؤتمر فئة نخبوية جمعت بين الفساد

والإفساد، فخسرت بسبب ذلك الشارع اليمني، ولولا الضغط الرسمي والاجتماعي

وضخامة المبالغ المخصصة من قِبَلِ حزب المؤتمر للرشوة وشراء الذمم والعمل

الدؤوب على تزييف الحقائق ما كان لواحد من القوم أن يفوز.

وعندها لم تجد الفئة العلمانية التي تتربع على أمانة المؤتمر من وسيلة

للحيلولة دون تنامي شعبية الإصلاح صاحب التوجهات الإسلامية في الشارع اليمني

إلا القيام بإلغاء المعاهد الشرعية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم باعتبارها الأرضية

التي تتنامى شعبيته داخلها؛ وعليه فجزء من دوافع القرار سياسية هدفها تحسين

موقع حزب المؤتمر والإضرار بخصومه، وليس يعنيه بحال مصلحة الأجيال

ومستقبلها، ولا هو يمت إلى القضية التعليمية والتربوية بأي صلة، وما يقال من

أن دوافعه في ذلك حرصه على إلغاء الازدواجية القائمة في التعليم بين المعاهد

والمدارس والتي يخشى على وحدة المجتمع ومستقبل الأجيال منها، ومن ثم فقد كان

اتخاذها واجباً تفرضه الضرورة الدينية قبل الوطنية [5] دجل ومكايدة سياسية لا

رصيد واقعياً له؛ لأن زيادة حصص مادتي التربية الإسلامية واللغة العربية

المقررتين في المعاهد الشرعية لا يعني وجود ازدواجية ثنائية بينها وبين المدارس

العامة ما دامت الأهداف والسياسات واحدة، بل هو نوع من التخصص كالتخصص

في الطب والزراعة والإدارة والحاسوب، وعلوم ديننا ولغتنا أوْلى بأن تكون لها

المؤسسات المتخصصة في تعليمها والعناية بها من تلك العلوم السالفة على

ضرورتها، ولو كان الهدف الحقيقي هو رفع الازدواجية الثنائية في التعليم خوفاً

على مستقبل الأجيال ووحدة المجتمع لكان القرار صادراً بإلغاء المدارس الأجنبية

والمراكز الثقافية التي تقوم عليها جهات دولية ومحلية مشبوهة معتمدة لمفاهيم

ومناهج تربوية أجنبية تخالف المنطلقات العقدية والفكرية التي تقوم عليها العملية

التعليمية في البلد، ولكن يبدو أن ذلك النوع من التعليم فوق الرقابة، مع أنه يتم

فيها تربية أجيال يمنية متعاقبة من مرحلة الروضة بطريقة غربية صارخة بعيدة

ومتناقضة مع ثقافة الأمة والعادات والتقاليد المرعية.

أما ما يقال من أن دافع القرار هو العمل على محاربة الفساد المالي والإداري

داخل إدارة المعاهد فأمر مضحك يطول العجب منه؛ لأن القرار قد أوكل متابعة

إلغاء المعاهد إلى جهة فسادها يزكم من شدة فداحته الأنوف، والشارع اليمني في

هذا الأمر خير شاهد؛ إذ هو فقط الذي لا يمكنه أن ينسى الضعف الشديد في

مستوى المخرجات التعليمية للجامعات والمدارس، والعبث المالي والإداري في

القطاعات التعليمية والتربوية، والتصفية المتكررة للكفايات المتميزة داخلها،

ومسألة تسريب الامتحانات وبيع الشهادات والتلاعب بالنتائج التي تجاوزت في

السنوات الأخيرة في ظل القيادة المؤتمرية (الأمينة) لمؤسسات التعليم العام

والجامعي حد الظاهرة إلى المشكلة! !

الثاني: تعارض مخرجات التعليم الإسلامي في المعاهد الشرعية ومدارس

التحفيظ مع متطلبات التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي تهرول فيه حكومات

المؤتمر المتتابعة والقرارات التي تنوي قيادة المؤتمر اتخاذها للدخول فيما يسمى

بعصر العولمة بما تحمله في طياتها من تأثير على هوية الأمة، وطعن في

سيادتها، ونيل من كرامتها وعزتها وتقاليدها المحافظة، ولذلك كان لا بد من

الإعداد المسبق للأمر بالقيام بإلغاء ذلك العدد الكبير من المعاهد والمدارس لتجفف

منابع الصحوة طمعاً في أن يتم التمكن من سلبها عناصر قوتها هذا من جهة، ومن

الجهة الأخرى يتم إغراق الشباب ذكوراً وإناثاً في مستنقع الشهوات، وإشغال عامة

الأمة بلقمة عيشها؛ وعلى ذلك فلن يقف أحد حجر عثرة أمام سياسات القوم العابثة

وتحقيقهم لمصالحهم الشخصية الهابطة.

الثالث: أن المعاهد الشرعية أخذت على عاتقها العناية بتعليم الفتاة اليمنية في

معاهد خاصة بها بعيداً عن الاختلاط بين الذكور والإناث، وذلك فيما يبدو من

الأمور المقلقة للقيادة العلمانية المتنفذة في المؤتمر، والتي أخذت على عاتقها إفساد

المرأة اليمنية والمتاجرة بقضيتها.

والخلاصة التي يصل إليها المتابع هي: أن القرار في جوهره وجد بدافع

أيديولوجي تغريبي أصاب الأمة في أعز ما تملك، وهو الدين، مستهدفاً هوية

الشعب اليمني وأصالته، وساعياً إلى الحيلولة بين النشء والتدين، وعاملاً على

تشجيع التغريب وإفساح المجال أمام أعداء الأمة لتنفيذ مخططاتهم وتطبيق

سياساتهم، وهو مما يؤذن بتهديد السلم والوحدة الاجتماعية في اليمن والتي لا يمكن

أن تستمر بحال مع غياب الحرية، وممارسة النافذين لمزيد من الكبت يوماً بعد

آخر، وتنامي الشعور لدى الآخرين بالإحباط والظلم.

أضف إلى ذلك قضاءه على الدور الريادي الذي كان يقوم به اليمنيون في

تعليم الناس الإسلام ودعوتهم إليه؛ وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه؛ فهل يا ترى

يعي العقلاء في اليمن الخطر في ظل هذه التغيرات، وإلى أين تهوي قافلتهم؟ ! !

وإذا تجلى أن الأمر بهذه الخطورة تبين بأنه لا يتعلق بأهل اليمن وحدهم بل

إنه يمس الأمة كلها، ولذا فقد أحسنت جبهة علماء الأزهر صنعاً حين أصدرت بياناً

أوضحت فيه: بأن قرار إلغاء المعاهد الشرعية في اليمن قرار شديد الخطورة هز

مشاعر الأمة، والمقصود الحقيقي منه هو ابتلاع التعليم الديني في اليمن ومحوه،

كما أبان البيان بأن القرار تزامن مع صدور تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي

حذر من تنامي التيارات الإسلامية في الدول العربية، ودعا إلى تجفيف منابع الفكر

الديني الذي أفرز الإرهاب والعنف ويسعى إلى اغتصاب السلطة، ولفت البيان

الانتباه إلى أن العلمانيين العرب رسخوا دعوى أن التعليم الديني مسؤول عن

الإرهاب والعنف الذي مرت به بعض الدول العربية حتى أصبح بعضهم يطالب

بإغلاق الأزهر كما يطالب اليهود بإغلاق المسجد الأقصى، ثم أوضح البيان بأن

الإرهاب نتج وينتج عن ضعف العرب وضعف الوازع الديني والثقافة الإسلامية

الصحيحة، وناشد البيان الشعب اليمني وحكومته بحسم قضية المعاهد الدينية

الشديدة الخطورة بما يحقق لليمن هويته الإسلامية التي عرف بها وعاش سعيداً في

ظلها منذ فجر الإسلام إلى العصر الحديث.

كيف يمكن للدعاة مجابهة القرار؟

إذا تجلى بأن القرار بهذا النوع من الخطورة، وأن متخذيه قد أوتوا من

الحنكة والدهاء واستشراف المستقبل وعناصر القوة المادية والخبرة في إدارة

الصراع الشيء الكثير؛ فلا بد من استفراغ الوسع في المواجهة عمقاً وجهداً، وإلا

فإن مصير أمتنا مزيد من الذل والهوان وتتابع الفقدان للمكتسبات وعناصر القوة.

وحين نتحدث هنا عن المجابهة لذلك القرار والمخطط التغريبي الذي ينتمي إليه

فليس المراد وضع خطة لها، بل المراد تذكير من سيضعها ويعمل على تنفيذها من

العلماء والدعاة ببعض القضايا والجوانب الهامة التي لا بد من مراعاتها، والتي يعد

من أبرزها:

1 - ضرورة العناية بالتفسير الشرعي للحدث، والإدراك بأن رموز الأمة

الخيرة ومن يسير في فلكهم من العامة أُتُوا من أنفسهم قبل أن يؤتوا من قِبَل أعدائهم

في الداخل والخارج؛ لأنه ما نزل بلاء إلا بذنب، وما حلت مصيبة إلا بمعصية،

ولا رفع شيء من ذلك إلا بتوبة، والمظاهر الدالة على ذلك عديدة، من أهمها:

- ضعف الانضباط الشرعي تفكيراً وسلوكاً لدى عدد ليس بالقليل من أبناء

الصحوة نتيجة ضعف الحصيلة الشرعية، ولذا وجدنا ممن يُعَدُّ من الرموز

الإعلامية لحزب الإصلاح مَنْ يَعُدُّ قرار إغلاق المعاهد الشرعية فريضة وضرورة

، مؤكداً بأنه كان ينبغي على الإصلاح أن يدرك هذا الأمر مبكراً ويسارع بنفسه

للعمل على إغلاقها؟ ! ! [6] ، ووجدنا من يوصف بالتيار المعتدل داخل الإصلاح

يعارض بشدة لأي مظاهر احتجاجية سلمية على القرار ويشدد على ضرورة أن يقوم

الإصلاح بتهيئة أنصاره والمنتسبين إلى المعاهد العلمية لتقبل القرار والتعامل معه!

! [7] ، ووجدنا من يستخدم أثناء قيامه بالمواجهة أساليب غير منضبطة شرعاً

كأولئك الذين يرفعون الشعار الوطني بدل الإسلامي، ولا ينطلقون من رؤية

إسلامية جلية في التعامل مع الحدث، كما وجدنا من أبناء الصحوة وقياداتها من

يؤكد بأن الواجب الذي كان على الحكومة سلوكه هو القيام بإغلاق ذلك الغول الجديد

والكارثة المقبلة، وهو ما يعرف بالمدارس السلفية المتشددة بتفرعاتها المختلفة! !

[8] وغير ذلك من المظاهر كضعف الالتزام الذاتي بأحكام الإسلام، وتقديم العقل أو

ما يسمى بالمصلحة على النص الجلي، والولاء للأفراد والجماعات على حساب

الولاء للدين ...

وفي المقابل وجدنا سكوتاً شبه مطبق على القرار من قبل التيارات الإسلامية

خارج الإصلاح، وكأن الأمر لا يعنيهم متناسين المثل القائل: أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور

الأبيض، وفي الظن أن ذلك ناتج من عدم الإدراك الجيد منها لطبيعة المرحلة

والمتغيرات الضخمة التي تتضمنها، ومن عدم معرفتها بالموقف الشرعي الصحيح

الذي يجب التعامل مع الأحداث التي تمر بها البلاد على ضوئه.

- ومنها: تقصير الكثيرين الظاهر وضعف جديتهم في التعامل مع الحدث.

- ومنها: اهتمام كثيرين ممن ولج في الصراع بالأسباب المادية للغلبة،

وضعف عنايتهم بالأسباب الشرعية للنصر من دعاء لله تعالى وانطراح بين يديه،

والتوكل عليه سبحانه، وتفويض الأمر إليه، وتقواه عز وجل، والحذر من

معصيته، والاستعانة بالصبر والصلاة.

2 - ضرورة الالتفاف حول العلماء الربانيين والدعاة الصادقين، وستضمن

الصحوة عندها عدة أمور أهمها: تفعيل كثير من العلماء والدعاة وشباب الصحوة

والطاقات الخيرة، والانضباط الشرعي في التعامل مع الوقائع والأحداث،

وإضعاف أثر الشخصيات الدخيلة على الصحوة، أو من هو من أبنائها ولكنه غير

منضبط بالنصوص والقواعد الشرعية والذين من أبرز علامتهم بالإضافة إلى

انحراف مناهجهم وما هم عليه من زيغ وضلال وحب لمتع الحياة وشهواتها:

سعيهم الدؤوب لتشويه العلماء الربانيين والدعاة الصادقين، وتحذير شباب الصحوة

وعامة الأمة من التلقي والأخذ عنهم، وولاؤهم لأعداء الأمة ورموز الإفساد فيها،

مسوِّغين لانحرافاتهم وساعين لجعل سيئاتهم حسنات، وشرورهم خيرات. كما

ستضمن وقاية أبنائها من الاستدراج إلى معارك جانبية، ومن أن يدفعهم (الآخر)

إلى القيام بردود أفعال غير منضبطة لا تمت إلى المصلحة الشرعية بصلة.

3 - ضرورة تعميق الثقة وتقوية جسور التواصل والتعاون بين العلماء

والدعاة العاملين، باعتبار ذلك واجباً شرعياً وضرورة حتمية تفرضه متطلبات

الواقع؛ إذ الجميع مستهدف والخطر ضخم لا تقوى فئة دعوية بمفردها مهما بلغت

قوتها على التصدي له، وقد توجد أخطاء وقعت من هذا في حق ذاك أو العكس،

وهذه لا بد من التصارح فيها والتناصح أو التغافر حتى لا تبقى عقبة تحول دون

تحقيق الهدف المنشود.

4 - ضرورة الوضوح في إبانة طبيعة المعركة وأطرافها، وسيكون من ثمار

ذلك: إخراج الصراع من دائرة كونه بين حزبين حاكمين يسعى كل أحد منهما إلى

بسط نفوذه وتحقيق أهدافه وهذا ما يريده العلمانيون في المؤتمر، إلى جعله صراعاً

فكرياً عقدياً بين فئتين: الأولى: هي كل القوى الخيرة في مجتمعاتنا، والتي

يجمعها الحرص على المحافظة على هوية المجتمع اليمني وأصالته الإسلامية

وحريته واستقلاله، والحيلولة دون تمكن أعدائه منه، والثانية: نخبة علمانية

متنفذة في أمانة المؤتمر، هي طليعة للغرب في مجتمعنا، بذلت ما في وسعها

واستماتت في طمس هويتنا وتغيير قيمنا وحرمان أبنائنا من تعلم ديننا والعمل به

تحت شعارات براقة كالتحديث والتطوير والعدالة وتجاوز النظم القديمة والقيم البالية

! ! ! حفاظاً على مصالحها ومواقعها وإرضاء للقوى التي تعمل وتقف من خلفها،

وبهذا الخطاب العقدي يكون العلماء والدعاة قد أوجدوا دوافع المواجهة لدى جميع

أفراد مجتمعنا المسلم، واستطاعوا تجييش قطاع عريض من شرائح المجتمع

لمواجهة مخططات هذا الخطر الداهم والزحف الماكر، بالإضافة إلى أن في هذه

الخطوة الهامة إبانة للحق وتعرية للباطل وإعذار إلى الله تعالى بإقامة الحجة على

خلقه؛ ليختار كل أحد من الأمة الطريق الذي يرضى أن يقف به بين يدي ربه.

وقد يكون الحائل بين بعض أفاضل الدعاة وتنفيذ هذه الخطوة خوفهم من أن

يجر ذلك الصحوة إلى مزيد من الخسائر وفقدان المكتسبات، وفي ظني أن في هذا

قصوراً في التحليل والنظر؛ لأن للقوم مخططاً مرسوماً في تغريب جميع جوانب

المجتمع، وإن أرادوا دليلاً على ذلك فليستمعوا إلى صراخ القوم: اليوم المعاهد

وغداً المناهج وبعده الجامعات والمساجد، ولينظروا في عمليات الإقصاء الهستيري

لكل شخصية خيرية في قطاعات الجيش والأمن والدولة لا تخدمهم في تنفيذ

مخططهم سواء كانت من داخل حزب المؤتمر أو من خارجه، وفي الاستهداف

الصارخ لمحافظة المرأة اليمنية، والعمل الدؤوب لإغراق الجيل في مستنقع

الشهوات والشبهات،.. إلى آخر القائمة التي لا تخفى على متابع.

5 - ضرورة العمل الجاد والمبادرة إلى البدء بالأهم قبل المهم، والواجب قبل

المندوب؛ إذ الظاهر أن من أعظم الأسباب التي أوصلت إلى هذه الحالة هو تقاعس

بعض العلماء والدعاة وغفلتهم عن واجبهم بالكلية، وقيام بعضهم ببذل بعض الجهد

ولكن من دون دراسة لواقع، وتحديد لقصد، وترتيب لأولويات، ولعل من أعظم

الواجبات وأولى الأولويات: قضية الاهتمام بتعليم الناس كافة ذكوراً وإناثاً أمر

دينهم وتربيتهم على العمل به، بدلاً من الاكتفاء بقصر الجهد على أعمال نخبوية أو

سياسية.

6 - ضرورة إعادة العلماء والدعاة النظر في البرامج التعليمية والتربوية التي

يقدمونها لشباب الصحوة وعامة الأمة، والعمل على التجديد في وسائلها بما يتلاءم

والمتغيرات المحلية والدولية المعاصرة، ولعل من أبرز الأمور التي ينبغي العناية

بها: نزول كل قادر على تعليم الناس أحكام دينهم ومبادئ لغتهم إلى الساحة للقيام

بدوره، والعناية بتربية الأجيال على العقيدة الصحيحة، وتعليمهم مفاتيح العلوم،

وآليات البحث والاطلاع والتعلم الذاتي، ومهارات التفكير والإبداع وتحليل الواقع،

والحرص على الموضوعية أثناء تناول القضايا وتبني المواقف وإصدار الأحكام

تجاه الأحداث والجهات والأشخاص.

كما لا بد من تربية النشء على الكيفية التي يستطيع بها التعلق بالآخرة

والآليات التي تعينه على الاعتصام بالله تعالى من فتن الشهوات والشبهات التي

بدأت تموج في المجتمع كموج البحر نتيجة انتقاله من مرحلة المحافظة إلى ما

يعرف بمرحلة التحرر والانفتاح على الآخر في الفكر والسلوك! !

7 - أهمية الموازنة بين الدعوة والتعليم والتربية من جهة، وهي التي تعد

السبيل لحفظ هوية المجتمع وتشجيع قضية التدين داخله، وبين الأعمال الخيرية

والإغاثية من جهة أخرى، وهي التي لا بد منها للتخفيف على الناس في ظل

سياسة الإفقار والتجويع التي تعتمدها الحكومات المتتالية للمؤتمر، وتعد الوسيلة

الناجحة لتخفيف الشرور والمفاسد الأخلاقية والاجتماعية الناتجة عن ذلك،

والطريق الأنسب لتقريب الناس من الخير وتكوين صلات جيدة بينهم وبين علماء

الأمة ودعاتها الصادقين، بحيث يكون هناك اهتمام من قبل الدعاة بالأمرين معاً،

ولا يكون هناك مبالغة بالعناية بجانب على حساب آخر.

8 - ضرورة الاهتمام بتنمية مصادر التمويل الذاتي للأعمال الدعوية

والخيرية؛ لأن من يقرأ في صحف القوم ويستمع إلى تصريحاتهم ويستشرف

المستقبل الذي يخططون له يجد أن التركيز على محاصرة العمل الدعوي والخيري

وتجفيف مصادر تمويله سيكون على أشده في المرحلة القادمة.

9 - ضرورة دراسة العوامل التي مكنت النخبة العلمانية داخل المؤتمر من

النجاح، والعمل على إضعافها من جهة والاستفادة منها من جهة أخرى؛ وذلك لأن

الطريق الأيسر للنجاح يمر عبر تقليد الناجحين.

ولو أردنا أن نحلل عوامل نجاحهم لقلنا بأن أبرزها: وحدة القيادة ودهاؤها،

والتخطيط الجيد المعتمد على رؤية واضحة ورسالة جلية وأهداف محددة، والعمل

الدؤوب، وتراص الصف واجتماع الكلمة، وتسخير قدرات الدولة لصالحهم،

وامتلاكهم لزمام المبادرة وجعل العلماء والدعاة ومن خلفهم القوى الخيرة في المجتمع

في موقف الدفاع دائماً، وقدرتهم على اختراق صفوف الدعاة وتشتيتهم، والتشويه

الإعلامي الضخم للعلماء والدعاة أمام الجماهير، ونجاحهم في إقناع فئات عريضة

من أفراد المجتمع بأن أهداف الدعاة من الصراع سياسية لا عقدية.

وحين نريد أن نجعل الدعاة يستفيدون منها يمكننا أن نقول بأن على الدعاة

لكي ينجحوا في مقارعة القوم ورد خطرهم عن الأمة القيام بأمور عدة من أبرزها:

وضع خطة جلية للمواجهة تتضمن رسالة واضحة وأهدافاً محددة، وبذل الجهد

المتواصل لتحويل الأفكار إلى أعمال والخطط إلى برامج، ورص الصفوف وجمع

الكلمة وفق إجراءات عملية واقعية، وتنقية الصفوف الأمامية من الدخلاء وأصحاب

التوجهات المشبوهة، والتعامل مع الأحداث بعقلية دارسة ومتفحصة بعيداً عن ردود

الفعل المرتجلة، والعمل الدؤوب على امتلاك زمام المبادرة لجعل العلمانيين في

موقف الدفاع لا الهجوم أمام الأمة، ودراسة واقع العلمانيين لدعوة عقلائهم

والقريبين منهم إلى الحق من جهة، ولكي يتم تحديد نقاط الخلاف فيما بينهم ليتم بعد

ذلك استثمارها في تشتيت صفوفهم وتفريق جموعهم من جهة أخرى، والحديث عن

فضائح العلمانيين وصلاتهم بأسيادهم وحجم فسادهم بموضوعية عبر أرقام ووقائع،

وإبانة أن الصراع عقدي مرتبط بهوية الأمة وأصالتها لا سياسي مصلحي كما يريد

القوم أن يصوروه للناس.

10 - ضرورة ثقة العلماء والدعاة ومن خلفهم من القوى الخيرة بتحقيق

النصر والتمكين؛ وذلك لأن الله تعالى وعد أولياءه بذلك متى تهيؤوا للأمر وأعدوا

له عدته، ولأن غير الواثق بالأمر لا يناله؛ لأنه لا يبذل جهده ولا يستفرغ وسعه

في تحصيله، ولأن كيد الشيطان كان ضعيفاً مهما أجلب بخيله ورجله، ولأن

مقومات النصر المعنوية والمادية التي يملكها الدعاة الصادقون مع الله تعالى تفوق

الحصر ولا تكاد توصف.

وأخيراً: فنهيب بالخيِّرين من أبناء الأمة في أصقاع المعمورة أن يقوموا

بواجبهم تجاه إخوانهم في اليمن في هذه المرحلة العصيبة بكل ما يستطيعون من

نصح ومؤازرة، سائلين الله تعالى أن يحمي اليمن وأهله من مكايد أعدائه في

الداخل والخارج، وأن يحفظ علماءه ودعاته المصلحين، وأن يجنبه القلاقل والفتن،

ويحفظ عليه أمنه واستقراره؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015