قضايا دعوية
متعب بن مسعود الجعيد [*]
النجاح مطلبٌ مُلِحٌّ تتشوَّف إليه الأرواح الوثَّابة، وغايةٌ تتبارى الأنفس في
طلبها؛ بل النفس الطموح تكاد ألا تَمَلَّ من اللَّهث وراءه، والتضحية من أجله.
وهو مقصد الإسلام؛ فما جاء الإسلام إلا لسعادة الناس وإنجاحهم في أُولاهم
وأُخراهم؛ ولذا علَّم النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الخير دعاءاً يقوله ويواظب
عليه، فأمره أن يدعو بهذه الدعوات: «اللهم إني أسألك صحةً في إيمان، وإيماناً
في حسن خلق، ونجاحاً يتبعه فلاح، ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك
ورضواناً» [1] .
ومن قواعد النجاح العظمى ما يسمى بـ (التخطيط) ، فإن أنت رُمْتَ النجاح
فإنه لا بد أن تلج من بوَّابته، و «لا يمكن أن تتخذ أولى خطواتك على طريق
النجاح بلا خطة» [2] .
والتخطيط يدور على محاور ثلاثة:
أولها: الهدف؛ إذ لا بد للإنسان من هدفٍ يسعى إلى تحقيقه؛ فالسير بغير
هدف مضيعة للوقت والجهد، والسائر بدون هدف مثله كرُبَّان السفينة الذي لا
يعرف أين يتجه؛ فهو يخبط خبط عشواء، ويهيم على وجهه تتقاذفه الأمواج [3] .
وثانيها: الزمن؛ حيث يتعين جعل مدة زمنية لتحقيق ذلك الهدف.
فمتى «لم يكن لديك توقيت سليم للخطة؛ فإنك لا تستطيع الجزم بمتى
ستنتهي: اليوم، أو غداً؟ وستمتد الخطة إلى ما لا نهاية في المستقبل» [4] .
وثالثها: الوسائل والطرق الموصلة إلى تحقيق ذلك الهدف؛ فإذا لم يعرف
العامل الطريق الموصل إلى هدفه؛ فإنه لن يصل إلى مقصوده؛ ولذا يقول ابن قيم
الجوزية رحمه الله: «طالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة؛ بل إلى كل علمٍ
وصناعة ورئاسة؛ بحيث يكون رأساً في ذلك مقتدى به: يحتاج أن يكون شجاعاً
مقداماً حاكماً على وَهْمِه، غير مقهور تحت سلطان تخيُّله، زاهداً في كل ما
سوى مطلوبه، عاشقاً لما توجَّه إليه، عارفاً بطريق الوصول إليه والطرق القواطع
عنه» [5] .
ويقول أيضاً: «الجهل بالطريق وآفاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع
الفائدة القليلة» [6] .
تلك هي محاور التخطيط، ولكن ها هنا أمورٌ ينبغي مراعاتها:
أولاً: «لا تباشر التخطيط وبخاصة في الأمور المهمة إلا بعد الحصول على
قدرٍ كافٍ من الراحة والهدوء؛ واعتدال المزاج والشعور بالثقة وعدم القلق والتوتر
والإحباط؛ لأن التخطيط يحتاج منك إلى جميع قواك الذهنية من تفكير وتذكير
وخيال، وهذا لا يتأتى إلا عندما يكون الإنسان في الحالة الذهنية والنفسية والجسمية
المناسبة لذلك. وهذا في الأحوال الطبيعية، أما في الأحوال الاضطرارية،
فللضرورات أحكامها» [7] .
ثانياً: «الإنسان لا بد أن يكون في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب
طموح ونفسٍ توَّاقة لمعالي الأمور؛ فالحياة محدودة، والفرص قد لا تتكرر، ومن
قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها،
ولم يتسنَّ له الرقي إلى ذُرَاها وقممها» [8] .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «إن لي نفساً تواقة: تمنيت الإمارة
فنلتها، وتمنيت أن أتزوج بنت الخليفة فنلتها، وتمنيت الخلافة فنلتها، وأنا الآن
أتوق للجنَّة وأرجو أن أنالها» [9] .
ثالثاً: استشعر فضائل الهدف الذي تريد تحقيقه ومنافعه؛ فمتى كانت منافع
الهدف عظيمة كانت النفس أشد حرصاً على تحصيله؛ خلافاً لِما منفعته قليلة؛ فإن
الحركة تجاهه قطعاً ستكون ضعيفة [10] .
فطالب العلم الشرعي مثلاً الذي يهدف إلى أن يكون من أهل العلم والنُّهى إذا
استشعر فضائل العلم، وأن «ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام يُنتَفع به،
فكأنه حيٌّ لم ينقطع عمله، مع ما له من حياة الذكر والثناء» [11] : تتوق نفسه إلى
أن يجدَّ السير في طلب العلم واكتسابه، وأن يُشمِّر عن ساعد الجد وساقه،
ويستسهل في طريقه الصعاب، ويتلذذ بما يواجهه من مشاق.
رابعاً: وضوح الهدف أمرٌ رئيس في عملية التخطيط؛ ولذا يلزم المرء أن
يُعيِّن هدفه بدقة ووضوح؛ فمتى كان هدفه واضحاً فإنه حينئذٍ يمتلك المقدرة على أن
«يتجاوز العقبات والعراقيل، ويُنتِج في وقت قصير ما يحتاج غيره إلى أضعاف
الوقت حتى ينتجه» [12] .
خامساً: من الخطأ أن يبدأ الشخص بأهداف متعددة؛ لأن ذلك يُشتته ويضعف
قواه؛ بل المتعين عليه أن يبدأ بهدف واحد يجمع همَّه عليه، ويجعله أصلاً تندرج
تحته العديد من الأهداف [13] .
ويُشترط في الهدف أن يكون مشروعاً؛ لأن من الأهداف ما لا يجوز للفرد أن
يسعى له أو يفكر فيه، فضلاً عن أن يتصدى لإنجازه وتحقيقه، وذلك كالسعي في
الأرض بالفساد على اختلاف صوره، فهو وإن عاد على فاعله بلذَّةٍ أو نفعٍ عاجل؛
إلا أنه في موازين الحق مردود وباطل؛ كما قال تعالى: [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً] (الفرقان: 23) [14] .
ولا ريب أن النجاح والتفوق مطلبٌ ومقصد؛ إلا أن «سعينا لتحقيق النجاح
لا بد أن ينضبط بضوابط الشرع، ويلتزم بالآداب والوسائل المقبولة» [15] .
سادساً: يجب أن يكون الهدف واقعياً مقدوراً عليه؛ فلا يكون خيالياً، ولا
يعني هذا أن يكون سهلاً متواضعاً جداً، بل الأمران كلاهما التعلق بالأهداف
الخيالية، أو الانشغال بالأهداف المتواضعة مَضْيَعة للوقت، وإهدار للطاقات [16]
سابعاً: حتى يكون الهدف متحققاً يتعين تجزئته إلى أهداف مرحلية تكون
قصيرة المدى؛ لأنها إذا كانت كذلك فإن «من شأنها أن تقودك إلى تحقيق هدفك
على المدى الطويل؛ لأن أهداف المدى القصير ستوفر لك شعوراً بالنجاح على
أساس يومي، وستوفر لك خبرة ثمينة تساعدك في تحقيق الإنجازات» [17] .
وإعطاء كل مرحلة وقت بداية ووقت نهاية من الضرورة بمكان، ولْيؤخَذْ
بعين الاعتبار كون ذلك الوقت مناسباً، فلا يكون قصيراً لا يكفي لإنهاء العمل
فيُصاب العامل بعدها بالإرهاق والإحباط، ولا يكون أيضاً طويلاً فيصاب الإنسان
حينها بالفتور والتواني [18] .
ثامناً: اجعل تركيزك منصبّاً على جهة واحدة، واجمع كُلِّيتك على شيء واحد،
ف «إذا بدأت بشيءٍ فلا تتركه حتى ينتهي. إذا فعلت ذلك فإنك تنهي في يوم
أكثر مما ينهي الناس في أسبوع» [19] .
تاسعاً: «إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل
مع النفس بفعالية» [20] ؛ فالذي لا يحسن استغلال وقته أنى له أن يحقق أهدافه
فضلاً عن أن يكون ناجحاً في عمره وحياته؟
قال ابن عقيل رحمه الله: «إن أجلَّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو
الوقت؛ فهو غنيمة تُنتهَز فيها الفرص؛ فالتكاليف كثيرة، والأوقات خاطفة» [21] .
فالمتعين على العامل حينئذ أن يحدد الأولويات، وأن يعرف ما الذي يبدأ فيه،
وما الذي يؤخره وينحِّيه، وأن يقدم الأهم على المهم، والمهم على غير المهم،
والفاضل على المفضول [22] .
قال ابن الجوزي رحمه الله: «ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر
وقته، فلا يُضيِّع منه لحظة في غير قربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول
والعمل» [23] .
وليحذر المرء من الخلط بين الحركة والتقدم؛ فالحركة تكون في اتجاهات
مختلفة أو متضادة، بل قد تكون في المكان نفسه خلافاً للتقدم فإنه يكون إلى الأمام
نحو الهدف [24] .
عاشراً: عند وضع الخطة لا بد أن يكون التخطيط مرناً بحيث يُترَك وقتٌ
كافٍ للأعمال الطارئة غير المتوقعة، ف «الخطط اليومية الجامدة المحشوة أكثر
من اللازم تنهار عندما تحدث أزمة» [25] .
حادي عشر: إذا خطط الإنسان لتحقيق هدفٍ ما، وكان ذلك التخطيط بعد
رويَّة واستشارة: فلا يُفسدنَّ تخطيطه بالتراجع والنكوص، ولا يسمحن لنفسه أن
تتردد في ذلك، بل عليه أن يَغُذَّ السير حتى يُحقّق مبتغاه [26] .
قال الله تعالى: [فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ] (آل عمران: 159) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما راجعه بعض أصحابه في ترك الخروج
قبيل غزوة أحد: «إنه ليس لنبي إذا لبس لأْمَته أن يضعها حتى يقاتل» [27] .
ثاني عشر: لا بد من تقويم كل إنجاز «فمن الضروري أن تتوقف بين الفينة
والأخرى، وتعود إلى الوراء لتقيِّم إنجازك، وترى إلى أي مدى بلغت في سبيل
تحقيق هدفك، وستجد أنك سوف تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات الطفيفة بين
الحين والآخر لكي تصل إلى هدفك البعيد بشكل أفضل» [28] .
وهذا الفعل منك مدعاة لتحقيق النجاح؛ فأنت «لا تشعر بالنجاح حتى تعرف
أن عليك عدد كذا من الخطوات، وتعرف كم قطعت، وكم بقي عليك» [29] .
أسباب إخفاق التخطيط:
*من أعظم أسباب إخفاق التخطيط: عدم مقدرة الشخص على التكيف مع
المستقبل، والعجز عن معايشة الأحداث والوقائع المستقبلية مما يحول بينه وبين
النجاح فيما خطط له؛ وذلك أنه لا يشعر بالأمان من بقاء تخطيطه فترة طويلة؛
لأن المستقبل يحمل في طياته الكثير من النتائج غير الممكنة أو التي لم تكن متوقعة.
إلا أنه ينبغي على المخطط أن يأخذ في الحسبان أنه لا يعمل في عالم يتسم
بالصداقة والاستمرار دائماً، أو بالصراعات والاضطرابات أيضاً، بل يجب أن
يأخذ في الاعتبار أبعاد تلك التغيرات وخاصة العوامل الخارجية التي ربما تؤثر
بدرجة كبيرة في عملية التخطيط؛ ولذا لا بد أن يكون التخطيط مرناً حتى يتلاءم
مع التغيرات المتوقعة وإلا وجد المخطِّط نفسه تائهاً في مستقبل لا يستطيع
الاستمرار عليه [30] .
*من الأسباب أيضاً: المخطِّط ذاته، والعامل نفسه، وذلك بأن يكون المرء
غير قادرٍ على إدارة ذاته والالتزام بتخطيطه، فالانضباط الذاتي هو أساس التخطيط،
بل إن أعظم تخطيط وأفضل تدبير لا يُجْدِي ولا يساوي شيئاً إذا لم يكن من ينفذه
ويقوم به منضبطاً ذاتياً، وملتزماً بما خطط له [31] .
* ومن أعظم الأسباب: البيئة المحيطة بالفرد والتي تقلل من شأن التخطيط،
بل تقرر ضرورة البعد عنه حتى أصبحت العشوائية والفوضوية سمة بارزة لتلك
البيئة الموبوءة [32] .
ولا ريب أن الإنسان ابن بيئته، وأنه حساس بطبعه، فما لم يكن قادراً على
مدافعة ذلك وإلا فسينجرف ولا بد.
ومن الأسباب المؤثرة أيضاً: التسويف والتأجيل؛ فإذا كان العامل يؤجل
أعماله ولا ينجزها أولاً بأول، بل أصبح التسويف هِجِّيراً [**] له: فإن تخطيطه لن
يفلح لا محالة؛ لأنه قد لا يتمكن من إنجازه مستقبلاً [33] .
قال ابن حزم رحمه الله: «قلَّما رأيت أمراً أُمكِنَ فضُيِّع إلا فات، ولم يكن
بعدُ» [34] .
*آخر الأسباب: المبالغة في تطلُّب الكمال؛ فمن تطلَّب الكمال في كل عمل
يعمله فإنه قد رام محالاً؛ ولا يستطيع أن ينجز شيئاً؛ لأن الكمال عزيز ولا يكون
في عمل البشر، ولكن حَسْب المرء أن يبذل جهده، وأن يستفرغ وسعه في إنهاء
العمل وإتقانه، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُلُّه، وكم دَفَنَ تطلُّبُ الكمال أعمالاً كانت
تستحق أن تظهر في الوجود [35] .
تنبيهات ذات بال:
ثَمَّ تنبيهات ينبغي أن يُلتفَت إليها عند التخطيط:
أولها وأُسُّها، وقبل أن يخطط المرء لأهداف يريد تحقيقها، وأشياء يروم
نوالها: أن يجعل الله نصب عينيه، وأن يستعين به ويتوكل عليه؛ فلا حول ولا
قوة إلا به، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنه ليقف خاطري في المسألة
والشيء أو الحالة فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر،
وينحل إشكال ما أشكل.
قال: وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني
ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي» [36] .
وثانيها: على العامل أن يؤمن بقضاء الله وقدره، وأن يصبر على مُرِّه؛ فإذا
خطط وبذل وسعه وطاقته ثم لم يكلل سعيه بنجاح فلْيصْبر ولا يحزن، ولْتطب نفسه
بقضاء الله، ولْيعلمْ أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه،
ولْيجتهدْ ولا يتوقف عن مسيرته، بل يحاول المرة تلو المرة، فإن لم يصل بعد ذلك
إلى مبتغاه، ولم يتحقق ما كان يصبو إليه؛ فإن إخفاقه ذلك لا يلام عليه.
قال ابن الجوزي رحمه الله: «الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي، فينبغي لذي
الهمة ألا يقصر في شوطه، فإن سبق فهو المقصود، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم
يُلَم» [37] .
وثالثها: «اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة، وهو أعلم
الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل؛ فالعاقل الموفق هو من وجه حياته وعمله
وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة، ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في
شخصيته، فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها: مُستكنَّة في
أغوار المحيطات المظلمة، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء:
مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء، ولو اكتُشفت هذه وتلك لكان لهما شأن
آخر» [38] .
وأخيراً: ليعلم العامل أنه لا بد أن يعتري تخطيطه آفات، وتواجهه في
طريقه عوائق؛ إذ النجاح الكبير غالباً يسبقه إخفاق؛ فليس الناجح هو الذي لا
يسقط، بل الناجح حقاً هو الذي يقوم من سقوطه سريعاً، وقد استفاد من سقوطه،
وكما قيل: «وربما صحت الأجسام بالعلل» [39] .
وليعلم أيضاً أن ليس بين الإخفاق والنجاح إلا صبر ساعة، وأن العبرة ليست
بنقص البدايات، وإنما العبرة بكمال النهايات، وأن الناجحين لم يصلوا إلى ما
وصلوا إليه إلا بعد فشل أو إخفاق تعرضوا له وانتصروا عليه، ف «لم يقم أحدٌ
بالتوجه نحو هدف مهم إلا وقاسى مرات عديدة من الخيبة قبل تحقق الهدف» [40] .
ولْيصبر المرء وليصابر، ولْيتغلب على العقبات، ولا يستسلم للإخفاق؛ بل
عليه أن يعيد ويكرر مرات تلو مرات.
قال ابن سينا: «قرأت كتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو، فما فهمته حتى
قرأته أربعين مرة» [41] .