دراسات في الشريعة والعقيدة
راشد بن عبد الله العدوان
«إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب» ، هي كلمة حكيمة،
وحكمة نادرة، قالها الحافظ ابن حجر العسقلاني، في (فتح الباري شرح صحيح
البخاري) (3/4) .
والحافظ ابن حجر هو إمام أهل العلم بالحديث، وخاتمة الحفاظ، بل هو
المحدث الحقيقي الأبرز منذ القرن الثامن الهجري إلى الآن.
وقد قال هذه الحكمة الصادقة في شأن رجلٍ عالمٍ كبير من طبقة شيوخه وهو
(محمد ابن يوسف الكرماني) شارح البخاري إذ تعرض في شرحه لمسألة من دقائق
فن الحديث لم يكن من أهلها، على علمه وفضله، فتعرض لما لم يتقن معرفته،
والكرماني هو الكرماني، وابن حجر هو ابن حجر.
لقد وردت هذه الحكمة البليغة على خاطري، حين قرأت مقالاً نشرته مجلة
(العربي) في عددها (495) الصادر في شهر شوال لعام 1420هـ، ووجدتها
تنطبق على هذا المقال تمام الانطباق، وكأنها وضعت له، أو قيلت بادئ بدء في
شأنه.
لقد تعصب كاتب المقال لرأيه الشاذ مقلداً ومتبعاً ومغتراً بما ذهب إليه الإمام
ابن حزم - رحمه الله - من إباحة الغناء وآلات الطرب على اختلاف أنواعها في
رسالته الموسومة بـ «رسالة في الغناء الملهي، أمباح هو أم محظور؟» من
مجموعة رسائل ابن حزم الأندلسي، بتحقيق الدكتور «إحسان رشيد عباس»
مستمسكاً بشبهات واهية، وبحجج هشة، ضعَّف فيها الأحاديث الصحيحة الثابتة في
تحريم المعازف والغناء الملهي، وتصور يا أخي مبلغ الأثر السيئ الذي سيكون
لهذا المقال في قلوب القراء من الخاصة وطلاب العلم، فضلاً عن العامة، وذلك
لأمرين:
1- شهرة ابن حزم العلمية في العالم الإسلامي، وإن كان ظاهري المذهب لا
يأخذ بالقياس، خلافاً للأئمة الأربعة، وغيرهم.
2- غلبة الهوى على أكثر الناس؛ فإذا رأوا مثل هذا الإمام يذهب إلى إباحة
ما يتفق مع أهوائهم لم يصدهم شيء بعد ذلك من اتباع أهوائهم، بل قد يجدون فيما
يسمعون من بعض المشايخ ما يسوغ لهم تقليدهم إياه، كقولهم: «من قلد عالماً لقي
الله سالماً» ، وإن كان ابن حزم - رحمه الله - ينهى عن التقليد، ويحرمه أشد
التحريم.
يضاف إلى ذلك قلة العلماء الناصحين الذين يذكِّرون الناس بالحكم الصحيح
في هذه المسألة، والأحاديث الصحيحة الواردة فيها، وكثرة ما يكتب ويذاع مخالفاً
لها، فيتوهمون أن ما قاله ابن حزم صحيح، لا سيما وهم يقرؤون لبعض العلماء
المعاصرين بعض فتاوى تؤيد مذهبه، وتميل إلى إباحة الآلات الموسيقية، وإنكار
تحريمها، وتضعيف الأحاديث الواردة فيها، ضاربين عرض الحائط بالحُفَّاظ
المصححين لها ومذهب الأئمة القائلين بمدلولاتها، ومن هذا المنطلق، ونصحاً لله
ولرسوله ولكتابه وللمسلمين، سأقف مع الكاتب الدكتور بعض الوقفات في رد شبهه
وتمويهاته مستعيناً بالله تعالى.
* الوقفة الأولى: قال الدكتور في معرض حديثه عن حكم الغناء عند الفقهاء:
«بينما العنبري عبيد الله بن الحسن العنبري - القاضي والفقيه والمحدث - لا يرى
به بأساً، (أي: الغناء) ... إلى أن قال: ... في حين كان قاضي المدينة ومحدثها
إبراهيم بن سعد لا يرى به بأساً» اهـ.
قلت: وهذا الكلام مردود من وجوه:
الوجه الأول: أما إبراهيم بن سعد فقد ثبت عنه قوله بتحليل السماع، وقد
غلط من نسبه مذهباً لأهل المدينة بسبب قوله؛ فقد صح عن مالك أنه سئل عن
السماع، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق، أما عبيد الله بن الحسن العنبري فقد كفانا
ابن القيم - رحمه الله - مؤونة الرد على الدكتور حيث قال: «عبيد الله بن الحسن
العنبري قاضي البصرة مطعون فيه» [1] يعني في دينه، وقد ذكر ابن حجر في
ترجمته من التهذيب ما يدل على توبته، فهذه من زلات بعض العلماء التي أُنكرت
عليهم، غفر الله لهم [2] .
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: «قال الطبري: فقد أجمع علماء الأمصار
على كراهية الغناء والمنع منه، وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله
العنبري، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية» ،
ثم قال بعد ذلك بقليل: «فهذا قول علماء الشافعية، وأهل التدين منهم،
(أي: في تحريم الغناء) ، وإنما رخص في ذلك من متأخريهم من قل علمه،
وغلبه هواه» اهـ[3] .
قال ابن رجب - رحمه الله -: «وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي اتفاق
العلماء على النهي من الغناء إلا إبراهيم بن سعد المدني وعبيد الله بن الحسن
العنبري قاضي البصرة، وهذا في الغناء دون سماع آلات الملاهي، فإنه لا يعرف
عن أحد ممن سلف الرخصة فيه» اهـ[4] .
وقال: «وهذا الخلاف في سماع الغناء المجرد، فأما سماع آلات اللهو فلم
يُحْكَ في تحريمه خلاف» [5] .
الوجه الثاني: أن قولهم ليس بحجة، بل الواجب رده؛ لأنه من المحدثات،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد»
متفق عليه من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي رواية لمسلم والبخاري
تعليقاً مجزوماً به: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .
وقد ثبت تحريم الغناء والمعازف عن الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه
كثيرة، ولا قول لأحد مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال مجاهد: «ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله
ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم» .
الوقفة الثانية: قال الكاتب: «ورُوي عن الإمام أحمد بن حنبل في الغناء
ثلاث روايات: الحل، والكراهة، والحرمة..» .
وللجواب عن هذا أقول:
أما مذهب الإمام أحمد - رحمه الله - في سماع الغناء فقد بينه ابنه عبد الله،
قال: سألت أبي عن الغناء، فقال: ينبت النفاق في القلب [6] لا يعجبني، ثم ذكر
قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق.
وقال الحافظ: أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله -: «أما مذهب الإمام
أحمد - رحمه الله - فإنه كان الغناء في زمانه إنشاد قصائد الزهد، إلا أنهم لما
كانوا يلحنونها اختلفت الرواية عنه: فروى عنه ابنه عبد الله أنه قال:» الغناء
ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني «، وروى عنه إسماعيل بن إسحاق الثقفي: أنه
سئل عن استماع القصائد، فقال: أكرهه، هو بدعة، ولا يجالسون ... ، وروى
عنه أبو الحارث أنه قال: التغبير بدعة، فقيل له: يرقق القلب فقال: هو بدعة» .
«فهذه الروايات كلها دليل على كراهية الغناء ... » إلى أن قال: «فبان
من هذه الجملة أن الروايتين عن أحمد في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة،
فأما الغناء المعروف اليوم فمحظور عنده، كيف لو علم ما أحدث الناس من
الزيادات؟» انتهى كلام ابن الجوزي [7] .
وقد أجمع الأئمة الأربعة وأهل العلم على المنع من الغناء وآلات اللهو، وقد
حكى شيخ الإسلام ابن تيمية اتفاقهم على ذلك، فقال: «وآلات اللهو لا يجوز
اتخاذها، ولا الاستئجار عليها عند الأئمة الأربعة..
وقال: وأما الغناء المجرد فمحرم عند أبي حنيفة ومالك، وهو أحد القولين في
مذهب الشافعي، وأحمد، وعنهما أنه مكروه» .
* الوقفة الثالثة: قال كاتب المقال: «أما المرويات والمأثورات التي تحرم
الغناء والمعازف فلقد ثبت بمقاييس الرواية ومعايير الجرح والتعديل للرواة أن
جميعها مطعون فيه، وليس فيها حديث واحد صحيح (! !) ، ومع ذلك روَّجها
وأشاعها واستخدمها الذين لا دراية لهم بصناعة الحديث ومقاييس صحته..» ، ثم
ذكر كلاماً لابن طاهر وابن حزم في الطعن في الأحاديث الناهية عن الغناء.
وكلامه مردود من عدة وجوه:
الوجه الأول: تأمل قوله: (وليس فيها حديث واحد صحيح) ، وما فيه من
التلاعب بعقول القراء، والتمويه على الجهلة الأغبياء، كما لا يخفى على من نوَّر
الله قلبه بنور العلم والإيمان.
الوجه الثاني: أن في كلام الدكتور تجاوزاً ظاهراً؛ حيث زعم أنه لم يرد فيها
نص ثابت في تحريم الغناء وآلاته، وأين هو من الأحاديث الثابتة الصحيحة، ومن
ذلك:
1 - ما أخرجه البخاري في صحيحه (5590) من حديث أبي مالك
الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليكونن من
أمتي أقوام يستحلون الحِرَ [8] ، والحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلن أقوام إلى
جنب عَلَمٍ، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولون:
ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم
القيامة» .
2- ما أخرجه ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» بإسناد
حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في أمتي خسفاً ومسخاً وقذفاً، قالوا:
يا رسول الله! وهم يشهدون أن لا إله إلا الله؟ فقال: نعم، إذا ظهرت المعازف،
والخمور، ولبس الحرير» .
3- ما رواه عمرو بن الوليد بن عبدة عنه به مرفوعاً بلفظ:
«إن الله - عز وجل - حرم الخمر، والميسر، والكوبة [9] ، والغبيراء،
وكل مسكر حرام» أخرجه الإمام أحمد في المسند (6591) ، والبيهقي بإسناد
صحيح، إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة الصحيحة المروية عن جمع من
الصحابة - رضوان الله عليهم -.
الوجه الثالث: أن الأدلة ليست مقصورةً على الكتاب والسنة، بل يستدل بهما
وبالإجماع وبقول الصحابي إذا لم يعرف له مخالف منهم على القول الصحيح،
وبالقياس الصحيح عن جمهور العلماء، وبغير ذلك مما هو مقرر في كتب الأصول،
ولم يخالف في حجية الإجماع إلا أهل البدع والأهواء، ولا عبرة بخلافهم؛ حيث
إن الإجماع لا يكون إلا عن دليل سالم من الطعن والمعارض.
الوجه الرابع: عوَّلَ الكاتب على إعلال ابن طاهر وابن حزم للأحاديث
الصحيحة، مموهاً على القراء، وابن حزم الظاهري من العلماء الحفاظ، قال
الإمام الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (18/184) : «وكان ينهض بعلوم جمة،
ويجيد النقل، ويحسن النظم والنثر، وفيه دين وخير، ومقاصده جميلة،
ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة، ولزم منزله مكباً على العلم، فلا نغلو فيه،
ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار» ، وقال أيضا: «ولي أنا ميل إلى
أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير
مما يقوله في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع
بخطئه في غير ما مسألة» اهـ.
ولابن حزم - رحمه الله كلام - في الجرح والتعديل، والنقد والتعليل منثور
في مؤلفاته ومصنفاته.
فما هو موقف العلماء منه؟
قال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (4/198 - 202) في ترجمة
ابن حزم: «كان واسع الحفظ جداً، إلا أنه لثقته بحافظته كان يهجم على القول في
التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة» .
وقال العلاَّمة المحدث الألباني - رحمه الله -: «وابن حزم - مع علمه
وفضله وعقله - فهو ليس طويل الباع في الاطلاع على الأحاديث وطرقها
ورواتها» ، وقال بعد ذلك: «فينبغي ألاَّ يؤخذ كلامه على الأحاديث إلا بعد
التثبت من صحته وعدم شذوذه» [10] .
أما ابن طاهر - رحمه الله - فقد قال ابن حجر الهيتمي عنه: «وأما حكاية
ابن طاهر عن صاحب التنبيه أنه كان يبيح سماع العود ويسمعه، وأنه مشهور عنه،
وأن أحداً من علماء عصره لم ينكره عليه، وأن حلَّه هو ما أجمع عليه أهل
المدينة، فقد ردوا على ابن طاهر بأنه مجازف إباحي كذاب رجس العقيدة
بخسها..» (إلى أن قال) : «فإن ابن طاهر متكلَّم فيه عند أهل الحديث
بسبب الإباحة وغيرها» اهـ[11] .
الوقفة الرابعة: ذكر الكاتب الأحاديث التي أوردها ابن حزم - رحمه الله -
في رسالته قادحاً في رواتها، ومضعفاً لأسانيدها؛ ولذلك تعقبه العلماء - أهل
الحديث - في توهينه للأحاديث الصحيحة أو ذات الإسناد الحسن، وفيما يلي بعض
الأحاديث التي أوردها صاحب المقال، وسأعقبها بأقوال أهل العلم، فأقول وبالله
التوفيق:
1- حديث معاوية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تسع ...
منهن الغناء» قال ابن حزم في رسالته في معرض نقده لهذا الحديث ص434:
«وأما حديث معاوية فإن فيه كيسان، ولا يدرى من هو، ومحمد بن مهاجر،
وهو ضعيف» اهـ.
قلت: قد خالف ابن حزم الأئمة الحفاظ في هذا؛ حيث نقل أهل هذا الفن بأن
محمد بن مهاجر هذا ثقة، وثقه أحمد وابن معين ودحيم وأبو زرعة الدمشقي
وأبو داود ويعقوب بن سفيان وابن حبان والعجلي، ولم يجرحه أحد، فقول ابن
حزم: «ضعيف» غلط، لكن الحديث ضعيف لجهالة كيسان [12] .
2- نقل الكاتب من كلام ابن حزم قوله: «حديث سلام بن مسكين، عن
شيخ شهر بن مسعود يقول:» الغناء ينبت النفاق في القلب «في رواة هذا الحديث
شيخ لم يُسَمَّ، ولا يعرفه أحد» اهـ.
لكن هذا الأثر عن ابن مسعود صححه بعض أهل العلم، قال العلاَّمة
الألباني- رحمه الله -: «قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات [13] . وقد أشار
إليه ابن القيم في» إغاثة اللهفان « (1/248) ، وقال:» وهو صحيح عن ابن
مسعود من قوله «.
قال الألباني معقباً على قول ابن القيم:» ولكنه في حكم المرفوع؛ إذ مثله لا
يقال من قِبَل الرأي، كما قال الآلوسي في «روح المعاني» (11/68) «اهـ.
أما قول ابن حزم:» في رواة هذا الحديث شيخ لم يسمَّ، ولا يعرفه أحد «
فهذا» من سوء تصرف ابن حزم في الأحاديث، فإن عدم معرفته بأحوال الرواة لا
يستلزم سقوط الخبر، فقد يعرف غيره ما جهله « [14] ،» ومن المقرر عند العلماء
أن من عرف حجةٌ على من لم يعرف « [15] .
3- ثم ذكر كاتب المقال نقلاً عن ابن حزم - رحمه الله - تضعيف حديث
أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:» ليكونن من أمتي
قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف «.
ثم أورد إعلال ابن حزم لهذا الحديث بقوله:» لم يورده البخاري مسنداً،
وإنما قال فيه: قال هشام بن عمار، ثم هو إلى أبي عامر، أو إلى أبي مالك، ولا
يُدرى أبو عامر هذا «اهـ من رسالته.
فأعلَّه ابن حزم بعلتين، الأولى: الانقطاع بين البخاري وهشام، والأخرى:
جهالة الصحابي الأشعري.
والجواب عن قدح ابن حزم لهذا الحديث من وجوه عدة:
الوجه الأول: رد الإمام ابن القيم - رحمه الله - إعلال ابن حزم على هذا
الحديث في بعض كتبه؛ حيث قال في» تهذيب سنن أبي داود « (5/70م) :
» وقد طعن ابن حزم وغيره في هذا الحديث، وقالوا لا يصح؛ لأنه منقطع،
لم يذكر البخاري من حدَّث به، وإنما قال: (وقال هشام بن عمار) ! وهذا القدح
باطل من وجوه:
أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار، وسمع منه، فإذا روى عنه
معنعناً، حمل على الاتصال اتفاقاً [16] ، لحصول المعاصرة والسماع، فإذا قال:
(قال هشام) لم يكن فرق بينه وبين قوله: (عن هشام) أصلاً.
والثاني: أن الثقات الأثبات قد رووه عن هشام موصولاً:
قال الإسماعيلي في (صحيحه) : أخبرني الحسن: حدثنا هشام بن عمار ...
بإسناده ومتنه سواء، والحسن: هو ابن سفيان.
الثالث: أنه قد صح من غير حديث هشام:
قال الإسماعيلي في (الصحيح) : حدثنا الحسن، حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم، حدثنا بشر، حدثنا ابن جابر عن عطية بن قيس قال: قام ربيعة الجرشي
في الناس.. فذكر حديثاً فيه طول، قال: فإذا عبد الرحمن بن غَنْمٍ، فقال: يميناً
حلفت عليها، حدثني أبو عامر - أو أبو مالك الأشعري -: والله - يميناً أخرى -
حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن في أمتي قوم
يستحلون الخمر , وفي حديث هشام: الخمر والحرير، وفي حديث دُحَيمْ: الخَزَّ
والحرير والخمر والمعازف..» فذكر الحديث.
ورواه عثمان بن أبي شيبة: حدثنا زيد بن الخباب قال: أخبرني معاوية بن
صالح: حدثني حاتم بن حُريث عن مالك بن أبي مريم قال: تذاكرنا الطلاق،
فدخل علينا عبد الرحمن بن غَنْم، فقال: حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بلفظه.
الرابع: أن البخاري لو لم يلق هشاماً، ولم يسمع منه، فإدخاله هذا الحديث
في «صحيحه» وجزمُهُ به، يدل على أنه ثابت عنده عن هشام فلم يذكر الواسطة
بينه وبينه: إما لشهرتهم، وإما لكثرتهم، فهو معروف مشهور عن هشام، تغني
شهرته به عن ذكر الواسطة.
الخامس: أن البخاري له عادة صحيحة في تعليقه، وهي حرصه على
إضافته الحديث إلى من علقه عنه إذا كان صحيحاً عنده، فيقول: (وقال فلان)
(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وإن كان فيه علة، قال: (ويذكر عن
فلان) أو (ويذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
ومن استقرأ كتابه علم ذلك، وهنا قد جزم بإضافة الحديث إلى هشام، فهو
صحيح عنده.
السادس: أنه قد ذكره محتجاً به، مدخلاً له في كتابه (الصحيح) أصلاً لا
استشهاداً؛ فالحديث صحيح بلا ريب «انتهى.
وقال أيضاً في» إغاثة اللهفان « (1/258) بعد إيراده الحديث:» هذا
حديث صحيح، أخرجه البخاري في (صحيحه) محتجاً به، وعلقه تعليقاً مجزوماً
به.. «.
ثم قال:» ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئاً، كابن حزم،
نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع؛ لأن البخاري لم يصل
سنده به، وجواب هذا الوهم من وجوه ... «فذكر الوجوه آنفة الذكر، ثم قال:
» لو ضربنا عن هذا كله صفحاً، فالحديث متصل عند غيره ... «، ثم ذكر
من وصله.
وقال في» روضة المحبين «ص 130:
» ... وأما أبو محمد [ابن حزم] فإنه على قدر يُبْسه وقسوته في التمسك
بالظاهر، وإلغائه للمعاني والمناسبات والحكم والعلل الشرعية، إنْمَاعَ في باب
العشق والنظر وسماع الملاهي المحرمة، فوسَّع هذا الباب جداً، وضيَّق باب
المناسبات والمعاني والحكم الشرعية جداً، وهو من انحرافه في الطرفين حين رَدَّ
الحديث الذي رواه البخاري في (صحيحه) في تحريم آلات اللهو بأنه معلق غير
مسند، وخفي عليه أن.... . «، ثم رد عليه بنحو ما سبق، وقال:
» ... فأبطل سنة صحيحةً ثابتةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مطعن
فيها بوجهٍ «.
وقال العلاَّمة الزبيدي في» إتحاف السادة المتقين « [6/475] :
» والبخاري إذا علق شيئاً بصيغة الجزم يحتج به، ثم إن البخاري علقه عن
هشام بن عمار وقد لقيه، فيحمل على السماع، فالحكم حينئذ للوصل، كما هو
معروف في موضعه «اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في» الزواجر «ص460:
» ومن عجيب تساهل ابن حزم واتباعه لهواه أنه بلغ من التعصب إلى أن
حكم على هذا الحديث وكل ما ورد في الباب بالوضع وهو كذب صراح منه، فلا
يحل لأحد التعويل عليه في شيء من ذلك «.
وقال قبل ذلك:» وصح، (أي: هذا الحديث) من طرق خلافاً لما وهم فيه
ابن حزم فقد علقه البخاري، ووصله الإسماعيلي، وأحمد، وابن ماجه، وأبو
نعيم، وأبو داود بأسانيد صحيحه لا مطعن فيها، وصححه جماعة آخرون من
الأئمة، كما قاله بعض الحفاظ «اهـ.
» وخلاصة الكلام في هذا الحديث أن مداره على عبد الرحمن بن غنم، وهو
ثقة اتفاقاً، رواه عنه قيس بن عطية الثقة، وإسناده إليه صحيح، وعلى مالك بن
أبي مريم، وإبراهيم بن عبد الحميد، وهو ثقة، وثلاثتهم ذكروا (المعازف) في
جملة المحرمات المقطوع بتحريمها؛ فمن أصر بعد هذا على تضعيف الحديث فهو
متكبر معاند، ينصبُّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة، من
كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) الحديث، وفيه: (الكبر: بطر الحق وغمط
الناس) رواه مسلم « [17] .
وبهذا ينتهي الجواب عن العلة الأولى وهي الانقطاع التي زعمها ابن حزم
ومقلدوه، وتبين جلياً أنها (سراب) وبقي الجواب عن العلة الأخرى، وهي الشك
في اسم الصحابي، فأقول:
الجواب عن العلة الثانية: أن إعلال ابن حزم لهذا الحديث بسبب الشك في
اسم الصحابي، شبهة أشد ضعفاً عند العلماء، وفي ذلك قال الحافظ ابن حجر في
» الفتح « (10/24) :
» الشك في اسم الصحابي لا يضر، وقد أعله بذلك ابن حزم وهو مردود «.
فالصحابة - رضوان الله - عليهم كلهم عدول، فالشك غير قادح» وذلك؛
لأن الراوي عند تصريحه بالسماع من النبي صلى الله عليه وسلم ثقة من كبار
التابعين، بل قيل بصحبته؛ فهو من العارفين بصحبة محدثه عن النبي صلى الله
عليه وسلم، ولا سيما، وقد أكد ذلك بقوله: (والله ما كذبني) فلا يضرنا بعد ذلك
شكه وتردده ما دام أنه أخبرنا بصحبته « [18] .
» وقول ابن حزم: (ولا يدرى أبو عامر هذا) مردود عليه؛ إذ أبو عامر
صحابي، والصحابي ثقة، سواء عرف اسمه أم لم يعرف، أو عرفت كنيته أم لم
تعرف، كما هو مذهب جماهير أهل العلم « [19] .
والخلاصة: أن الشك في هذه الرواية ليس من وجوه الاضطراب في شيء
ولا يمكن القدح بسببه في هذه الرواية، فأبو عامر، أو أبو مالك كلاهما ثابت
الصحبة.
لذا قال العلامة العيني في» عمدة القاري « (21/175) رداً على من شكك
في صحة الحديث بسبب التردد في اسم الصحابي:
» هذا ليس بشيء؛ إذ التردد في الصحابي لا يضر؛ إذ كلهم عدول «.
قال الشيخ إسماعيل الأنصاري، بعد أن رد هذه الدعوى:» فبهذا تبين
اتصال الحديث وبطلان كلام ابن حزم فيه، ولذلك حذر العلماء من الاعتماد على
كلام ابن حزم فيه، كابن الصلاح في (مقدمة علوم الحديث) وابن كثير في
(الباعث) وابن عبد الهادي في (المحرر) ، والعراقي في (ألفية المصطلح)
وابن القيم في (تهذيب السنن) وفي (إغاثة اللهفان) ، وفي (روضة المحبين)
والحافظ ابن حجر في (فتح الباري) والعيني في (عمدة القاري) وغيرهم « [20] .
4- قال الدكتور معلقاً على حديث البخاري السابق:» وأنا أضيف إلى القدح
في إسناد هذا الحديث أنه يتكلم عن قوم يستحلون الزنا والخمر، ويقرنون مجالس
الزنا والخمر هذه بالمعازف التي أصبحت عوناً على الكبائر والفواحش، فليست
المعازف هنا مفردةً، ولا مرادةً لذاتها «اهـ.
أقول:» اجعل (أضيف) عند ذاك الكوكب « [21] ، فإن هذا التعليل فاسد
من وجوه:
أحدها: ليس في الحديث ما يدل على أن التحريم المذكور إنما هو على شرط
استحلال الخمر والزنا فقط، بل ظاهر الحديث يدل على أن التحريم المذكور مرتب
على مجموع ما ذكر فيه من استحلال الخمر والزنا والحرير والمعازف.
ثانياً: من عجيب أمر صاحب المقال عدوله عما يدل عليه ظاهر الحديث،
واتباعه للظن في ترتيب الوعيد على استحلال الخمر والزنا فقط، مع أنه من
المقرر أن الدين لا يؤخذ بالظن.
ثالثاً: أن التأويل الذي ذهب إليه الدكتور لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا
إجماع ولا قياس ولا قول صحابي، وما لم يكن عليه دليل فليس عليه تعويل.
5- حديث أبي مالك الأشعري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:» يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، تضرب
على رؤوسهم المعازف والقينات، يخسف بهم الأرض «ضعفه ابن حزم،
وتبعه الكاتب مقلداً، وقد صححه ابن القيم في موضعين من» الإغاثة «
(1/347 و 361) .
وقال:» وهذا إسناد صحيح «وتبعه السيوطي في» الجامع الصغير «
والمناوي في» فيض القدير «، وانظر مجموع الفتاوى (11/57) ، وصيانة
مسلم لابن الصلاح (82، 83) .
كما أن الألباني صححه كما في» تحريم آلات الطرب «ص45، وفي
» سلسلة الأحاديث الصحيحة « (رقم 1887) .
6- حديث عقبة بن عامر الجهني:» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كل شيء يلهو به الرجل فباطل إلا رمي الرجل بقوس، أو تأديبه فرسه، أو
ملاعبته امرأته، فإنهن من الحق «، وقال ابن حزم:» وفي رواة هذا الحديث
عبد الله بن زيد بن الأزرق وهو مجهول.. وللحديث طريق آخر، في رواته:
خالد بن زيد وهو مجهول «.
والجواب عن هذا أن يقال:
» هذا الحديث جيد الإسناد، رواته كلهم ثقات، وقد رواه الدارمي والترمذي
وابن ماجة في سننهم من طريق هشام الدستوائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن
«وعبد الله بن زيد بن الأزرق معروف عند أهل العلم، وقد وثقه ابن حبان وحسن
حديثه الترمذي، وقال الحافظ ابن حجر في (التقريب) : إنه مقبول.
أما خالد بن زيد فقد قال عنه الحافظ في (تهذيب التهذيب) : خالد بن زيد بن
خالد الجهني ذكره ابن حبان في (الثقات) » [22] .
وصححه العلاَّمة الألباني - رحمه الله - في «الصحيحة» (1/627) .
7- حديث: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أن يكون أربعة:
ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين،
وتعليم الرجل السباحة» ثم ذكر إعلال ابن حزم له ... إلى أن قال ابن حزم: «ثم
إن هذا الحديث ليس فيه تحريم ... فاللعب - كما في هذه الرواية و (السهو واللغو)
كما في روايته الأخرى - غير التحريم» .
والجواب أن يقال: قد صحح هذا الحديث الحافظان: عبد العظيم المنذري،
وابن حجر العسقلاني، وهما أعلم بالرجال وجيد الأسانيد وضعيفها من ابن حزم،
قال ابن حجر في الإصابة: «رواه النسائي بإسناد صحيح، وقال الحافظ المنذري
في (الترغيب والترهيب) : رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد» .
أما قول ابن حزم: «ثم ليس فيه إلا أنه سهو ولغو وليس فيه تحريم» .
فجوابه: أن يقال: إن المراد باللغو - كما في حديث: «كل شيء ليس من
ذكر الله - عز وجل - فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال ... » الحديث: هو
الباطل، وكما تقدم ذلك صريحاً في رواية عبد الله بن الأزرق [23] . وصححه
الألباني كما في «صحيح الجامع» (4534) .
8- حديث أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمسخ قوم
من أمتي في آخر الزمان قردة وخنازير، قالوا: يا رسول الله! يشهدون أن لا إله
إلا الله، وأنك رسول الله؟ قال: نعم! ويصلون ويصومون ويحجون، قالوا: فما
بالهم يا رسول الله؟ قال: اتخذوا المعازف والقينات والدفوف ويشربون هذه
الأشربة، فباتوا على لهوهم وشرابهم فأصبحوا قردة وخنازير» .
ثم أعله ابن حزم بقوله: «هذا الحديث مروي عن رجل لم يُسَمَّ ولم يُدْرَ من
هو» .
أقول: حُكْمُ ابن حزم على هذا الحديث بالسقوط، لكونه لم يعرف بعض من
فيه من الرواة، دعوى لا زمام لها ولا خطام، ولو أن كل من جهل أحداً من
المحدثين حكم بسقوط حديثه، لسقط كثير من الأحاديث الصحيحة؛ لأنه ليس أحد
من العلماء يحيط علماً بجميع الرجال، وشاهد ذلك كتب الجرح والتعديل وأسماء
الرواة؛ فإنه يوجد في بعضها ما لا يوجد في بعضها الآخر، ويخفى على بعض
العلماء ما لا يخفى على غيره.
وأقول أيضاً: إنه ثبت أن هذا الحديث إسناده حسن كما بين ذلك الشيخ عبد
الله الجديع - حفظه الله - في كتابه القيم: «أحاديث ذم الغناء والمعازف في
الميزان» ص 36 وما بعدها؛ فليراجعه من شاء.
9- حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول صلى الله عليه
وسلم: «من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلوا عليه» ، قال ابن حزم:
«هاشم وعمر مجهولان، ومكحول لم يلق عائشة» .
الجواب أن يقال: «هذا حديث ضعيف كما قاله ابن حزم، وليس هو مما
يحتج به القائلون بتحريم الغناء كما زعم ذلك ابن حزم، وإنما يذكرونه وأمثاله
للاستئناس والاستشهاد، وفي الأحاديث الصحيحة غنية عنه وعن أمثاله من
الأحاديث الضعيفة» [24] .
10- قال الدكتور نقلاً عن ابن حزم: «حديث ابن شعبان عن ابن عباس -
رضي الله عنهما - في قول الله عز وجل: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ
لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ] (لقمان: 6) ، قال: الغناء، وأحاديث ابن شعبان هالكة» .
أقول: إن تفسير [لَهْوَ الحَدِيثِ] (لقمان: 6) بالغناء قد ثبت عن عدد من
الصحابة منهم:
ابن عباس - رضي الله عنه -، كما روى ذلك البيهقي في سننه
(10/ 223) ، والبخاري في الأدب المفرد، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس»
(ص 231) وغيرهم، وروى البخاري في تاريخه الكبير (4/217) عن عكرمة
(لهو الحديث: الغناء) وعكرمة وارث علم ابن عباس.
وقد ورد أيضا من قول ابن مسعود - رضي الله عنه - كما أخرج ذلك
البيهقي في السنن (10/223) ، وفي شعب الإيمان، وابن الجوزي في
«التلبيس» ص 231؛ حيث سئل عن هذه الآية، فقال: هو الغناء؛ والذي لا
إله إلا هو يرددها ثلاث مرات، وإسناده حسن [25] .
وكذلك ورد عن عدد من التابعين منهم: قتادة، وعكرمة، وإبراهيم النخعي،
ومجاهد، وغيرهم.
11- ثم قال الكاتب تحت عنوان: «الحرمة للتوظيف لا للذات» .
قال: «ثم إنه مع التسليم بأن المراد باللهو هنا الغناء، فهو ليس مطلق الغناء،
ولا كل الغناء، وإنما هو الغناء الذي يتخذه المشركون ليضلوا عن سبيل الله،
وليتخذوا سبيل الله هزواً.. فحرمته ليست لذاته وإنما لتوظيفه في الإضلال عن
سبيل الله، وكل ما يضل عن سبيل الله حرام حتى ولو كان واجباً، أو مندوباً في
ذاته» .
فأقول جواباً على ذلك: إن الدكتور نسي أو تناسى - وكلاهما مر - أن اللام
في قوله تعالى: [لِيُضِلَّ] (لقمان: 6) إنما هي لام العاقبة كما في تفسير
«الواحدي» ، أي: ليصير أمره إلى الضلال، كما قال ابن الجوزي في
«زاد المسير» (/317) ، فليس هو للتعليل.
ومن خلال ما تقدم، تبين المدى الذي وصل إليه الكاتب متابعاً ابن حزم من
توهين الأحاديث الصحيحة، وتبين أنها مجرد جعجعة بدون طحن، ولولا خشية
الإطالة لتتبعت الكاتب في سائر ما ذكر، لكن في هذا القدر كفاية لمن ألقى السمع
وهو شهيد، والله المستعان.